صعّدت الميليشيات في شرق أفريقيا من نشاطها، حيث أصبح الكثير منها يشنّ هجمات خارج حتى الدول التي نشأت فيها، في خطوة تعكس تحوّل هذه الجماعات إلى تهديد جدّي لأمن المنطقة.
وتُعرف مناطق، مثل القرن الأفريقي، وجمهورية الكونغو الديمقراطية، تحركات واسعة لجماعات، مثل حركة الشباب الصومالية المرتبطة بتنظيم القاعدة، وحركات متمردة مثل "أم 23"، وهي كلها جماعات تحولت إلى ميليشيات عابرة للحدود.
ومن غير الواضح قدرة الجيوش الوطنية في هذه الدول على استعادة الأمن والاستقرار، خاصّة في ظلّ هشاشة الحكومات، وتوافر موارد مالية ضخمة للميليشيات المسلحة التي تنشط في شرق القارّة.
وفي حين تمثل دول، مثل: تنزانيا، وكينيا، ورواندا، نماذج حقيقية لاستقرار نسبي، فإنّ دولاً، مثل: الكونغو الديمقراطية، والصومال، وجنوب السودان، تُعاني من هشاشة أمنية كبيرة نجحت الجماعات المسلحة في استغلالها لتوسيع نفوذها.
وعلّق المحلل السياسي المتخصص في الشؤون الأفريقية، محمد إدريس، على الأمر بالقول: "بالفعل، خريطة الميليشيات في شرق أفريقيا باتت مثيرة للقلق، خاصة في ظل ما تشهده جمهورية الكونغو الديمقراطية على ضوء استئناف حركة أم 23 لهجماتها، بالتالي المخاوف من توسّع دائرة النزاع مشروعة".
وأضاف إدريس لـ "إرم نيوز" أنّ: "الميليشيات التي تنشط في المنطقة نجحت في تكريس موارد مالية هائلة تحصل عليها من الاقتصاد الأسود مثل الصيد الجائر، والابتزاز، والتنقيب غير القانوني عن المعادن وتهريبها، وفرض ضرائب في المناطق التي تسيطر عليها، وهو أمر يمكنها من تعزيز ترسانتها العسكرية، وأيضاً استقطاب المزيد من المقاتلين".
ولفت إلى أنّ "هذا المعطى يعمّق مشكلات الحكومات المركزية، ويعيق جهودها الحربية، لأن حصول الجماعات المسلحة على أموال ضخمة يجعلها قادرة على البقاء والصمود في وجه العمليات العسكرية".
وفي ظلّ سعي التنظيمات الإرهابية، على غرار القاعدة و"تنظيم داعش"، إلى العودة للواجهة بقوّة في القارة السمراء فإنّ الانتشار المكثف للجماعات المسلحة شرق أفريقيا يثير مخاوفَ جديّة.
ويرى المحلل السياسي المتخصص في الشؤون الأفريقية، إيريك إيزيبا، أنّ "النشاط المكثف في شرق أفريقيا للجماعات المسلحة يعكس هشاشة أمنية لم تعد خافية عن أحد، ومع ذلك يمتنع المجتمع الدولي عن توفير الحدّ الأدنى من الدعم للحكومات المركزية في دول، مثل: الكونغو الديمقراطية، والصومال".
وأوضح إيزيبا لـ "إرم نيوز" قائلاً: "في اعتقادي، توسيع هذه الجماعات لنفوذها يشكل مدعاة للقلق لأنه ينطوي على مخاطر كبيرة، من بينها تنامي أنشطة الاتجار بالبشر، ونهب الثروات، وهي كلها ظواهر تضع مصالح الدول المتدخلة في شرق القارة على محكّ حقيقي".
وشدد على أنّه "على سبيل المثال، الاتجار بالبشر يساهم، بشكل مباشر، في تصاعد وتيرة الهجرة غير النظامية نحو أوروبا، لكن مع ذلك لا تحرّك الدول الغربية ساكناً من أجل دعم الحكومات المركزية".