ظهور رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي إلى جانب الرئيسَين الصيني شي جين بينغ، والروسي فلاديمير بوتين، على السجادة الحمراء في قمة منظمة شنغهاي للتعاون، لم يكُن مجرد صدفة دبلوماسية، بل كان نتاجًا مباشرًا لتصعيد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ضد نيودلهي، حيث لا يزال الموضوع يثير الكثير من الاستفسارات، بحسب "مجلس العلاقات الخارجية".
وأشار المجلس، في تقريرٍ له، إلى أن سياسات ترامب العقابية لم تدفع نيوديلهي إلى أحضان بكين وموسكو فحسب، بل أعادت إحياء عقيدة هندية قديمة تقوم على استغلال تناقضات القوى الكبرى دون الارتهان لأيٍّ منها.
ومنذ العام 2001، مثّلت المنظمة منصة رمزية أكثر منها مؤثرة، لكنها هذا العام تحولت إلى مسرح لخطوة لافتة "تقاربٌ علني بين الهند من جهة، والصين وروسيا من جهة أخرى"، بمباركة غير مباشرة من واشنطن التي أضعفت شراكتها مع نيودلهي.
وبحسب التقرير، انطلقت الشرارة في يونيو، عندما ادّعى ترامب أنه توسط شخصيًا لوقف إطلاق النار بين الهند وباكستان، الأمر الذي لطالما رفضته نيودلهي، ثم جاء القرار الأشد وقعًا "فرض رسوم عقابية بنسبة 50% على الهند وحدها"؛ بسبب واردات النفط الروسي وإعادة بيعه إلى أوروبا، في حين لم تُفرض قيودٌ مماثلة على دول أخرى مثل الصين أو تركيا.
ويرى الخبراء أن هذه الإجراءات أدّت إلى هبوطٍ حاد في العلاقات الأمريكية–الهندية، وفتحت المجال أمام مشهد غير مألوف، مفاده أن قادة الصين والهند وروسيا يُعلنون من تيانجين أن الوقت قد حان لـ"رقص التنين والفيل معًا"، في خطوة بدت وكأنها نكسة لمشروع استمر عبر 5 رؤساء أمريكيين، هدفه بناء شراكة مع نيودلهي لتشكيل توازن في مواجهة بكين.
لكن قرارات ترامب هددت بتقويض هذه المكتسبات؛ فالهند دولة فخورة بتقاليدها الإستراتيجية، وتدفعها مثل هذه السياسات إلى استدعاء إرث "عدم الانحياز"؛ إذ تستثمر تنافس القوى الكبرى لتعزيز استقلاليتها، وكما أوضح وزير الخارجية الهندي سوبرامانيام جايشانكار، لدى حديثٍ، في وقتٍ سابق، لـ"فايننشال تايمز" فإن نيودلهي تسعى إلى نظام عالمي يعكس واقع اليوم لا قواعد ما بعد 1945.
ويعتقد محللون أنه ومع ذلك، لا يعني تقارب مودي مع بكين أن العلاقات تحولت إلى تحالف متين؛ فالهند والصين ما زالتا غارقتين في نزاعات حدودية وصراعات اقتصادية وموروث طويل من العداء، لكن الرسالة أوضح ما تكون "نيودلهي لن تضع كل بيضها في سلة واحدة"، بل ستواصل الرقص مع الجميع دون "الزواج" بأيّ قوة كبرى.
وفي السياق ذاته، يكشف هذا التحول أن ما هو مهدد ليس فقط تراكم الإنجازات بين واشنطن ونيودلهي، بل اتجاه المسار نفسه؛ فالخسارة الأمريكية تكمن في دفع الهند إلى إعادة تفعيل إستراتيجية قديمة، تمنحها حرية أكبر لكنها تحرم واشنطن من شريك كانت تعتبره ركيزة لموازنة صعود الصين.