قال مستشار مركز السياسات الخارجية الأوكراني، إيفان يواس، إن خطر "اختفاء أوكرانيا كدولة" حقيقي وليس مجرد مبالغة، مشيرا إلى أن لا نية روسية لوقف الحرب فموسكو حددت أهداف حملتها لصيف وخريف 2025 بوضوح، ولا توجد مؤشرات على نية التراجع.
ولفت يواس في حوار مع "إرم نيوز" إلى أن تقدم روسيا في سومي وخاركيف يستهدف إنشاء منطقة عازلة داخل أوكرانيا، لكنه لا يزال هشًا بسبب المعارك المتواصلة.
وفيما يلي نص الحوار:
- المفوضية الأوروبية لوحت بتجميد مساعدات بقيمة 50 مليار يورو لأوكرانيا.. كيف تقرؤون هذا التحذير؟
هذا التحذير الأوروبي جاء عقب إقرار مشروع قانون يقيد صلاحيات الهيئات وتحديدًا المكتب الوطني لمكافحة الفساد (NABU) ومكتب الادعاء المتخصص بمكافحة الفساد (SAPO)، ما أثار قلقًا أوروبيًا واضحًا.
إن هذا التحذير الأوروبي يرتبط بإمكانية تجميد البرنامج بشكل كلي، وهو ما قد ينعكس بالسلب على قدرة أوكرانيا على تأمين دعمها المالي، خصوصًا أن البرنامج يتضمن حزمة مساعدات تصل إلى 50 مليار يورو حتى عام 2027، يذهب جزء كبير منها لدعم الموازنة العامة.
ورغم أن بروكسل لم تؤكد رسميًا إرسال خطاب تحذيري، فإن خفض الشريحة الرابعة من الدعم بمقدار 1.45 مليار يورو يعد رسالة قوية، خاصةً أن السبب كان عدم تنفيذ أوكرانيا 3 من أصل 16 إصلاحًا مطلوبًا، وهذا يضع المساعدات في موضع أداة ضغط واضحة على السلطة لضمان استمرار استقلالية هيئات مكافحة الفساد.
- إرسال ترامب غواصات نووية قرب روسيا، هل يُقرأ كرسالة ردع استراتيجية أم أنه استعراض قوة يخدم طموحاته التي طالما أطلقها خلال حملته الانتخابية وبعد توليه منصبه؟
على عكس الإدارة الأمريكية السابقة بقيادة بايدن، تُظهر إدارة ترامب الحالية أنها مستعدة لرفع مستوى التصعيد، وبالتالي، فإن تهديدات الرئيس الروسي السابق ميدفيديف لم تترك دون رد (كما كان الحال سابقًا)، بل تتلقى ردًا من الولايات المتحدة على شكل تصريحات لترامب تفيد بأنه تم تحريك غواصتين نوويتين أمريكيتين بالقرب من روسيا.
وهذا سيساعد ميدفيديف على الالتزام بأقواله وعدم اللجوء إلى التهديد باستخدام الأسلحة النووية.
- مدير الاستخبارات العسكرية الأوكرانية تحدث عن خطر "اختفاء أوكرانيا كدولة".. هل هذا يعكس قلقًا داخليًا حقيقيًا؟
بالتأكيد، فنحن أمام حرب شاملة تهدد كيان الدولة الأوكرانية بالكامل.
هذا الخطر حقيقي، وهو في صميم ما تسعى إليه روسيا بشكل سياسي وعسكري، ورغم ذلك، فإن أوكرانيا لا تزال تقاوم، وتبعث برسائل واضحة إلى شركائها الدوليين بأن دعمها لا يزال ضروريًا؛ لأن هزيمتها لن تعني فقط اختفاءها كدولة، بل ستفتح الباب أمام تهديدات وجودية تطال دولًا أخرى في أوروبا الوسطى.
- زيارة المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف إلى موسكو في هذا التوقيت.. هل تحمل بوادر انفتاح دبلوماسي؟
الزيارة تعبر عن استمرار واشنطن في تقديم نفسها كطرف مستعد للحوار.
ويتكوف يمثل هذا المسار تحديدًا، لكنه لا يعكس حصر الولايات المتحدة في المسار الدبلوماسي فقط.
وويتكوف سبق له أن أدار مفاوضات مع إيران في الوقت الذي كانت فيه واشنطن تستعد لضربة عسكرية، وهو ما يُظهر أن وجوده لا يعني استبعاد الخيارات الأخرى، وفي حال تلقيه ردًا سلبيًا فإن ذلك يزيد احتمالات تحرك عسكري أمريكي في ما يتعلق بالحرب الروسية ضد أوكرانيا.
- تأخر مجلس الشيوخ في تمرير قانون العقوبات الجديد على روسيا.. ما تفسيركم؟
بعد تولي ترامب الحكم لم تفرض الولايات المتحدة عقوبات جديدة على روسيا، ما دفع مجلس الشيوخ إلى التحرك لاحقًا، وكانت فكرة السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام هي دفع ترامب شخصيًا لتبني فكرة العقوبات، حتى تظهر كمبادرة رئاسية لا تشريعية، ووفقًا لهذا التوجه من المرجح أن تكون العقوبات المقبلة صادرة عن الرئيس الأمريكي نفسه.
- الضربة الروسية التي استهدفت مركز قيادة اللواء الجبلي 128 في دنيبروبيتروفسك وُصفت بأنها صفعة للقيادة الأوكرانية.. هل تؤشر هذه العملية إلى اختراق استخباراتي؟
ما حدث في 3 نوفمبر 2023، حين استهدفت روسيا موقع حفل عسكري بمناسبة "يوم قوات الصواريخ والمدفعية"، يشير بوضوح إلى اختراق محتمل أو على الأقل مراقبة دقيقة.
وهذه الضربات تؤكد ضرورة إلغاء مثل هذه التجمعات، وتشير إلى أهمية رفع مستوى المراقبة الجوية، خصوصًا ضد الطائرات المسيّرة الروسية التي باتت تتكرر مشاهدتها قرب مراكز التدريب والقيادة، بالإضافة إلى أن ذلك يسلط الضوء على ضرورة توسيع إنتاج وسائل الدفاع الجوي.
- في مناطق سومي وخاركوف، تتقدم القوات الروسية وتُنشئ ما يُعرف بـ"المنطقة العازلة".. برأيكم، هل نحن أمام خطة هجومية تمهد لتوسيع العمليات؟
روسيا حددت أهداف حملتها لصيف وخريف 2025 بوضوح، ولا توجد مؤشرات على نية التراجع.
الهدف الأول هو السيطرة الكاملة على لوغانسك ودونيتسك ضمن حدودهما الإدارية، أما الثاني، إنشاء "منطقة عازلة" داخل أوكرانيا بعمق يصل إلى 20 كيلومترًا، خاصة في منطقتي سومي وخاركيف.
ورغم تحقيق بعض النجاحات، فإنها تبقى غير مستقرة بسبب شدة المعارك، وعدم قدرة القوات الروسية على تثبيت وجودها في كل منطقة تسيطر عليها.
- أخيرًا.. صاروخ "أوريشنيك" الجديد، الذي يُقال إنه يعادل الذخائر النووية، دخل رسميًا الخدمة في الجيش الروسي.. ما الرسالة التي يحملها بوتين من وراء هذا الإعلان، خاصةً في ظل التصعيد المستمر؟
لطالما استخدمت روسيا التهديد بأسلحة جديدة كوسيلة للضغط السياسي والإعلامي، وغالبًا ما تقارن قوتها التدميرية بالأسلحة النووية، خاصة أن صاروخ "أوريشنيك" هو الأحدث ضمن هذه القائمة.
لكن الإعلان عن دخوله الخدمة يثير كثيرًا من الشكوك، خاصة في ظل عدم وجود دلائل ميدانية واضحة على فاعليته أو على صحة تصريحات بوتين بشأن توسيع إنتاجه.
هذا التوجه يأتي في ظل القيود المفروضة على موسكو من جانب الصين والهند، اللتين تمنعان استخدام السلاح النووي، ما يدفع روسيا للبحث عن بدائل "دعائية" ذات طابع ردعي.