مسيّرة تستهدف سيارة على طريق بلدة مركبا جنوبي لبنان
في خضم الزخم الدولي حول تسريبات خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بخصوص إنهاء الحرب في أوكرانيا، وإبرام اتفاق سلام بين موسكو وكييف، تخرج إلى السطح، العديد من العناصر والتحديات التي قد تجعل هذه العملية، عبارة عن فاصل قد يقدم منعطفات جديدة على الساحة الدولية، وفق حسابات مصالح بين الولايات المتحدة والدول الأوروبية.
ويوضح خبراء في الشؤون الدولية والأطلسية والأوكرانية، أن كييف ترى في الخطة تنازلات خطرة، بينما تجدها موسكو غير كافية، في وقت تنقسم فيه أوروبا حولها، مشيرين إلى أن الخطة قد تنجح لأنها تقدم لروسيا حياد أوكرانيا من جهة، ومن جهة أخرى، تعطي ضمانات أمريكية لكييف، لكنها قد تفشل لأن مربط الفرس هو الأرض والعقوبات.
وأوضحوا في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أنه إذا لم تلتزم أوكرانيا بالجدول الزمني الخاص بخطة سلام ترامب حال التوقيع على الاتفاق والمضي فيه، قد تفقد أوكرانيا الضمانات الأمنية، أما إذا لم تلتزم روسيا، فتنص الخطة على إعادة فرض العقوبات العالمية ورفض الاعتراف بالأراضي المتنازع عليها.
وخرجت التسريبات الأمريكية عن خطة ترامب للسلام في أوكرانيا، في 19 نوفمبر الجاري، وتسلم في اليوم التالي فولوديمير زيلينسكي، نسخة من هذه المسودة، ثم أعلن الرئيس ترامب بعدها بـ24 ساعة، تحديد مهلة حتى يوم 27 من هذا الشهر، لإعلان كييف الرد الرسمي على الخطة، ثم يكون التوقيع على الاتفاق بين روسيا وأوكرانيا برعاية أمريكية.
وتقوم الخطوات التالية في حال التوقيع على الاتفاق من الجانبين، بوقف فوري لإطلاق النار، ثم سحب القوات الروسية والأوكرانية إلى خطوط متفق عليها، ليكون المضي بعد ذلك إلى تشكيل "مجلس السلام" للإشراف على التنفيذ، وعلى أثر ذلك، يتم عقد حوار أمني بين روسيا وحلف الناتو ومجموعة عمل بين واشنطن وموسكو.
وخلال 100 يوم من التوقيع على الاتفاق، أي من يناير إلى أبريل عام 2026، تنص الخطة على إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية حرة في أوكرانيا، وأن يتخلل ذلك، عملية تبادل أسرى وجثث شامل بين موسكو وكييف، ورفع العقوبات على روسيا، مع تخصيص تمويل يقدر من 100 إلى 200 مليار دولار من أصول روسية مجمدة، لإعادة إعمار أوكرانيا.
ويعتبر الهدف النهائي من الخطة الأمريكية، إنهاء الحرب بشكل كامل قبل نهاية 2025، مع تقديم ضمانات أمنية تشمل رداً عسكرياً مشتركاً إذا هوجمت أوكرانيا من قبل روسيا.
وبين المختص في الشؤون الروسية الأطلسية، باسل الحاج جاسم، أن حتى الآن ليس هناك تأكيد قوي بأن كييف أو موسكو قد التزمتا رسميا بـ "انسحاب فوري وسريع" كما تصوره خطة ترامب، في وقت تشير فيه المصادر إلى أن بنود الخطة، مثل سحب قوات أوكرانية من دونيتسك إلى منطقة منزوعة السلاح، لا تزال مثيرة للخلاف.
وأوضح جاسم في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أنه إذا لم تلتزم أوكرانيا بالجدول الزمني الخاص بخطة سلام ترامب، قد تفقد الضمانات الأمنية أو تثار إعادة فرض بعض الشروط، لكن من غير الواضح كيف سيفرض ذلك عمليا دون آلية تنفيذ قوية، أما إذا لم تلتزم روسيا، فتنص الخطة على إعادة فرض العقوبات العالمية ورفض الاعتراف بالأراضي المتنازع عليها.
وبحسب جاسم، فأن خطة السلام الأمريكية المكونة من 28 نقطة، تواجه ثلاث مشكلات، أوكرانيا تراها تنازلات خطرة، روسيا تراها غير كافية، وأوروبا منقسمة حولها، موضحا أن الخطة قد تنجح لأنها تقدم لروسيا حياد أوكرانيا من جهة، ومن جهة أخرى، تعطي ضمانات أمريكية لكييف، لكنها قد تفشل لأن مربط الفرس هو الأرض والعقوبات، وهذه قضايا لا يستطيع أي طرف التنازل عنها بسهولة.
ويعتقد جاسم أن أمام هذه الخطة فرص نجاح حاضرة لكنها ما زالت نصف ناضجة.
وبدوره، يؤكد الباحث في العلاقات الدولية نبيه واصف، أن التسوية النهائية تحتاج جدولا زمنيا أطول من ذلك، وربما يكون هذا الجدول "تحفيزيا" ولكن بطبيعة الحال فإن التنفيذ على الأرض يحتاج إلى خطة لها بنود إضافية.
وأضاف واصف في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن الخطة الأمريكية قائمة بشكل كبير على تفاهمات قمة آلاسكا بين ترامب وبوتين، وما تعمل عليه موسكو هو تغيير الالتزام الأوكراني حتى في مجال السلام بالشكل الذي لا يكرر هذه العملية مرة أخرى التي كانت فيها أوكرانيا أداة تنفيذ لحلف الناتو.
وذكر واصف أن هناك نقاط ما بعد الاتفاق تتمسك بها روسيا، تتعلق بمنع أي التفاف قادم من كييف بتحريك من الأوروبيين بقيادة ألمانيا خلال تنفيذ الخطة، وذلك يتعلق بانضمام غير مباشر إلى الناتو، بحجم وشكل تسليح يتم العمل عليه من جانب دول أوروبية منذ بداية الأزمة.
واستكمل واصف، الخطة مرتبطة من حيث التسوية بإجراءات متعددة داخل الاتحاد الأوروبي تنظر إليها موسكو وتتعلق بالعقوبات وهذه الخطة مرتبطة بمدى تعامل القارة العجوز مع ذلك، حيث سيكون لهذا التعاطي من جهة أخرى "ترمومتر" يتحرك على أساسه زيلينسكي.
ويرى واصف أن تنفيذ الخطة مرهون إلى حد كبير بمدى التفاهمات التي من الممكن أن تتغير على أثر ملفات بين دول الاتحاد الأوروبي وإدارة ترامب، لاسيما أن الأخير حتى الآن لم ينهِ ما يريد أن تفوز به شركات الصناعات العسكرية في بلاده من صفقات بخصوص خطة الانفاق الدفاعي الأوروبي، التي هي في الأساس تخص مواجهة روسيا وتعظيم الدعم العسكري لأوكرانيا في الحرب القائمة.
وأردف واصف أن تقديم خطة تحمل جانبا كبيرا مما تريده روسيا بهذا الشكل يعطي دلالات أن خطة ترامب بشكل كبير موجهة للتأثير على الأوروبيين في ملفات، بينما تمثل مصالح لواشنطن، وأيضا توجهه في تلاشي الالتزامات المادية للولايات المتحدة تجاه هذه الحرب واتفاقيات تدور حول عملية الانفاق الدفاع الأوروبي التي لم تقدم لترامب كل ما يريده.
فيما يعتقد الخبير في الشأن الاوكراني، محمد العروقي، أنه من المبكر الحديث عن هذه الأمور، وقد لا تكون في حال توقيع الاتفاق النقطة الأولى الخاصة بالانسحاب لأن هناك إطارا سيتم توقيعه وآليات تنفيذ، لذلك من المبكر الحديث في سياق تنفيذ الخطة، لاسيما فيما يتعلق بإمكانية قبول كييف وأوروبا لها بهذا الشكل.
وأفاد العروقي في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن ما يعرض بخطة إنهاء الحرب هذه المرة ليست مثل المرات السابقة وسوف يكون هناك شيء ما، ولكن الأوروبيين والأوكرانيين الآن يحاولون احتواء ترامب وحماسة حتى الخميس المقبل.
وأشار العروقي إلى أن الأمور لن تحمل تفاهما حول الخطة بسهولة في وقت يرى فيه دبلوماسيون أمريكيون أن هذا الاتفاق سيكون على غرار اتفاق غزة في وقت نرى فيه الآن فيما يتعلق بالأخير ما يحدث، ولا يعلم أحد أين المرحلة الثانية من الثالثة، أو مدى تنفيذ النقاط الحقيقة التي تم الاتفاق عليها وأصبح الموضوع من منظور القوة، حيث تطبق إسرائيل ما تراه مناسبا، وتقول إن ذلك ضمن الاتفاق، وروسيا ستتبع النهج نفسه.
واستطرد بأن الأمور معقدة للغاية في هذا الوقت ومن الصعب الآن الحديث في أي سياقات أذا لم يتم توقيع اتفاق إطار وآلية واضحة للتنفيذ.
