ترامب: أجريت محادثات جيدة مع قادة أوروبيين بشأن أوكرانيا
في مشهد سياسي فرنسي لا يخلو من المفاجآت، قلب رئيس حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف، جوردان بارديلا، كل التوقعات بموقف غير معهود من الجدل المثار حول بريجيت ماكرون، السيدة الأولى لفرنسا.
فبدلًا من استغلاله الفرصة لمهاجمة زوجة الرئيس إيمانويل ماكرون، كما كان متوقعًا، اختار بارديلا طريقًا مختلفًا تمامًا، أثار دهشة الجميع، وأعاد رسم خطوط النقاش السياسي.
الخلفية تعود إلى مقطع فيديو مثير للجدل انتشر على نطاق واسع، يُظهر بريجيت ماكرون وهي تنتقد بعنف ناشطات نسويات قاطعن عرضًا مسرحيًا للكوميدي آري أبيتان.
التصريحات التي نُسبت للسيدة الأولى أثارت موجة عارمة من ردود الفعل على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث انقسمت الآراء بشدة، فالبعض اعتبر أنه لا يمكن الدفاع عن كلماتها، بينما رأى آخرون أنها مجرد لحظة غضب تم تصويرها خارج سياقها.
ويبدو أن الجدل كان متجهًا نحو المسار الكلاسيكي المعتاد: استنكار واسع، إدانات سياسية، وتصعيد إعلامي، لكن ما حدث يوم السبت الماضي جاء ليغير هذا السيناريو تمامًا.
وفي برنامج "Quelle époque!"، فاجأ جوردان بارديلا الجميع برفضه "إدانة" السيدة الأولى، رغم الانتقادات الحادة التي تعرضت لها منذ انتشار الفيديو.
وأمام المذيعة ليا سلامة، اعترف بارديلا بأن التصريحات كانت "عنيفة"، دون أن يحاول التقليل من شأنها، لكنه سارع إلى التذكير بأنها صدرت في إطار خاص، مشددًا على أن نشر الفيديو يطرح هو الآخر إشكالية.
"لا أريد إدانتها"، عبارة قالها بارديلا أثارت ردود فعل فورية، نظرًا لتناقضها الصارخ مع الصورة القتالية المعتادة لرئيس حزب التجمع الوطني، المعروف بمواقفه الحادة ضد الحكومة الفرنسية، والرئيس إيمانويل ماكرون.
هذا الموقف كان مفاجأة حتى داخل الأوساط السياسية، فالبعض رأى فيه استراتيجية لكسب المصداقية والظهور بمظهر المعتدل، بينما اعتبره آخرون محاولة صادقة للتهدئة.
لكن أيًا كانت الدوافع، فإن بارديلا نجح في تغيير مسار النقاش، وبدلًا من مهاجمة السيدة الأولى مباشرة، وسّع نطاق التفكير، منتقدًا أيضًا مقاطعة عرض آري أبيتان.
وذكر بارديلا بأن الأماكن الثقافية يجب أن تظل مساحات للحوار، وليس للمواجهة.
ووجد هذا الموقف صدى خاصًا لدى جزء من الجمهور المتعب من الجدالات التي لا تنتهي، لكنه أثار أيضًا انتقادات، حيث اعتبر البعض أن ممثلًا سياسيًا لا يمكنه أن يظل محايدًا أمام مثل هذه التصريحات.
ورغم ذلك، بتجنبه المزايدة، نجح بارديلا في فرض ايقاع إعلامي جديد على القضية.
في هذه الأثناء، يستمر صمت بريجيت ماكرون في تغذية النقاشات.
ومن جهتها، اعتبرت الصحفية ناتاشا بولوني أن تصريحًا من السيدة الأولى سيكون ضروريًا لإنهاء هذا التوتر.
شيء واحد مؤكد: هذه الجملة، التي لم يتوقعها أحد من بارديلا، كانت كافية لإعادة إشعال جدل كان الكثيرون يعتقدون أنه قد حُسم بالفعل.
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن: هل سيستمر بارديلا في هذا النهج المعتدل، أم أن الأمر مجرد مناورة تكتيكية مؤقتة؟
الوقت وحده سيكشف ما إذا كان هذا الموقف يمثل تحولًا حقيقيًا في أسلوب السياسي اليميني المتشدد، أم أنه مجرد استراحة محارب في معركة سياسية طويلة ضد حكومة ماكرون.