كشف تقرير لشبكة "سي إن إن" الأمريكية، أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أطلق حربا على أوروبا دون أن يطلق رصاصة واحدة، مؤكدة أنه استطاع خلال الأسابيع الماضية أن ينقل الحرب من أوكرانيا إلى القارة العجوز ليجعل ملايين الأوروبيين يعيشون أجواء صراع ظلوا بعيدين عنه إلى حد كبير.
وسلطت الشبكة الضوء على حالة الفزع التي تشهدها عدة دول أوروبية بعد أن نجحت روسيا في اختراق أجوائها، وتسببت طائراتها المسيرة في شل حركة الطيران في عدة مطارات أوروبية، كان آخرها مطار كوبنهاجن قبل يومين.
ونقلت عن رئيسة الوزراء الدنماركية، ميتي فريدريكسن، قولها: "ينبغي على أوروبا أن ترى هجمات هجينة أكثر عنفًا وتواترًا كواقع جديد". لكنها لم تذكر روسيا كمتهم مباشر ربما لعدم وجود أدلة حتى الآن، رغم أنها أصبحت تشكل تهديدا رئيسا لأوروبا.
ويشير التقرير إلى أنه بعد ثلاثة أيام من إغلاق المطارات، والتقارير التي أفادت برصد سفينة عسكرية روسية قبالة سواحلها مع إيقاف تشغيل أجهزة الإرسال والاستقبال الخاصة بها، لا يزال المسؤولون الدنماركيون لا يعرفون من المسؤول عن الهجمات.
وأقرّ ألكسوس غرينكيفيتش، القائد الأعلى للقوات الأمريكية في أوروبا، بمخاطر الإجابات الخاطئة المتسرعة والمتأخرة، كما أعلنت الاستخبارات العسكرية الدنماركية مساء الخميس أنها لم تتمكن من تحديد هوية الجناة، بينما صرّح رئيس شرطة الأمن الداخلي الدنماركية (PET) بأن "خطر التخريب الروسي في الدنمارك مرتفع".
ويرى محللون أن الاستهداف الروسي للدنمارك ـ إن تم التأكد منه ـ فقد يكون مبررا لأن الدنمارك صريحةٌ في تعاملها مع تهديد بوتين. فقد زوّدت أوكرانيا بطائرات إف-16، وستساعدها في بناء طائراتٍ مُسيّرة، وتُجهّز نفسها بصواريخ بعيدة المدى في إطار جهود الردع.
وفي ظل عدم الكشف عن الجهة المسؤولة عن إطلاق هذه المسيرات، وسط رفض روسي للاتهامات الغربية لها، يرى محللون أن توسع هذه الفوضى والرد الأوروبي الضعيف عليها، جعل الأوروبيين يتوصلون لاستنتاجات بأن الرئيس الروسي، جلب لهم الحرب، التي أصبحت على أبواب أوروبا، بينما تطالب فيها إدارة ترامب أوروبا بأن تكون أكثر مسؤولية في دفاعها عن نفسها.
ويرى خبراء عسكريون أن روسيا نجحت في إشغال الدول الغربية بنفسها بدل الاندفاع لمساعدة أوكرانيا، وأن الحالة الراهنة، قد تؤدي مؤقتا إلى تشتيت انتباه صناع السياسات والميزانيات الأوروبية عن المهمة الأكثر خطورة والأكثر أهمية المتمثلة في الخطر الذي تشكله أوكرانيا على الخطوط الأمامية.
ويؤكد تقرير "سي إن إن" أن الاضطرابات الهجينة التي شهدتها أجواء دول أوروبية أعضاء في الناتو، يتوقع أن تضيف أعباء إضافية على ميزانيات الدفاع المتوترة في أوروبا، وظهر ذلك جليا من خلال مهمتين فوريتين مكلفتين، بما فيها تعزيز المرونة في البنية التحتية ضد الطائرات بدون طيار والقراصنة، والدفاع الجوي واسع النطاق وثابت ومكلف ضد الطائرات بدون طيار والطائرات الروسية عبر حدودها الشرقية بالكامل.
ولم تُضاهِ تكلفة الدفاع ضد العديد من الطائرات المسيرة الرخيصة الكفاءة الاستثنائية التي يُمثلها هذا التهديد الجديد. حيث تستطيع طائرة إف-35 هولندية إطلاق صواريخ بقيمة عشرات الآلاف من اليوروهات لإسقاط طائرة مسيرة من نوع "شاهد" مصنوعة من البوليسترين، قيمتها 30 ألف دولار، في بولندا. لكن هذا لا يُمكن تحمله على المدى الطويل، ويترك خيارًا مُحرجًا بين عدم اعتراض المُتسللين نظرًا لتكلفته الباهظة، أو إنفاق الملايين شهريًا على الدفاع المتين واللامحدود للمجال الجوي لحلف الناتو.