"توقعت صحيفة "واشنطن بوست" صدامًا بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والمرشح لمنصب عمدة مدينة نيويورك زهران ممداني، في حال فوزه بالانتخابات النهائية في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل."
قالت الصحيفة إنه في حال فوز ممداني في الانتخابات النهائية، يُتوقع أن يصطدم مع إدارة ترامب في قضايا عدة، أبرزها حملات قمع النشطاء المؤيدين لفلسطين، وعمليات الترحيل الجماعي بحق المهاجرين غير الشرعيين.
وذكرت أن فوز ممداني في الانتخابات التمهيدية لمدينة نيويورك يمثل لحظة فارقة في السياسة المحلية الأمريكية، ويتوقع أن ينضم إلى موجة عالمية من رؤساء البلديات الذين يواجهون صعود التيارات القومية في بلدانهم.
ويقول التقرير إن ممداني، البالغ من العمر 33 عامًا، قاد حملة شعبية مذهلة انطلقت من الهامش السياسي لتتغلب على المؤسسة الديمقراطية الراسخة في نيويورك، وهو الآن على أعتاب ترشيح الحزب لمنصب عمدة المدينة.
وفي خطاب فوزه، لم يتردد ممداني في الإعلان أن الديمقراطيين بقيادته سيكونون "حزبًا يدافع عن العمال بلا اعتذار"، متعهدًا باستخدام سلطته لرفض ما وصفه بـ"فاشية دونالد ترامب"، بحسب الصحيفة.
أشارت الصحيفة إلى أن هذا التصريح كان الأوضح في خطابه، ويعكس نهجه السياسي الصدامي.
وأشارت "واشنطن بوست" إلى أن مواجهة ممداني في مارس/آذار الماضي مع توم هومان، مسؤول الحدود في إدارة ترامب، حول اعتقال ناشط مؤيد لفلسطين، ساهمت في تعزيز شعبيته، خاصة بعد انتشار مقطع المواجهة على نطاق واسع في نيويورك.
ونقلت الصحيفة عن أميت سينغ باغا، الخبير الاستراتيجي الديمقراطي، قوله إن احتمال تولي "مسلم اشتراكي ديمقراطي" منصب عمدة نيويورك سيُقلق الديمقراطيين المؤيدين للمؤسسة والجمهوريين المؤيدين لترامب، لكنه أشار إلى أن "الناخبين في نيويورك قالوا كلمتهم الليلة، وأعلنوا رفضهم للجبن السياسي في مواجهة الاستبداد."
وبحسب "واشنطن بوست"، بدأ خصوم ممداني من التيار اليميني في تصويره بلغة متطرفة، حيث يعتبر بعضهم أن فوزه يُعتبر "استيلاء إسلاميًا" على نيويورك أو "سيطرة شيوعية" على المدينة.
وأوضحت الصحيفة أن تمثل حالة ممداني جزءًا من ظاهرة عالمية يتكرر فيها الصدام بين رؤساء بلديات المدن الكبرى والحكومات القومية، مشيرة إلى تجارب مشابهة مثل عمدة لندن صادق خان، الذي تعرض لحملات تشويه عند ترشحه لأول مرة العام 2016، وعمدة باريس آن هيدالغو، التي استخدمت منصبها في مواجهة الشعبوية اليمينية والدفاع عن سياسات مناخية تقدمية.
وفي إيطاليا، رغم صعود الحكومة اليمينية بقيادة جورجيا ميلوني، لا تزال مدينتا ميلانو وروما تحت سيطرة الديمقراطيين الاجتماعيين.
وترى "واشنطن بوست" أن المدن الكبرى التي تضم مجتمعات متنوعة وناخبين ليبراليين متعلمين بطبيعتها تقف ضد السياسات القومية الإقصائية، لكنها في الوقت ذاته تواجه صعوبة في تحويل نجاحها المحلي إلى تأثير سياسي على المستوى الوطني.
كما استعرض التقرير المواجهة الدائرة حاليًا في المجر بين رئيس الوزراء فيكتور أوربان وعمدة بودابست جيرجيلي كاراشوني، الذي تحدّى محاولات الحكومة لحظر مسيرة "بودابست برايد"، في تعبير واضح عن استقلالية المدن الكبرى في مقاومة السياسات الإقصائية.
وأشارت الصحيفة إلى أن كاراشوني كان أحد مؤسسي "ميثاق المدن الحرة"، وهو تحالف دولي يضم حاليًا أكثر من 35 مدينة كبرى حول العالم تعمل على تعزيز الديمقراطية ومقاومة الشعبوية القومية.
وفي تصريحات للصحيفة، قال كاراشوني: "المدن اليوم هي التي تحمل راية الديمقراطية والحرية في مواجهة محاولات تركيز السلطة بيد الحكومات القومية."
وأكد أنه يتابع باهتمام صعود زهران ممداني في نيويورك، معبرًا عن إعجابه بالنموذج الديمقراطي الأمريكي الذي يسمح بظهور قوى سياسية جديدة تقدم حلولًا مبتكرة لمجتمعاتها المحلية.