logo
العالم

في منفاه الدبلوماسي بلندن.. زالوجني ينسج خطته لرئاسة أوكرانيا

في منفاه الدبلوماسي بلندن.. زالوجني ينسج خطته لرئاسة أوكرانيا
زالوزني يصافح ملك بريطانياالمصدر: الغارديان
25 أغسطس 2025، 5:53 م

في قلب العاصمة البريطانية لندن، يعيش الجنرال الأوكراني السابق فاليري زالوجني، الذي تحول من قائد عسكري أسطوري إلى سفير لبلاده، حياة دبلوماسية هادئة ظاهرياً، لكنها محفوفة بالتوترات السياسية والتكهنات حول مستقبله، وفق تقرير لصحيفة "الغارديان" البريطانية.

 يُعتبر زالوجني، الذي قاد الجيش الأوكراني في صد الهجوم الروسي في بداية الحرب عام 2022، بطلاً قومياً في بلاده، لكنه اليوم يجد نفسه في قلب لعبة سياسية معقدة، حيث يُنظر إليه كمرشح محتمل لتحدي الرئيس الحالي، فولوديمير زيلينسكي، في انتخابات مستقبلية.

من الميدان إلى لندن

في فبراير 2025، أقال زيلينسكي زالوجني من منصبه كقائد أعلى للجيش الأوكراني، في خطوة أثارت جدلاً واسعاً داخل أوكرانيا وخارجها، بعد أشهر من التوترات بينهما، حيث اختلفا حول استراتيجيات الاستعداد للحرب والتعامل مع الهجوم الروسي. 

وفي خطوة كانت بمثابة "منفى دبلوماسي"، تم تعيين زالوجني سفيراً لأوكرانيا في المملكة المتحدة، لإبعاده عن الأضواء السياسية في كييف، كما يعتقد كثيرون.

 لكن هذا التعيين لم يُنهِ التكهنات حول طموحاته السياسية، بل زاد من حدتها، ففي لندن، يعيش زالوجني حياة دبلوماسية بعيدة عن صخب المعارك، لكنه لا يزال محط أنظار العديد من الأطراف السياسية.

يتردد زوار من أوكرانيا وخارجها على السفارة الأوكرانية في هولاند بارك، حاملين عروضاً وتكهنات حول دوره المستقبلي، ومن بين هؤلاء، نواب أوكرانيون، نشطاء، رجال أعمال، وحتى شخصيات دولية مثل بول مانافورت، المستشار السابق للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي عرض خدماته كمستشار سياسي، لكن زالوجني رفض العرض.

مكالمة جيه دي فانس 

في مارس/ آذار الماضي، وبعد مواجهة كارثية بين زيلينسكي وترامب في البيت الأبيض، حاول فريق نائب الرئيس الأمريكي جيه دي فانس التواصل مع زالوجني عبر قنوات دبلوماسية وغيرها، وكانت هذه المحاولة جزءاً من جهود البحث عن بديل محتمل لزيلينسكي، الذي أثار استياء إدارة ترامب. 

أخبار ذات علاقة

35da8fde-cfae-4336-a841-3cbc679392da

زيلينسكي يعزل زالوجني ويعين سيرسكي قائداً للجيش الأوكراني

 لكن زالوجني، بعد التشاور مع رئيس ديوان زيلينسكي، أندريه يرماك، رفض الرد على المكالمة، مؤكداً ولاءه للحكومة الأوكرانية، لتعكس هذه الحادثة الموقف الدقيق الذي يتبناه زالوجني، فمن جهة، يحافظ على ولائه لزيلينسكي وحكومته، ومن جهة أخرى، يُنظر إليه كمرشح قوي للرئاسة في حال عودة العملية السياسية إلى طبيعتها، إذ تشير استطلاعات الرأي إلى أن زالوجني هو الشخصية الوحيدة القادرة على منافسة زيلينسكي بجدية، بفضل شعبيته الهائلة كبطل حرب.

 وعلى الرغم من التكهنات، يظل زالوجني حذراً للغاية، إذ لم يُعلن عن أي طموحات سياسية رسمية، ويرفض معظم طلبات المقابلات الصحفية، مفضلاً إدارة ظهوره العلني بعناية فائقة. 

في نوفمبر 2024، زار يرماك زالوجني في لندن واقترح عليه الانضمام رسمياً إلى فريق زيلينسكي السياسي، لكن الجنرال رفض العرض، مؤكداً أنه سيظل مخلصاً للحكومة خلال الحرب، من دون أن يستبعد دخول المعترك السياسي مستقبلًا.

أخبار ذات علاقة

517afccc-0348-45bf-ae28-9e44851b605b

صحيفة: مدينة "أفدييفكا" سبب الخلاف بين زيلينسكي وزالوجني

 وفي كييف، يرى البعض أن زالوجني يُمهّد الطريق بهدوء لحملة انتخابية محتملة، كما يقول المحلل السياسي فولوديمير فيسينكو، فهو "يتبع تكتيكاً ذكياً، ينتظر اللحظة الأخيرة قبل اتخاذ قرار نهائي". 

وهذا الحذر يُحبط بعض معارضي زيلينسكي، الذين يرون في زالوجني أمل التغيير السياسي، لكنهم يشتكون من تردده في اتخاذ خطوات عملية.

قائد صلب مستلهم من تشرشل

في محادثاته الخاصة، يُلمح زالوجني إلى رؤية سياسية تتمحور حول نموذج إسرائيل، كدولة صغيرة محاطة بالأعداء تركز على الدفاع الوطني، كما يستلهم من ونستون تشرشل، متخيلًا نفسه قائدًا صلبًا يطالب شعبه بـ"الدم والعرق والدموع" لإنقاذ الأمة،  لكنه يتساءل عما إذا كان الشعب الأوكراني مستعداً لسياسات صارمة كهذه.

رغم شعبيته، يواجه زالوجني تحديات كبيرة، فعلاقته المتوترة مع زيلينسكي، وإن بدت هادئة ظاهرياً، قد تتحول إلى صراع مفتوح إذا دخل المعترك السياسي. 

كما أن حذره الشديد قد يكلفه دعم بعض المعارضين الذين يريدون رؤيته يتحرك بشكل أكثر جرأة. في الوقت نفسه، يدرك زالوجني أن أي خطوة سياسية قد تُفسر على أنها زعزعة لاستقرار البلاد في وقت الحرب.

وفي زيارته الأخيرة لكييف في يوليو/ تموز الماضي، لحضور قمة السفراء الأوكرانيين، أظهر زالوجني حذراً مماثلاً، إذ تجنّب التصريحات السياسية، حتى في ظل الاحتجاجات ضد خطة حكومية مثيرة للجدل، وهذا الصمت أثار إحباط البعض، مثل النائبة المعارضة إينا سوفسون، التي كانت تأمل في موقف أكثر وضوحاً منه.

مستقبل غامض

يبقى فاليري زالوجني لغزاً سياسياً، بحسب تقرير "الغادريان" بطل حرب يتمتع بشعبية هائلة، لكنه يرفض حتى الآن استغلال هذه الشعبية لتحدي زيلينسكي، كما أن موقفه الحذر قد يكون نقطة قوته أو ضعفه، حسب تطور الأحداث.

لكن في الوقت الراهن، يواصل أداء دوره كسفير في لندن، بينما يراقب الجميع خطوته التالية، إذ هل سيبقى الجنرال المخلص لقائده، أم سيصبح الرئيس القادم لأوكرانيا؟ والإجابة تعتمد على توقيت الانتخابات، ومدى استعداد زالوجني لخوض معركة سياسية قد تغير مسار بلاده.

;
logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC