يرى مراقبون أن توقيت فرض فرض عقوبات أمريكية جديدة وغير مسبوقة على الرئيس الكوبي ميغيل دياز-كانيل، بالتزامن مع الذكرى الرابعة للاحتجاجات، ليس بريئاً، في ظل التغير السياسي بواشنطن.
فبينما أبدت إدارة بايدن قدراً من الانفتاح على كوبا، جاء القرار الجديد ليعكس توجهاً أكثر صرامة مع عودة دونالد ترامب إلى الواجهة، لا سيما أن الرئيس السابق كان قد ألغى عدداً من التسهيلات التي أقرّها سلفه باراك أوباما تجاه كوبا.
وأعلنت الولايات المتحدة، يوم الجمعة، فرض عقوبات جديدة وغير مسبوقة على الرئيس الكوبي ميغيل دياز-كانيل، على خلفية ما وصفته بـ"دوره المباشر في قمع الاحتجاجات الشعبية" التي هزّت الجزيرة في يوليو/تموز 2021.
وفتح هذا القرار الباب أمام تساؤلات سياسية حول توقيته: هل تخضع العقوبات للمزاج السياسي في واشنطن؟ ولماذا جاء هذا التصعيد بعد عودة دونالد ترامب، لا في عهد بايدن الذي سبق وخفّف الضغط عن كوبا؟، بحسب صحيفة "لوموند" الفرنسية.
وقال وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، في منشور على منصة "إكس"، إن العقوبات تشمل قيوداً على منح التأشيرات لدياز-كانيل، بسبب "مسؤوليته عن وحشية النظام ضد الشعب"، في إشارة إلى الحملة الأمنية التي طالت متظاهرين سلميين قبل 4 سنوات.
وقالت صحيفة "لوموند" الفرنسية إن العقوبات لم تقتصر على الرئيس الكوبي، بل طالت أيضاً شخصيات أمنية بارزة، منها وزير الدفاع ألفارو لوبيز مييرا ووزير الداخلية لازارو ألبرتو ألفاريز كاساس، بالإضافة إلى عدد كبير من المسؤولين القضائيين والسجينين المتهمين بـ"التورط في الاعتقالات التعسفية، وتعذيب المحتجّين".
وكانت مظاهرات 11 و12 يوليو 2021، التي شهدتها مدن كوبية عدة، قد وصفت بأنها الأكبر منذ الثورة الكوبية العام 1959. وعلى إثرها، حُكم على مئات الكوبيين بأحكام وصلت إلى 25 عاماً من السجن. ورغم الإفراج عن بعض المعتقلين في الأشهر الأخيرة، فإن كثيراً من المتظاهرين لا يزالون وراء القضبان، وفقاً للصحيفة الفرنسية.
وكانت إدارة الرئيس السابق جو بايدن، قد رفعت اسم كوبا من القائمة السوداء للدول الراعية للإرهاب، في يناير/كانون الثاني، ما مهّد لاتفاق رعاه الفاتيكان يقضي بالإفراج عن 553 سجيناً سياسياً. إلا أن تلك الخطوة أُجهضت، لاحقاً، بعد أن ألغت واشنطن القرار في عهد ترامب، ليُعاد تشديد العقوبات مجدداً.
وردّ وزير الخارجية الكوبي، برونو رودريغيز، بغضب على القرار الأمريكي، قائلاً: "يمكن للولايات المتحدة فرض عقوبات، وشنّ حرب اقتصادية طويلة، لكنها لن تتمكن من كسر إرادة الشعب الكوبي أو قيادته"، وفق ما نشره على حسابه في "إكس".
كما اتّهمت واشنطن السلطات الكوبية بـ"تعذيب المعارض التاريخي خوسيه دانييل فيرير"، المعتقل في شرق البلاد، وطالبت بتقديم "دليل حياة فوري" يؤكد وضعه الصحي. وكان فيرير قد أُفرج عنه ضمن الاتفاق مع الفاتيكان، قبل أن يُعاد اعتقاله عقب سحب الإفراج المشروط.
في خطوة رمزية، أدرجت الولايات المتحدة فندقاً حكومياً مكوّناً من 42 طابقاً تم افتتاحه حديثاً في هافانا، ضمن قائمة الأماكن المحظورة على الأمريكيين.
وقال وزير الخارجية الأمريكي إن هذه الخطوة تهدف إلى "منع وصول الدولار الأمريكي إلى آلة القمع التابعة للنظام الكوبي".
وأضاف روبيو: "بينما يعاني الشعب الكوبي من نقص في الغذاء والمياه والأدوية والكهرباء، يهدر النظام المال على مشاريع تلميع صورته".