logo
العالم

برلين على خط النار .. ألمانيا في قلب مواجهة محتملة بين الناتو وموسكو

قوات لحلف الناتوالمصدر: أ ف ب

في ظل تصاعد التوترات بين روسيا وحلف شمال الأطلسي، تتجه الأنظار نحو ألمانيا باعتبارها القاعدة المركزية للناتو، حيث تستعد برلين لاستضافة نحو 800 ألف جندي على "الجناح الشرقي" للحلف في حالة نشوب صراع مع موسكو، وذلك ضمن ما يعرف بخطة "عملية ألمانيا".

وتعد هذه الوثيقة السرية التي تضم أكثر من 1000 صفحة الإطار الاستراتيجي لنقل القوات والمعدات من مختلف دول الحلف، في حال تفعيل المادة الخامسة من معاهدة الناتو.

وتتضمن الخطة تحويل ألمانيا إلى مركز لوجستي رئيسي لإدارة وتحريك قوات الناتو، مع التزام بإتمام عمليات النشر خلال 180 يوماً من بدء أي صراع محتمل. 

وتشمل الاستعدادات تأمين البنية التحتية الحيوية، وضمان حماية خطوط النقل والطاقة والمعلومات، إضافة إلى تعزيز الدفاع الصناعي الأوروبي. 

ونصت الخطة على ضرورة رفع مستوى الاستعداد لدى الشركات والمواطنين الألمان، بما في ذلك توفير مولدات الطاقة الاحتياطية وأنظمة الدفاع المدني، لضمان استمرارية العمل في ظل أي تهديد عسكري.

أخبار ذات علاقة

كوستي سالم مع نموذج لصاروخ مارك 1

"مارك 1".. أوروبا تراهن على صاروخ بحجم "الرغيف الفرنسي" لحمايتها من روسيا

 

وتستعد روسيا بدورها من خلال تطوير ترسانتها العسكرية، بما في ذلك الصواريخ طويلة المدى والغواصات النووية، وزيادة إنتاج الطائرات المسيرة، بالإضافة إلى تعبئة قوات بشرية تصل إلى 1.5 مليون جندي في المرحلة المقبلة. 

وتستمر موسكو في تحديث قواتها المسلحة بوتيرة سريعة، ما يجعل الفترة الحالية بين عامي 2025 و2029 حرجة، حيث ستصل روسيا إلى ذروة قدراتها العسكرية بعد إعادة تأهيل المعدات وتدريب القوات.

ويعود اختيار ألمانيا كمركز للناتو لعدة عوامل استراتيجية، أبرزها موقعها الجغرافي في قلب أوروبا، وحجمها الكبير، ما يجعلها نقطة عبور رئيسة للقوات أثناء مناورات الناتو الدولية. 

وتعتبر قاعدة رامشتاين الجوية حيوية للنقل الجوي والدفاع الجوي، بينما تستضيف شتوتغارت قيادة عمليات أوروبا وأفريقيا، وفيسبادن القيادة العامة للجيش، كما يتم تدريب القوات في جرافنفور، ما يجعل ألمانيا محور تنسيق وتحريك القوات.

وتتواجد القوات الأمريكية في أكثر من 38 قاعدة أوروبية، بينها 20 قاعدة على الأقل داخل ألمانيا، ما يضيف بعداً أمنياً واقتصادياً مهماً. 

وأعلن وزير الدفاع الألماني عن نشر لواء دائم قوامه 4800 جندي في ليتوانيا، ما يعكس دور ألمانيا في حماية الجناح الشرقي وتأكيد حضورها العسكري المباشر.

وتظهر التطورات أن ألمانيا ستلعب دورًا محوريًا في أي مواجهة مستقبلية مع روسيا، بما يجعل أوروبا بأكملها في حالة استنفار قصوى، وسط سباق تسلح متصاعد واستعدادات شاملة على كافة المستويات العسكرية والمدنية، مما يجعل الفترة المقبلة حاسمة لتحديد مسار أي صراع محتمل.

أخبار ذات علاقة

آثار الحرب في دونيتسك

الكرملين: روسيا تريد إنهاء الحرب في أوكرانيا لكن عملية السلام متعثرة


قدرات الجناح الشرقي للحلف

ويرى الخبراء أن ألمانيا قد تتحول إلى القاعدة العسكرية المركزية للناتو في حال نشوب صراع مع روسيا، نظرًا لموقعها الاستراتيجي القريب من مقاطعة كالينينغراد، وقوتها الاقتصادية والصناعية الضخمة، وقدرتها على دعم نشر ما يصل إلى 800 ألف جندي على الجناح الشرقي للحلف. 

ويشير الخبراء في تصريحات لـ«إرم نيوز» إلى أن أوروبا تسعى لتعزيز قدراتها الدفاعية والردع العسكري بعد تراجع الثقة بالولايات المتحدة كضامن رئيس لأمن القارة، فيما تستعد روسيا بدورها من خلال تطوير ترسانتها الصاروخية والغواصات النووية. 

ويوضح الخبراء، أن هذه الاستعدادات تعكس سباق تسلح متصاعدا، يجعل أي مواجهة محتملة بين الناتو وروسيا شديدة الخطورة، مع احتمالات توسع رقعة الصراع واستمراره لفترة طويلة لتجهيز الحلف والدول الأوروبية عسكرياً واستراتيجياً.

وقال د. نبيل رشوان، المحلل السياسي والخبير في الشؤون الروسية، إن ألمانيا تُعد القاطرة الاقتصادية والعسكرية للاتحاد الأوروبي، مشيراً إلى أنها تضم أكبر قاعدة عسكرية أمريكية في أوروبا.

وأشار في تصريحات لـ«إرم نيوز» إلى أن قرب ألمانيا الجغرافي من روسيا، وخاصة من مقاطعة كالينينغراد، يجعل منها نقطة انطلاق محتملة لأي هجوم للناتو، مؤكداً وجود عدة عوامل تجعل من ألمانيا مركزاً محورياً في أي مواجهة مقبلة.

إنشاء جيوش حديثة 

وأضاف رشوان، أن ألمانيا تمتلك قاعدة صناعية ضخمة وهي الآن مستعدة لإنفاق نحو تريليون يورو على الصناعات العسكرية وبناء جيش قوي، مشدداً على أن ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية كانت ممنوعة من إنشاء جيوش حديثة، لكنها بدأت تدريجيًا في بناء جيش وصناعة عسكرية هائلة. 

وأوضح المحلل السياسي، أن اليابان تسير في اتجاه مماثل فبعد التصعيد في شبه الجزيرة الكورية والتجارب الصاروخية لكوريا الشمالية، بدأت اليابان في تعزيز قدراتها الدفاعية رغم اعتمادها الكبير على الولايات المتحدة من خلال القواعد العسكرية الموجودة على أراضيها.

ولفت الخبير في الشؤون الروسية إلى أن أوكرانيا رغم كونها في حالة حرب، بدأت بتأسيس مصانع لتصنيع الأسلحة في كوبنهاغن وبرلين بالتعاون مع ألمانيا والنرويج، خاصة وأن ذلك يمثل رسالة من نوع الحرب النفسية ضد روسيا. 

وأكد أن انخراط حلف الناتو في هذا الصراع أصبح مسألة وقت فقط، موضحًا أن الحلف يستعد عسكرياً بشكل مكثف، إذ لم تكن أوروبا تولي أهمية كبيرة للدفاع عن نفسها سابقاً لوجود الولايات المتحدة كحام رئيس.

وأشار رشوان إلى أن صورة الولايات المتحدة كضامن لأمن أوروبا اهتزت خلال فترة حكم الرئيس دونالد ترامب وهو ما دفع الناتو لإعادة حساباته وتعزيز استعداداته العسكرية.

أخبار ذات علاقة

التقى الرئيس الأمريكي ترامب مع رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان يوم الجمعة في البيت الأبيض.

أوربان يكسر الطوق الأمريكي.. هنغاريا تثقب جدار العقوبات على روسيا


تطوير الترسانة الروسية

وأوضح أن الحلف يسعى لإطالة أمد الحرب الحالية لتجهيز نفسه عسكريًا، فيما تستعد روسيا بالمقابل من خلال تطوير ترسانتها الصاروخية، بما في ذلك صواريخ بوسيدون وبروفيسنيك وغواصات نووية خاباروفسك.

وأشار إلى أن الفترة الحالية تشهد سباق تسلح غير مسبوق بين روسيا والغرب، ما يجعل من ألمانيا القاعدة العسكرية الأساسية لأي مواجهة محتملة، خاصة مع سعيها لبناء جيش قوي يضم نحو مليون جندي إلى جانب قدراتها الاقتصادية والصناعية الضخمة وإنفاقها الدفاعي القياسي.

من جانبه، أكد المحلل السياسي والخبير في الشؤون الأوروبية كارزان حميد أن الأوروبيين أصبحوا اليوم أمام خيار واحد، وهو استمرار الحرب الروسية الأوروبية دون التفكير في العودة إلى السلام، لأن جميع الخيارات التي استخدمها حلف الناتو والتكتل الأوروبي لإجبار موسكو على الاستسلام قد باءت بالفشل.

وأوضح حميد في تصريحات لـ«إرم نيوز» أن التقدم الميداني للقوات الروسية مستمر، حيث تقضم يوميًا أجزاء كبيرة من الأراضي الأوكرانية مع استمرار الضربات على مواقع عدة داخل العمق الأوكراني، لا سيما منشآت الطاقة والبنية التحتية الاستراتيجية، مشيراً إلى أن هذه التطورات مختلفة عن بدايات الحرب عند اجتياح الحدود الأوكرانية.

وأضاف أن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يقف عاجزًا عن حماية بلاده، ويستمر في طلب المزيد من الدعم المالي والعسكري من الحلفاء، محاولاً جرهم إلى مستنقع الحرب. 

وأوضح الخبير في الشؤون الأوروبية أن تصريحات قائد القيادة المشتركة للناتو ألكسندر زولفرانك تمثل جزءًا من خطة استراتيجية أوسع للحلف للمشاركة الفعلية في الصراع على الجبهة الشرقية، وتُعد تحضيرات ميدانية لتجهيز جيوش أوروبية لمواجهة روسيا خلال الأشهر المقبلة.

وأشار حميد إلى أن بروكسل بدأت تجد صعوبة في مواجهة التقدم الروسي، وتسعى الآن لإيجاد ثغرة لبدء الهجوم على روسيا وإجبارها على الانسحاب، مع التركيز على مناطق مثل كالينينغراد والسواحل الروسية، مؤكدًا أن هذه الخطة كانت موجودة منذ التسعينيات لكنها لم تنفذ إلا بعد توحيد الرؤية الأوروبية لدعم كييف.

أخبار ذات علاقة

مناورات سابقة للناتو في ألمانيا

ألمانيا "القاعدة المركزية".. الناتو يحشد 800 ألف جندي لمواجهة روسيا

 

وأضاف أن ألمانيا تحاول إعادة فتح صفحة التاريخ والدخول في حرب جديدة، معتبرًا أن العالم اليوم ليس كما كان بالأمس، وأن ما حدث في الماضي قد يكون أهون مما سيأتي. 

إدارة الجيوش العسكرية

ولفت المحلل السياسي إلى أن المبررات التي قدمها زولفرانك بشأن إدارة الجيوش والمسارات العسكرية غير منطقية ميدانيًا، متسائلاً عن سبب عدم اختيار بولندا الأقرب جغرافيًا والتي ربما كانت ستجعل الحرب أكثر فعالية.

وتابع: «أوروبا تسعى لممارسة الضغط على موسكو وواشنطن لإجبارهما على مفاوضات مباشرة حول أوكرانيا دون مشاركة كييف، مع الحفاظ على مصالحها الاقتصادية والاستراتيجية، مؤكداً أن كثرة الأفراد في حرب معاصرة يمكن أن تضر بالبنية العسكرية أكثر مما تفيد، بينما التكنولوجيا والطائرات المسيرة غيرت قواعد اللعبة بشكل كامل».

وأوضح أن تجاهل الصورة الأكبر خطأ استراتيجي، لأن حلفاء موسكو لن يسمحوا بسقوطها، وأن سقوط الكرملين يعني تدميرهم هم أيضاً. 

أخبار ذات علاقة

مارك روته، الأمين العام لحلف الناتو

"الناتو": لدينا ثقة مطلقة في مصداقية الردع النووي لمواجهة روسيا

 

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC