يسعى المعتدلون إلى إقناع الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، بلقاء نظيره الأمريكي، دونالد ترامب، في الأمم المتحدة على أمل تخفيف الضغوط المتزايدة على طهران، لكن المعارضة المتشددة الراسخة تجعل مثل هذا التقدم غير مرجح إلى حد كبير.
ووصفت صحيفة "جافان"، المرتبطة بالحرس الثوري، الفكرة بأنها "قشر الموز تحت قدمي بزشكيان"، مذكّرة بأن ترامب نفسه مزق الاتفاق النووي لعام 2015.
ومنذ عقود من الخلاف المرير الذي أعقب "الثورة الإيرانية" عام 1979، لم يلتقِ أي رئيس أمريكي بنظيره الإيراني قط، إذ تحدث الرئيس الأسبق، باراك أوباما، مع نظيره حسن روحاني هاتفياً أثناء وجود الأخير في نيويورك عام 2013.
ويجادل الإصلاحيون بأن المسألة لا تكمن في ما إذا كان ينبغي لبزشكيان مقابلة ترامب، بل في قدرته على الحصول على تفويض المرشد الأعلى علي خامنئي لاستئناف السعي للتوصل إلى اتفاق نووي، معتبرين أنه دون ذلك، قد تصبح الرحلة "مجرد مسعى فارغ".
وقال عمدة طهران السابق، غلام حسين كرباسجي، لصحيفة "جماران" المعتدلة: "إذا كانت الرحلة ستكون مثل العام الماضي أو مثل رحلات الرؤساء السابقين، فمن الأفضل عدم الذهاب".
وأضاف "إذا أرادوا تغييراً حقيقياً، فعليه أولاً التوجه إلى القائد وسائر أصحاب القرار، والحصول على الصلاحيات اللازمة، ثم يمكنه لقاء كبار المسؤولين الأمريكيين والأوروبيين والإقليميين".
ونشرت صحيفة "سازانديجي" الإصلاحية عنواناً رئيساً يقول "خطاب واحد لا يكفي"، وحثت بزشكيان على التحرك بشكل حاسم.
في مقال افتتاحي، زعم حسين مرعشي، الشخصية الوسطية البارزة، أن "القرارات الشجاعة" فقط هي التي يمكن أن تساعد في تجنب العقوبات المتجددة.
وطالب معتدلون آخرون، ومن بينهم أمير إغنائي ومحمد أتريانفر، خامنئي بتقديم توضيحات قبل المغادرة، محذرين من أنه دون ذلك فإن الرحلة لن تسفر إلا عن "كلمات متكررة في اجتماعات روتينية".
وذهب الكاتب الإصلاحي، عباس عبدي، إلى أبعد من ذلك في صحيفة "اعتماد" المعتدلة الأخرى في طهران، بقوله إذا ما لم يحل بزشكيان المسألة في الداخل، فإن زيارة الأمم المتحدة ستكون "خسارة محضة".
وحذر عبدي قائلاً: "عندما تعود، يجب أن نعرف ما إذا كان الشخص الذي ذهب إلى الأمم المتحدة هو بيزيشكيان ممثلاً للأمة الإيرانية، أم أنه مجرد ظل لمنافسيه يرتدون ملابسه".
ومن المؤكد أن "المتنافسين" بذلوا جهوداً حثيثة لمنع أي لفتات كبرى في نيويورك، إذ سخرت صحيفة "كيهان"، الممولة من مكتب المرشد الأعلى، من الاقتراح ووصفته بأنه "وصفة طفولية" من شأنها أن ترسل رسالة ضعف.
وفي مقال افتتاحي لاذع، اتهمت الصحيفة الإصلاحيين بأنهم خاضعون للولايات المتحدة إلى درجة أنهم "ربما يقبلون مقعد ترامب إذا طلب منهم ذلك".
ومن المتوقع أن تشتد هذه الضغوط مع العودة التلقائية للعقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة في 28 سبتمبر/أيلول، ما لم يتحقق تقدم دبلوماسي في اللحظة الأخيرة، وفق تقرير لقناة "إيران إنتر ناشونال".
وقال المحلل أمير علي أبو الفتح لصحيفة "هام ميهان" المعتدلة إنه حتى لو التقى بزشكيان وترامب، "فكما لم تغير لقاءات ترامب مع الزعيم الروسي فلاديمير بوتين، أو رسائله إلى الرئيس الكوري الشمالي، كيم جونغ أون، السياسة الأمريكية، فإن هذا لن يغيرها أيضا".
وحذر آخرون من الإذلال، إذ قال الصحفي المتشدد بويان حسين بور، إن ترامب قد يعامل بزشكيان كما فعل مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، "مما سيؤدي إلى تقليص اللقاء إلى لحظة استعراضية".
لكن وفق تقرير "إيران إنترناشونال"، فإن هذا الإجماع المتشدد يعكس مواسم سابقة للجمعية العامة للأمم المتحدة، عندما طرح الرئيسان المعتدلان محمد خاتمي وحسن روحاني فكرة المشاركة، لكنهما خضعا للمقاومة في الداخل، خالصة إلى أن النتيجة المحتملة هي نفسها: لا اجتماع، ومسار المواجهة محدد مع ترسيخ عقوبات إعادة فرض العقوبات.