قلبت وحدة روسية كانت سريّة للغاية ومتمركزة في موسكو مشهد حرب الطائرات من دون طيار، لتحوّل ما كان يمثل ميزة للأوكرانيين إلى نقطة ضعف.
وتُعرف الوحدة باسم "روبيكون"، وقد توسّعت بسرعة في عهد وزير الدفاع الروسي أندريه بيلوسوف منذ تعيينه في يونيو/حزيران من العام الماضي، بحسب تقرير لشبكة "سي إن إن".
وزار بيلوسوف مقرّها في أكتوبر/تشرين الأول 2024، وشاهد مجموعة من الطائرات المسيّرة قيد التطوير، وفقاً لمقطع فيديو نشرته في وقت سابق وسائل إعلام روسية رسمية.
وظهور وحدة "روبيكون"، وتُعرف بـ "مركز روبيكون لتقنيات الطائرات من دون طيار المتقدمة"، هو مثال رئيسي على كيفية تعلم الجيش الروسي التخلص من طريقته الصارمة في الحرب أثناء الصراع في أوكرانيا، والتكيف مع ساحة المعركة المتطورة بسرعة.
وكانت أوكرانيا أنشأت فرعاً منفصلاً داخل جيشها، وهو "قوات الأنظمة غير المأهولة"، وذلك في منتصف عام 2024، وبعد أن أثبتت "روبيكون" جدارتها، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في يونيو الماضي إنشاء قيادة عسكرية مخصصة لـ "الأنظمة الجوية غير المأهولة".
وأنشئت هذه الوحدة بالفعل في الأسبوع الماضي، إذ قال نائب قائدها العقيد سيرجي إشتوجانوف: "تم تعيين رئيس للأنظمة غير المأهولة، وتم إنشاء هيئات القيادة والسيطرة العسكرية على جميع المستويات".
لا تقتصر شركة روبيكون على تصميم ونشر الطائرات المسيرة فحسب، بل تُطوّر وتُختبر أنظمة روبوتية وذكاء اصطناعي متطورة.
وكانت رائدة في استخدام طائرات الألياف الضوئية المسيرة، والتي كان لها تأثير كبير في ساحة المعركة ويتم التحكم بها عبر كابل ألياف ضوئية، مما يوفر بثاً مرئياً آمناً ومباشراً، ولا يمكن التشويش عليه، كما ما أنه يحسن أداء الوحدات الأخرى.
ويشير مايكل كوفمان، وهو زميل بارز في مؤسسة كارنيغي، إلى أن "تشكيلات روبيكون تظل مشكلة رئيسية بالنسبة لمشغلي الطائرات من دون طيار الأوكرانيين، ليس فقط لشركات المسيّرات نفسها، ولكن لأنهم يدربون وحدات الطائرات الروسية الأخرى".
وبعد أشهر من تأسيس "روبيكون"، بدأت وحداتها في الانتشار عبر خطوط المواجهة مع جيل جديد من الطائرات من دون طيار، مما أدى إلى قلب الأمور على القوات الأوكرانية.
كان أول تورط معروف لهم داخل روسيا، بعد دخول القوات الأوكرانية واستيلائها على جزء من منطقة كورسك الصيف الماضي. بعد وقت قصير من ظهور روبيكون في المنطقة، أفاد الجيش الأوكراني أن خطوط إمداده قد قُطعت بشكل شبه كامل بسبب هجمات الطائرات المسيرة.
انسحبت القوات الأوكرانية من المنطقة مطلع هذا العام. لاحقاً، صرّح قائدان بأن وحدة روسية مُدرّبة جيدًا غيّرت مسار المعركة فجأة، مُلاحقة مُشغّلي الخدمات اللوجستية والطائرات المُسيّرة الأوكرانيين. في ذلك الوقت، لم يكونوا على دراية بنشر نظام روبيكون.
ومنذ ذلك الحين، تم الإبلاغ عن وجود وحدات روبيكون في العديد من أجزاء ساحة المعركة، مما أعطى القوات الروسية في كثير من الأحيان ميزة من خلال مهاجمة طرق الإمداد الأوكرانية خلف الخطوط الأمامية، وكذلك مشغلي الطائرات من دون طيار المعادية.
ويقول المحلل العسكري ميك رايان، الذي كان مؤخراً في أوكرانيا، إن الصراع أصبح الآن "بيئة مشبعة بتشغيل الطائرات من دون طيار".
ويضيف رايان أن ضباط الخطوط الأمامية أبلغوه بأن الابتكار الروسي في مجال الطائرات من دون طيار ربما يتفوق الآن على نظيره في أوكرانيا.
وفي تطورٍ كبير، بدأ الجيش الروسي باحتضان شركات ناشئة مُصنعة مثل مكتب تصميم أوكو في سانت بطرسبرغ، الذي يُصنع نوعين من الطائرات المُسيرة المستخدمة على نطاق واسع في القتال.
واحتضان الجيش الروسي للابتكار يجعل روسيا "خصماً أكثر خطورة بالنسبة لأوكرانيا، فضلاً عن كونها جيشاً أكثر قدرة وخطورة على تهديد أوروبا"، وفقاً لتحليل جديد أجراه مشروع الدراسات التنافسية الخاصة، وهو مركز أبحاث أمريكي.
وقال المحلل العسكري دارا ماسيكوت إن العالم الذي تتخيله شركة روبيكون وداعموها "سيكون قريباً مليئاً بأسراب من الطائرات من دون طيار المستقلة القادرة على التغلب على دفاعات الخصوم، والطائرات من دون طيار الصغيرة التي يصعب تحديدها أو إيقافها، والطائرات من دون طيار التي تحاكي الطيور أو الحشرات أو الحياة البرية الأخرى".
