logo
العالم

برلين تبحث عن بدائل.. كيف تخطط ألمانيا للخروج عن المظلة الاقتصادية الأمريكية؟

برلين تبحث عن بدائل.. كيف تخطط ألمانيا للخروج عن المظلة الاقتصادية الأمريكية؟
المستشار الألماني فريدريش ميرتسالمصدر: أ ف ب
25 أغسطس 2025، 3:44 م

رأى خبراء اقتصاد أن برلين تقف، اليوم، أمام مفترق طرق حاسم في سياستها الاقتصادية، بعد أن دعا المستشار الألماني فريدريش ميرتس  إلى البحث عن شركاء تجاريين جدد بعيداً عن الهيمنة الأمريكية.

هذه الدعوة تعكس مخاوف متزايدة من التحولات في السياسات الاقتصادية لواشنطن، ومن تداعيات الرسوم الجمركية التي باتت تهدد العمود الفقري للصادرات الألمانية.

ويشير مراقبون إلى أن تصريحات ميرتس ليست مجرد موقف عابر، بل تعكس تحوّلاً في التفكير الألماني تجاه ضرورة تنويع الشراكات الدولية، والانفتاح على أسواق ناشئة في آسيا، وأمريكا اللاتينية، وأفريقيا.

وقال المستشار الألماني إن بلاده مطالبة بالبحث عن شركاء تجاريين جدد في ظل الضبابية المتزايدة بشأن التوجهات الاقتصادية للولايات المتحدة، ورسومها الجمركية.

وأكد أن ألمانيا لا يمكنها الاكتفاء بالاتفاقات القائمة مع واشنطن والاتحاد الأوروبي، بل عليها الانفتاح على أسواق ناشئة في آسيا، وأمريكا اللاتينية، وأفريقيا.

وتساءل: "كيف سندير تجارتنا الدولية إذا لم يعد الأمريكيون مستعدين لاحترام قواعد منظمة التجارة العالمية؟". وأضاف: "نحن بحاجة إلى شركاء في العالم يشاطروننا الرؤية والقيم".

أخبار ذات علاقة

المستشار الألماني فريدريش ميرتس

ميرتس: ألمانيا بحاجة إلى شركاء تجاريين جدد

 ورغم تأكيده "ضرورة الحفاظ على علاقات اقتصادية جيدة مع الولايات المتحدة"، شدَّد ميرتس على أن ألمانيا مضطرة للتفكير في مسارات موازية لتأمين مصالحها التجارية في ظل التوترات المتزايدة عبر الأطلسي، خاصة مع صعود اليمين المتطرف داخلياً، وتنامي الضغوط الأمريكية على شركائها الأوروبيين.

ورأى الخبير الاقتصادي الفرنسي توما بوريل، الباحث في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية (IFRI)،  أن تصريحات ميرتس تعكس إدراكاً ألمانياً متأخراً لخطورة الاعتماد المفرط على الولايات المتحدة كسوق وكشريك إستراتيجي. 

وقال بوريل لـ"إرم نيوز" إن "الرسوم الجمركية الأمريكية قد تكون مجرد بداية لتوجه طويل الأمد نحو الحمائية الاقتصادية، وهو ما يدفع ألمانيا إلى التفكير في تنويع شراكاتها مع قوى ناشئة، مثل الهند، والبرازيل، وجنوب أفريقيا". 

وأضاف أن التوجه نحو أفريقيا، التي تشهد نمواً سكانياً واقتصادياً متسارعاً، "قد يمنح برلين فرصاً لتعويض أي خسائر محتملة في السوق الأمريكية".

وأشار  إلى أن أمام برلين عدة خيارات إستراتيجية لتقليل اعتمادها على السوق الأمريكية.

أخبار ذات علاقة

مقر المفوضية الأوروبية

الاتحاد الأوروبي يعيد مسودة البيان المشترك بشأن الرسوم الجمركية لأمريكا

 وأوضح أنه إلى جانب تعزيز الشراكات داخل الاتحاد الأوروبي، يمكن لألمانيا أن توسّع انفتاحها على آسيا، وأمريكا اللاتينية، وأفريقيا، خاصة في قطاعات الطاقة الخضراء، والتكنولوجيا المتقدمة. 

كما أشار بوريل إلى أن الاستثمار في سلاسل توريد إقليمية جديدة سيمنح برلين هامش استقلالية أكبر، ويقلل من مخاطر أي ضغوط أو صدمات ناتجة عن قرارات واشنطن.

لكنه يؤكد في الوقت نفسه أن هذا المسار يتطلب وقتاً وإرادة سياسية قوية داخل الاتحاد الأوروبي لضمان تنسيق جماعي يحمي المصالح الأوروبية المشتركة.

من جانبه، اعتبر الخبير الاقتصادي الفرنسي فيليب ليغرين، أن ما طرحه ميرتس ليس مجرد خيار بل "ضرورة إستراتيجية" بالنسبة لألمانيا، والاتحاد الأوروبي. 

وأوضح ليغرين في تصريح لـ"إرم نيوز" أن "المعضلة تكمن في الموازنة بين الحاجة إلى استمرار التعاون مع الولايات المتحدة في المجالات الأمنية، وبين التحرر من هيمنة السوق الأمريكية على الصادرات الألمانية". 

وأكد ليغرين أن الانفتاح على آسيا، خصوصاً الصين والهند، "سيظل محفوفاً بالمخاطر السياسية والاقتصادية، لكنه قد يشكل صمام أمان لألمانيا إذا تحولت العلاقات مع واشنطن إلى مواجهة تجارية مفتوحة".

وأقرَّ ميرتس بأن الاقتصاد الألماني يمرّ بأزمة هيكلية عميقة، مؤكداً أن التحديات الاقتصادية التي تواجه بلاده أصعب بكثير مما كان متوقعاً.

وقال ميرتس، في خطاب ألقاه بمدينة أوسنابروك شمال ألمانيا: "نحن لا نمرّ فقط بفترة ضعف اقتصادي مؤقت، بل نعيش أزمة بنيوية تمسّ جوهر اقتصادنا".

وأضاف بنبرة نقد ذاتي: "أعترف بأن حجم هذه المهمة أكبر مما كان يتصوره أيٌّ منا قبل عام واحد".

أخبار ذات علاقة

دونالد ترامب

بسلاح الرسوم.. كيف أعاد ترامب صياغة نظام التجارة العالمي؟

 

تراجع وتحديات متراكمة

منذ 3 سنوات، يعاني الاقتصاد الألماني ـ أكبر قوة صناعية وأكبر دولة مصدّرة في أوروبا ـ من حالة ركود متواصل.

وتفاقمت الأزمة بفعل ارتفاع تكاليف الطاقة إثر الحرب الروسية–الأوكرانية، إضافة إلى الاضطرابات الناجمة عن الرسوم الجمركية الأمريكية.

وأظهرت بيانات رسمية نُشرت يوم الجمعة الماضي، أن الاقتصاد الألماني انكمش في الربع الثاني من العام بشكل أكبر مما كان متوقعاً في البداية.

ومنذ توليه منصبه هذا العام، وعد ميرتس بإطلاق إصلاحات واسعة تهدف إلى تقليص البيروقراطية، وتحديث البنية التحتية، وتنشيط الطلب المحلي.

وأعلن أيضا أن حكومته تخطط لاستثمار مئات المليارات من اليوروهات في الطرق، والجسور، والقوات المسلحة، لتعزيز الإنتاجية.

;
logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC