دأب الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، على وصف خصومه السياسيين والقانونيين بـ"الشيوعيين"، وهي تهمة انتقلت معه من ولايته الأولى إلى الثانية، بحسب تقرير لوكالة "أسوشيتد برس".
وفي ولايته الثانية، أفرط ترامب باستخدام هذا الوصف الذي يحمل في طياته الكثير من خبايا التاريخ الأمريكي، ضد خصومه من القضاة إلى المعلمين، حيث اعتبر أنهم يشكلون تهديدًا للهوية والثقافة والقيم الأمريكية.
وبينما تساءلت وكالة "أسوشيتد برس" عن السبب الذي يدفع ترامب لوصف خصومه بالشيوعيين، استذكرت تصريحات للرئيس الأمريكي في ناديه للغولف في نيوجيرسي في أغسطس/ آب الماضي، عندما قال: "كل ما علينا فعله هو تعريف خصمنا بأنه شيوعي أو اشتراكي أو شخص سيدمر بلدنا".
وقد فعل ترامب ذلك مع منافسته الديمقراطية، نائب الرئيس آنذاك كامالا هاريس، في أثناء الحملة الانتخابية للوصول إلى البيت الأبيض، إذ وصفها بـ"الرفيقة كامالا".
وبحسب "أسوشيتد برس"، فإن الشيوعية تتمتع بنفوذ كبير في دول مثل الصين وفيتنام وكوريا الشمالية وكوبا، لكن ليس في الولايات المتحدة.
ويقول ريموند روبرتسون من كلية بوش للحكومة والخدمة العامة بجامعة تكساس "إيه آند إم": "جوهر الشيوعية هو الاعتقاد بأن الحكومات قادرة على توفير السلع والخدمات بشكل أفضل من الأسواق. قلة قليلة جدًا من الناس في الغرب يؤمنون بذلك جديًا".
ويضيف "ما لم يكونوا يجادلون بأن الحكومة يجب أن تدير شركتي (يو إس ستيل، وتسلا)، فهم ببساطة ليسوا شيوعيين".
من ناحية أخرى، تحمل كلمة "شيوعي" قوة عاطفية هائلة كأداة بلاغية، وتزداد قوتها ككلمة ازدرائية، وإن كانت غالبًا غير دقيقة، بل وخطيرة، في ظلّ التوهج المعاصر لوسائل التواصل الاجتماعي والمعلومات المضللة، ففي نهاية المطاف، يتلاشى الخوف والارتياب من الثورة الروسية، و"الرعب الأحمر"، والحرب العالمية الثانية، والمكارثية، والحرب الباردة، في طيّ النسيان، وفق "أسوشيتد برس".
وأصرّ ترامب على ترديد وصف "الشيوعي" حتى خلال احتفاله بأول 100 يوم من توليه منصبه، الأسبوع الماضي في ميشيغان، عندما قال "لا يمكننا السماح لحفنة من القضاة الشيوعيين اليساريين الراديكاليين بعرقلة إنفاذ قوانيننا".
ولم يرد البيت الأبيض على سؤال حول ما يعنيه ترامب عندما يصف شخصًا ما بـ"الشيوعي".
ويرى جاكوب نيهايزل، خبير الاتصالات السياسية في جامعة بافالو، أن مصطلح "شيوعي" عادة ما يكون محمّلًا بالتأثير السلبي، لا سيما على كبار السن الأمريكيين الذين نشأوا خلال الحرب الباردة.
ويضيف "إن إطلاق مصطلحات عاطفية على الخصوم السياسيين هو وسيلة للتقليل من شرعيتهم في نظر الجمهور وتصويرهم في صورة سلبية".
وأثرت شخصية من حقبة "الخوف الأحمر" على ترامب الشاب.
ويعتقد روبرتسون أن الجدل الحقيقي في العصر الحديث ليس بين الرأسمالية والشيوعية، بل حول مدى حاجة الحكومة إلى التدخل، مشيرًا إلى أن ترامب لا يناقش في الواقع الشيوعية مقابل الرأسمالية.
ويذهب إلى أن وصف من يدافعون عن تدخل حكومي أكبر بقليل بـ"الشيوعيين" هو خطاب سياسي مضلل شائع، وهو ينجح مع الناخبين المشغولين الذين لا يملكون وقتًا كافيًا للتفكير في التعريفات التقنية والنماذج الاقتصادية.
كما يرى أنه وصف مفيد جدًا لترامب "لأنه مثير للغضب، ويثير غضب الناس، وهو أمر قد يكون إدمانًا".