ترامب يعلن أنه سيوجّه "خطابا إلى الأمة" الأربعاء
تبرز ترسانة الألغام البحرية الصينية كسلاح استراتيجي يهدد تفوق البحرية الأمريكية، مع تقارير عسكرية تقدر مخزون بكين من الألغام البحرية بين 50 ألفاً و100 ألف لغم، مما يجعلها واحدة من أكبر الترسانات العالمية.
ووفق تقرير لموقع "ناشيونال سكيورتي جورنال"، فإن هذه الألغام، التي تتجاوز 30 نوعاً، تمتد من النماذج التلامسية البسيطة إلى الأنواع "الذكية" التي تعمل بالتأثير المغناطيسي أو الصوتي أو الضغط، ويمكن تنشيطها عن بُعد.
كما أن هذه الألغام المصممة أساساً لدعم استراتيجية منع الوصول ومنع الدخول، تهدف إلى عرقلة حركة القوات الأمريكية في مناطق حيوية مثل مضيق تايوان وبحر الصين الجنوبي.
وتعتمد الصين على هذه الترسانة الضخمة لخوض حرب غير متكافئة منخفضة التكلفة وعالية العائد، إذ يمكن زرع الألغام عبر غواصات، وطائرات، أو حتى سفن مدنية متخفية في هيئة قوارب تجارية، مما يصعب اكتشاف مصادرها.
وفي حال اندلاع صراع، سيستخدم الجيش الصيني هذه الأسلحة لحرمان القوات الأمريكية من حرية المناورة، مما يبطئ الوتيرة التشغيلية ويرفع مستوى المخاطر، خصوصاً أن إدراك وجود حقول ألغام محتملة وحده كفيل بردع الخصم أو إجباره على تغيير مساراته، بتكلفة أقل بكثير من الضربات الصاروخية التقليدية.
يُعد مخزون الصين هذا تهديداً استراتيجياً طويل الأمد، خاصة في المياه الساحلية الضحلة حيث تكمل الألغام عناصر أخرى في نظام منع الوصول ومنع الدخول، إذ تجمع بين الجغرافيا المعقدة والمياه الضحلة، تحول هذه الألغام المناطق المتنازع عليها إلى فخاخ مميتة ضد السفن السطحية الأمريكية.
ومعظم الألغام مخصصة للاستخدام الساحلي، لكن تنوعها يشمل نماذج متقدمة قادرة على التمييز بين الأهداف المعادية والصديقة، وتلقي أوامر تفعيل عن بعد، إذ يعزز هذا التنوع فعاليتها في دعم الحرب غير المتكافئة، حيث تُرهق القوات المعادية بإزالة الألغام دون الحاجة إلى مواجهة مباشرة.
ومن الناحية التشغيلية، يشكل هذا المخزون تحدياً تكتيكياً مباشراً لمجموعات حاملات الطائرات الأمريكية، وقوات المهام البرمائية، وخطوط الإمداد، فرغم هيمنة بحرية الولايات المتحدة على المياه العميقة، إلا أنّها غير مستعدة بشكل كافٍ لحرب الألغام الساحلية.
ويصعب اكتشاف هذه الألغام الخفية والرخيصة قبل انفجارها، مما يجبر السفن على الانحراف، وإبطاء التقدم، ورفع حدود المخاطر المقبولة. وفي بحار متنازع عليها، قد يأتي الانفجار الأول من قاع البحر، لا من صاروخ أو طوربيد.
تدرك واشنطن التهديد، لكن الفجوات واضحة، فالعروض التوضيحية المشتركة مع اليابان في مكافحة الألغام مفيدة، إلا أنها لا تكفي لعمليات تطهير قابلة للتطوير أو لوجستيات مرنة، ولهذا فإن أمريكا مطالبة بالاستثمار فوراً في أنظمة غير مأهولة، واستخبارات ومراقبة واستطلاع متقدمة، ومفاهيم عمليات تركز على الألغام.
ويرى تقرير "ناشيونال سكيورتي جورنال"، أنه دون ذلك، ستبقى البحرية الأمريكية عرضة للضعف في المناطق الساحلية المعقدة، خصوصاً مع تطوير الصين لقدراتها في مكافحة الألغام بسرعة، مما يخلق سباق تسلح "غير متكافئ".
وتمتلك بكين نحو 60 سفينة مضادة للغواصات، كما أجرت تجارب على عمليات متكاملة تشمل أسراب مركبات غير مأهولة مع كشف جوي، ما يعزز مراقبتها المستمرة للمناطق البحرية، ويعقّد مهمة الولايات المتحدة.
رغم قوة التهديد الصيني إلا أن له حدوده، إذ يواجه النشر الواسع تحديات لوجستية هائلة واتساع المناظر البحرية، كما تعتمد الألغام على التشكيل لا الضربات الحاسمة. ويمكن للبحرية الأمريكية وحلفائها تخفيف ذلك عبر تعزيز الاستخبارات، والأنظمة غير المأهولة، وتوسيع مهام مكافحة الألغام، والمناورات لتجنب المناطق الملغومة.
كما يجب دمج تحليل التهديدات في التخطيط المسبق، وتطوير عمليات خداع ومسارات متكيفة للحفاظ على الوتيرة، خصوصا أن مخزون الصين الضخم ليس مجرّد إحصائية، بل أداة فعالة تستغل بالفعل، وهو ما يجعل البحرية الأمريكية مطالبة بإخراج حرب الألغام من الهامش ودمجها في هيكل قوتها.