الكرملين: مشاركة الأوروبيين في مفاوضات أوكرانيا "لا تبشّر بالخير"

logo
العالم

كيف حصلت طالبان على تمثيل دبلوماسي في الاتحاد الأوروبي؟

ممثلون عن حركة طالبان الأفغانيةالمصدر: ويكيبيديا

شهدت ألمانيا خلال الأسابيع الأخيرة خطوة دبلوماسية غير مسبوقة في أوروبا، حيث جرى تعيين ممثل عن حكومة طالبان في القنصلية الأفغانية بمدينة بون، بينما يستعد آخر لتولي مهامه في القنصلية ببرلين، وبهذا، يصبحان أول مبعوثين من نظام طالبان يتوليان مناصب رسمية داخل الاتحاد الأوروبي.

ورغم ذلك، تؤكد الحكومة الألمانية أنها لا تعترف رسميًا بحكومة طالبان التي سيطرت على كابول منذ أغسطس 2021، وتعدها نظامًا "غير شرعي"، بينما تظل روسيا الدولة الوحيدة التي اعترفت بها رسميًا حتى الآن.

من الدبلوماسية الانتقالية للتغيير الرسمي

وبعد سيطرة طالبان على الحكم في 2021 استمر معظم الدبلوماسيين الذين عيّنهم النظام السابق في مناصبهم لفترة انتقالية مؤقتة، لكن في خريف عام 2024، استدعت كابول السفير من برلين والقنصل العام من بون، معلنة رفضها التعامل مع التأشيرات وجوازات السفر الصادرة عن هاتين البعثتين، وبقي فقط القنصل في ميونيخ يمارس مهامه حتى اليوم.

في مطلع أكتوبر 2025، انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي صورة للمبعوث الجديد في بون مرتديًا الزي التقليدي الأفغاني، قبل أن يتم لاحقًا إغلاق الموقع الإلكتروني الرسمي للقنصلية.

دبلوماسيون جدد دون الاعتراف بطالبان

وأعلنت وزارة الخارجية الألمانية أنها وافقت على اعتماد دبلوماسيين أفغانيين جديدين، أحدهما في برلين بصفة "سكرتير أول" في السفارة، والآخر في بون بصفة "قنصل"، مع التأكيد على أن هذا اللقب "لا يمنحه سلطة هرمية أو سياسية".

كما أكدت الوزارة رغبتها في الإبقاء على الدبلوماسيين المعينين قبل عام 2021 في مناصبهم، مشيرة إلى أن هذه الخطوة لا تعني بأي حال اعترافًا رسميًا بحكومة طالبان.

الغاية الخفية.. تسهيل عمليات الترحيل

وتأتي هذه التطورات في سياق سياسي داخلي حساس، إذ تسعى الحكومة الائتلافية الجديدة برئاسة المحافظ فريدريش ميرتس، التي تولت السلطة في مايو 2025، إلى تطبيع العلاقات مع كابول لتسهيل ترحيل الأجانب الذين صدرت بحقهم أحكام جنائية، خصوصًا إلى سوريا وأفغانستان، حيث لا يمكن حاليًا تنفيذ عمليات الترحيل بسبب غياب العلاقات الرسمية.

ويتضمن اتفاق الائتلاف الحاكم الموقع في أبريل تعهدًا واضحًا بـ"إبعاد كل من ارتكب جرائم خطيرة أو شارك في أعمال عنف على الأراضي الألمانية"، وهي خطوة يُنظر إليها كوسيلة لتهدئة تصاعد نفوذ اليمين المتطرف، الذي يشغل حاليًا ربع مقاعد البرلمان (البوندستاغ).

وفي أكتوبر الماضي، زارت بعثة من وزارة الداخلية الألمانية كابول، كما أُجريت محادثات موازية مع النظام السوري الجديد حول التعاون في ملف الترحيل.

صفقة غير معلنة

حتى الآن، كانت ألمانيا تعتمد على دولة قطر كوسيط لتنفيذ عمليات ترحيل محدودة إلى أفغانستان، ففي يوليو الماضي، تم إعادة أكثر من 80 شخصًا مدانين بجرائم داخل ألمانيا إلى كابول، بينما رحّلت الحكومة السابقة 28 شخصًا آخرين في أغسطس 2024.

ويُفسَّر تعيين الدبلوماسيين الجديدين بأنه جزء من صفقة غير معلنة تهدف إلى استئناف هذه العمليات بشكل مباشر، دون الحاجة إلى وساطة دولية.

تصريحات رسمية وتحذيرات حقوقية

وقال يورغن هارت، المتحدث باسم الكتلة البرلمانية لحزبي الاتحاد المسيحي الديمقراطي والاجتماعي (CDU/CSU) لشؤون السياسة الخارجية: "ألمانيا تريد ترحيل الأشخاص الخطرين إلى أفغانستان، ولتحقيق ذلك نحتاج إلى أوراق رسمية صادرة من حكومة أفغانية معترف بها وقنصلية قادرة على إصدارها".

وأضاف مسؤول آخر في الخارجية الألمانية: "اعتماد الدبلوماسيين لا يعني أننا نعترف بحكومة طالبان. ألمانيا لم تعترف قطّ بالنظام القائم في كابول كحكومة شرعية، لكنها لم تقطع علاقاتها الدبلوماسية مع أفغانستان".

من جهته، علّق عالم الاجتماع وخبير شؤون الهجرة، غيرالد كناوس، قائلًا: "الحكومة الألمانية لا تملك أوهامًا حول طبيعة طالبان، لكنها تتعامل مع الواقع، فهم من يسيطرون على الحكم".

وأشار إلى أن ألمانيا والنمسا استقبلتا أكبر عدد من اللاجئين الأفغان والسوريين في أوروبا، مضيفًا: "برلين تريد ببساطة ترحيل من لا يحق لهم البقاء، ولهذا السبب منحت اعتمادًا دبلوماسيًا لممثلي طالبان".

مخاوف المنظمات الحقوقية ومعارضة سياسية

وأثار هذا التطور قلق الجالية الأفغانية المعارضة لطالبان في ألمانيا، إذ حذّر حميد ننجيلاي كابيري، القنصل العام السابق في بون، من أن الخوادم الرقمية للقنصلية تحتوي على بيانات حساسة عن معارضين يعيشون في أوروبا.

وقال لصحيفة زود دويتشه تسايتونج "القنصلية في بون هي المركز العصبي للبيانات المتعلقة بالأفغان المقيمين في أوروبا، وكندا، وأستراليا".

من جانبه، اتهم مارسيل إمريش، المتحدث باسم حزب الخضر في البرلمان لشؤون الأمن الداخلي، الحكومة بأنها تمارس "دبلوماسية سرية مع إرهابيين"، مطالبًا بالكشف عن "الثمن الذي دفعته برلين مقابل هذا الاتفاق المعيب".

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC