تثير العملية السرية "الفاشلة" التي نفذتها وحدة النخبة البحرية الأمريكية "سيل تيم 6" عام 2019 في كوريا الشمالية، بموافقة مباشرة من الرئيس دونالد ترامب، أثناء ولايته الأولى، أسئلة قانونية ودستورية.
وتقول صحيفة "نيويورك تايمز" التي كانت كشفت عن تفاصيل العملية يوم الجمعة، إن المهمة السرية "الفاشلة"، تُعيد التذكير بتعقيدات التوازن بين الأمن القومي والمساءلة الديمقراطية.
كما تؤكد العملية، وفق "نيويورك تايمز"، أن القوانين والأعراف المتعلقة بإبلاغ الكونغرس تظل "غامضة"؛ ما يترك مجالاً للجدل حول مدى التزام السلطة التنفيذية بالشفافية.
وكانت العملية تهدف إلى زرع جهاز تنصت لمراقبة اتصالات الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، خلال مفاوضات نووية حساسة بين واشنطن وبيونغ يانغ، لكنها انتهت بفشل ذريع ومقتل مدنيين عزل، متضمّنة "جملة من التجاوزات" التي تشكّل انتهاكاً خطيراً للقوانين الأمريكية، وفق الصحيفة.
وفي تفاصيل أكثر حول العملية، ذكرت "نيويورك تايمز"، أنها فشلت بعدما اعترض قارب مدني مسار الجنود، وخوفاً من انكشافها، أطلق الجنود النار وقتلوا جميع من كانوا على متن القارب، وتبين لاحقاً أنهم مدنيون يغوصون لجمع المحار، واستخدم الجنود سكاكين لثقب رئات الضحايا لضمان غرق الجثث، ثم انسحبوا دون تحقيق الهدف.
الكشف عن هذه العملية أثار جدلاً قانونياً حول التزامات السلطة التنفيذية بإبلاغ الكونغرس، فبموجب قرار صلاحيات الحرب لعام 1973، يتعيّن على الرئيس إخطار الكونغرس خلال 48 ساعة عند نشر قوات أمريكية في عمليات قتالية أو أعمال عدائية.
وهذا القانون، الذي أُقر بعد حرب فيتنام، يهدف إلى ضمان الرقابة التشريعية على الأنشطة العسكرية، ومع ذلك، لم تبلغ إدارة ترامب الكونغرس بهذه العملية؛ ما يثير شكوكاً حول امتثالها القانوني.
وعادة، يقدم الرؤساء إخطارات "بما يتوافق" مع القانون بدلاً من "وفقاً له"، للإشارة إلى أنهم لا يعترفون بالتزامهم الدستوري به.
كما يُلزم قانون صدر عام 2013 وزير الدفاع بإخطار لجان الكونغرس خلال 48 ساعة بأي "عملية عسكرية حساسة"، مثل العمليات القاتلة أو تلك التي تنطوي على الدفاع عن النفس خارج مسارح القتال التقليدية.
وفي 2018، وسّع الكونغرس هذا التعريف ليشمل أي عملية دفاعية، بعد حادثة في تونس كشفت عن نقص الشفافية. كما يتطلب قانون آخر تقديم تقارير سنوية عن الخسائر المدنية الناجمة عن العمليات العسكرية، مع إمكانية تضمين بعض التفاصيل في ملحق سري.
لكن إدارة ترامب، في تلك العملية الفاشلة، لم تقدم تقريراً شاملاً عن هذه الحادثة حتى عام 2021، عندما أطلعت إدارة بايدن كبار المسؤولين في الكونغرس على الحدث، وفق ما كشفت عنه "نيويورك تايمز".
أما إذا كانت العملية نُفذت تحت سلطات الاستخبارات، الباب 50 من قانون الولايات المتحدة، فإن القواعد تتطلب إخطار لجان الاستخبارات بأي نشاط سري أو "إخفاقات كبيرة".
ويسمح الباب 50 بتأخير الإخطار في حالات "حساسة بشكل استثنائي"، مع إبلاغ مجموعة محدودة من قادة الكونغرس، لكن عدم إبلاغ إدارة ترامب للجان المختصة يثير تساؤلات حول ما إذا كان هذا الحجب متعمّدا وبذلك سيكون غير قانوني.
وبينما رد ترامب على هذه التقارير جاء يوم الجمعة، حيث نفى علمه بالعملية، قائلاً: "لا أعرف شيئاً عنها. هذه أول مرة أسمع عنها"، عادت "نيويورك تايمز" للتشديد على أن المهمة تمّت بموافقته المباشرة بسبب خطورتها، مشيرة بذلك إلى التناقض بين سلطة الرئيس في حماية أسرار الدولة، وسلطة الكونغرس في الرقابة.
والتوتر بين السلطتين التنفيذية والتشريعية ليس جديداً، فخلال الحرب الكورية 1950-1953، تعرض الرئيس الأسبق، هاري ترومان لانتقادات لعدم حصوله على إعلان حرب من الكونغرس؛ ما اعتُبر خرقاً لروح الدستور.