في خطوة تاريخية، تولَّت وزيرة الخارجية الألمانية السابقة أنالينا بيربوك رئاسة الجمعية العامة للأمم المتحدة، لتصبح خامس امرأة تشغل هذا المنصب منذ إنشائه قبل 80 عامًا، بعد 75 رئيسًا من الرجال، والأولى من مجموعة الدول الغربية وغيرها.
وقالت بيربوك عقِب أدائها اليمين في منصبٍ لطالما كان حكرًا على الرجال: "بعد ثمانية عقود على تأسيس الأمم المتحدة، مهمتنا اليوم هي تعزيز المنظمة وجعلها صالحة للقرن الحادي والعشرين، وإظهار أهميتها لـ8 مليارات إنسان".
وجاء انتخابها في وقت يشهد فيه العالم أزمات متصاعدة، وتوقف عمل مجلس الأمن، وضغوطًا مالية، ونزاعات متعددة، ما يضع الأمم المتحدة أمام اختبار صعب بين التمسك بالحياد أو الانزلاق إلى مزيد من الاستقطاب.
وكشفت "فوربس" أن بيربوك، البالغة من العمر 44 عامًا، تعد أيضًا من بين أصغر من تولوا المنصب، وتحمل رسالة رمزية قوية عن تمثيل المرأة في القيادة الدولية، مشيرةً إلى: "كوني خامس امرأة فقط تتولى هذا المنصب، فإنني أومن بأن السلام والتنمية لا يمكن أن يستمرا إلَّا عندما تحصل النساء على مكان متساوٍ على الطاولة"، هكذا أكَّدت بربوك بعد انتخابها في يونيو الماضي.
عندما أعلنت أنالينا بيربوك ترشيحها لرئاسة الجمعية العامة للأمم المتحدة في وقت سابق من هذا العام، أثارت الجدل على الساحة الدولية، خصوصًا من قِبَل روسيا، فقد شككت موسكو في نزاهتها وحيادها معتبرةً إياها منحازة لسياسات غربية، مستندةً إلى سجلها كناقد صريح للكرملين خلال فترة توليها وزارة الخارجية الألمانية.
ووصف دميتري بوليانسكي، نائب سفير روسيا لدى الأمم المتحدة، موقفها في مايو/أيار بالقول: "لقد أثبتت السيدة بيربوك مرارًا وتكرارًا عدم كفاءتها وتحيزها الشديد وعدم فهمها للمبادئ الأساسية للدبلوماسية."
رغم ذلك، استمرت بيربوك في حمل رسالة الالتزام بالحياد وخدمة جميع الدول الأعضاء الـ193، مؤكدةً احترام ميثاق الأمم المتحدة، لتضع نفسها في مواجهة الانتقادات والتحديات الدبلوماسية الكبرى في عالم يشهد أزمات متعددة الأطراف.
ويرى الخبراء أن رئاسة بيربوك تأتي في ظل توقعات بإصلاحات متعددة الأطراف، ومواصلة الضغط لتدوير المناصب بين الرجال والنساء، ومهام إضافية تشمل الإشراف على اختيار الأمين العام القادم للأمم المتحدة، حيث يسعى كثيرون لرؤية امرأة تتولى هذا المنصب لأول مرة.
ومنذ ديسمبر 2021، كانت بيربوك أول وزيرة خارجية من حزب الخضر في ألمانيا، وأشرفت على ملفات حساسة، مثل الحروب في أوكرانيا والشرق الأوسط، بجانب تطبيق السياسة الخارجية النسوية لألمانيا، ما يمنحها خبرة دبلوماسية واسعة لمواجهة التحديات العالمية.