ترامب: حدودنا كانت مفتوحة وتعرضنا للغزو من قبل الملايين
من قاعة محاكمته، اختار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن يعلن بدء عملية احتلال مدينة غزة.
وكما حدث، مراراً، تلقّى "مظروفاً غامضاً"، واتصالاً هاتفياً، فأبلغ المحكمة أنه "مضطر للمغادرة" لمتابعة تطورات الحرب.
"هل قررتَ قتل المختطفين لإنقاذ نفسك من السجن"؟ سؤال وجهته صحفية، وأحد ذوي المختطفين لنتنياهو، بعدما تكررت حالات تأجيل محاكمته التي بدأت العام 2020، بتهم تتعلق بالفساد، وتلقي الرشى، وغالباً لأسباب تتعلق بإحدى الحروب التي تخوضها حكومته.
وشهدت جلسات محاكمة نتنياهو التي بدأت، رسمياً، في 24 مايو 2020، بعد تحقيقات معه استمرت منذ 2016، تأجيلاً متكرراً، لأسباب كان بعضها يبدو تقنياً، كما في التأجيل الأول الذي جاء بسبب جائحة كورونا (كانت الجلسة الأولى مقررة في مارس 2020)، أو بسبب الانتخابات.
لكن صراعاً عنيفاً على السلطة بدأ يظهر بعدما انتفت تلك الأسباب، لتظهر معارك حقيقية كالتي خاضها فريق نتنياهو مع القضاء ذاته، والمحكمة العليا الإسرائيلية، حين حاول تقليص صلاحياتها، وإجراء تغييرات جذرية في جهاز القضاء.
ومنذ أكتوبر 2023 صار "الأمن القومي" هو الذي يبعد نتنياهو عن مواجهة القضاء، ويحول جلسات المحاكمة إلى حدث غير ذي أولوية في سياق محاولات فريق نتنياهو بإقناع الإسرائيليين أنهم يواجهون خطراً وجودياً وحروباً عليهم أن يخوضوها على 7 جبهات، كما يقول القادة العسكريون في إسرائيل.
وأضيف إلى كل ذلك التدخل الشخصي للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي وصل في دعمه لـ"بيبي" (كما يحب أن يسميه) حد مهاجمة القضاء الإسرائيلي، والتهديد بقطع المساعدات عن إسرائيل.
تحت الطلب
أعطت حرب أكتوبر 2023 مسوغاً لتأجيل محاكمة نتنياهو مدة شهرين، قبل أن تُستأنف في 10 ديسمبر العام 2024، على أن يدلي بأقواله 3 مرات في الأسبوع، وهو ما لم يحدث، فالحرب التي بدأتها إسرائيل على غزة بعد "طوفان الأقصى" توسعت لتشمل جبهات أخرى كانت بينها 4 دول.
وفي المقابل كان نتنياهو يواجه تهماً أخرى تجاوزت الفساد والرشى، لتصل حد إصدار مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو، ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت، بتهم "ارتكاب جرائم الحرب، وجرائم ضد الإنسانية".
كانت الحرب، والدوافع الأمنية، و"المظروف المختوم" أسباباً متكررة في تأجيل الجلسات، إضافة إلى تدخل من ترامب، ومن أمثلة ذلك:
ـ حرب إيران أوقفت جلسات محاكمة نتنياهو الذي حاول أن يطيل أمد تعليق الجلسات، بعد تلك الحرب، بالنظر إلى تداعياتها، وهو ما لم توافق عليه المحكمة، إلا بتدخل من ترامب.
ففي 27 يونيو/حزيران الماضي رفضت المحكمة الإسرائيلية العليا طلباً بتأجيل جلسة محاكمة نتنياهو الذي أرفق طلبه بمظروف مختوم تحدث فيه عن عملية "عام كالافي" ضد إيران.
وقال إن ما أعقبها من تطورات إقليمية وعالمية أخرى، سيجعل رئيس الوزراء "يكرس كل وقته وطاقته" لها.
إلا أن المحكمة عادت بعد يومين لتوافق، على الطلب وتلغي جلسات المحاكمة، بعدما طالب ترامب بذلك حسبما ذكرت القناة 12 الإسرائيلية في حينه.
وكان ترامب وجّه انتقادات للادعاء العام الإسرائيلي قائلاً إن "ما يفعله ممثلو الادعاء الخارجون عن السيطرة مع بيبي (المقصود: "بنيامين نتنياهو" ضرب من الجنون"، وهدد بتعليق المساعدات الأمريكية لإسرائيل.
ـ في 16 يوليو/تموز الماضي، توقفت جلسة لمحاكمة نتنياهو، وغادر القاعة فجأة، بعدما تلقّى "تحديثاً أمنياً طارئاً".
وذكر إعلام عبري في حينه أن السكرتير العسكري لنتنياهو حضر "بشكل استثنائي" إلى قاعة المحكمة، وسلّم نتنياهو "مظروفاً"، قبل أن يطلب الأخير تعليق الجلسة، ويغادر.
المظروف هذه المرة كان يتعلق بالتطورات في سوريا، إذ كانت إسرائيل تشن غارات عنيفة هناك، تزامناً مع الأزمة بين حكومة دمشق ومحافظة السويداء.
من الاحتيال إلى "الإبادة الجماعية"
يُحاكم نتنياهو بتهم: تلقي الرشى (بنحو مليون دولار)، وخيانة الأمانة، والاحتيال.
ويواجه 3 ملفات تُعرف بالأرقام 1000 و2000 و4000.
وفي حال إدانته بالتهم سيكون عليه أن يواجه حكماً بالسجن 10 سنوات.
وإن كانت حروب نتنياهو، تضمن تمديد التقاضي أمام المحكمة إلى أجل لا يبدو معروفاً بعد، إلا أن تلك الحروب أضافت إلى سجله تهماً جديدة، كان أهمها ما صدر عن المحكمة الجنائية الدولية.
أمس، وتزامناً مع إعلان تأجيل جديد، بسبب بدء عملية لاحتلال مدينة غزة، كانت لجنة تحقيق أممية تعلن أن إسرائيل "ترتكب إبادة جماعية في غزة"، وحمّلت رئيسة لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بالأرض الفلسطينية المحتلة "السلطات الإسرائيلية على أعلى المستويات" المسؤولية عن تلك "الجرائم المروعة".