الكرملين: مشاركة الأوروبيين في مفاوضات أوكرانيا "لا تبشّر بالخير"

logo
العالم

بعد عام من انتخابه.. كيف ينظر الأمريكيون لسياسات ترامب؟

الرئيس الأمريكي دونالد ترامبالمصدر: (أ ف ب)

أظهرت نتائج الانتخابات الأمريكية الأخيرة أن شعبية دونالد ترامب لم تعد كما كانت، ليس فقط على صعيد السياسات الداخلية، بل أيضًا في نظرته إلى العالم.

فبينما فشلت إدارته في خفض تكاليف المعيشة أو تحسين أوضاع الطبقة الوسطى، اتُّهمت ممارساته تجاه المهاجرين بالوحشية وأثارت استياء سكان المدن الكبرى، إلى جانب شبهات الفساد التي لاحقته.

ورغم أن السياسة الخارجية لا تكون عادة محورًا أساسيًا في انتخابات محلية أو على مستوى الولايات، فإن استطلاعات الرأي الوطنية تكشف تحولات ملحوظة في نظرة الأمريكيين إلى أداء ترامب الخارجي، بحسب مجلة "The American Prospect".

ومن تهديداته لفنزويلا، إلى الغارات الجوية على إيران، ووقف إطلاق النار المتعثر في الشرق الأوسط، بدا أن ترامب يتحرك بدافع تحقيق إنجاز رمزي أو نيل “جائزة سلام” أكثر من بناء سياسة دولية متماسكة.

أخبار ذات علاقة

ترامب خلال التوقيع على قرار تمويل الحكومة

أول تعليق من ترامب بعد إنهاء الإغلاق الحكومي الأطول في تاريخ أمريكا

أظهر استطلاع الرأي الذي أجراه معهد الشؤون العالمية (IGA) بالتعاون مع شركة "يوجوف"، أن نصف الأمريكيين تقريبًا يرون ترامب "ضعيفًا" في السياسة الخارجية (50%)، مقابل 37% فقط يصفونه بالجيد.

حتى بين الجمهوريين، بدأ يتشكل تململ متزايد من أسلوبه الانفرادي في اتخاذ القرارات وميله إلى استخدام القوة دون تنسيق مع الكونغرس أو الحلفاء.

استقطاب حزبي حاد... لكن أرضية للتقارب

كشفت نتائج الاستطلاع أن الانقسام الحزبي لا يزال حادًا في توصيف شخصية ترامب وسلوكه الدولي.

الجمهوريون يرونه "صارمًا" و"ذكيًا" و"صانع سلام"، بينما الديمقراطيون يعتبرونه "مدمرًا" و"متهورًا" و"متقلبًا". لكن اللافت أن هناك نقاط التقاء نادرة بين الحزبين، خصوصًا في القضايا التي تتعلق بتفويض استخدام القوة والإنفاق العسكري.

نحو نصف الجمهوريين يعارضون استخدام القوة العسكرية دون موافقة الكونغرس، وهو تحول غير مسبوق داخل حزب لطالما تبنّى النزعة العسكرية.

ويرفض 94% من الديمقراطيين أي تدخل عسكري غير مصرح به، كما لا يؤيد سوى 17% من الجمهوريين تغيير النظام في إيران، وهو مؤشر على فتور الرغبة في مغامرات خارجية جديدة.

أخبار ذات علاقة

ترامب بعد التوقيع على القرار

بتوقيع ترامب.. انتهاء أطول إغلاق حكومي في تاريخ الولايات المتحدة

أما بشأن الإنفاق الدفاعي، فقد أظهر الاستطلاع أن الغالبية العظمى من الجمهوريين (66%) تفضّل الإبقاء على ميزانية الدفاع الحالية دون زيادات، رغم أن الكونغرس أقرّ مؤخرًا زيادات بمليارات الدولارات في موازنة وزارة الدفاع.

ويرى 48% من الأمريكيين أن بلادهم تنفق أكثر من اللازم على الجيش، مقابل 13% فقط يرون أن الإنفاق غير كافٍ.

هذا التحوّل في المزاج العام يُبرز نزعة جديدة نحو الواقعية وضبط النفس، وقد يخلق أرضية لتعاون نادر بين الحزبين ضد التدخلات العسكرية المكلفة وغير المصرح بها.

تراجع نزعة التوسع العسكري وبروز أولوية الداخل

يُظهر استطلاع IGA أن الرأي العام الأمريكي يتجه بوضوح نحو تقليص الوجود العسكري في الخارج.

فالأغلبية في كلا الحزبين لا ترغب في زيادة القوات الأمريكية في أي منطقة من العالم، بل إن نسبًا متزايدة تؤيد خفضها بنسبة تقارب 2 إلى 1؛ وحتى داخل الحزب الجمهوري، لم تعد النزعة التدخلية تلقى قبولًا كما في السابق.

أما فيما يخص استخدام القوة ضد عصابات المخدرات في أمريكا اللاتينية دون موافقة تلك الدول، فقد انقسم الأمريكيون بين مؤيد (44%) ومعارض (42%)؛ ما يعكس حذرًا متزايدًا من العمليات العسكرية خارج نطاق القانون الدولي.

ويشير الاستطلاع أيضًا إلى اتساع فجوة الثقة بين الجمهور ومؤسسة الأمن القومي. فمعظم الديمقراطيين والمستقلين، وعدد ملحوظ من الجمهوريين، باتوا يشكّكون في الروايات الرسمية التي تبرر التدخلات الخارجية أو توسيع النفوذ العسكري الأمريكي.

أخبار ذات علاقة

عفو على مكتب الرئيس.. هل ينجو نتنياهو من الزنزانة بتوقيع من ترامب؟

عفو على مكتب الرئيس.. هل ينجو نتنياهو من الزنزانة بتوقيع من ترامب؟

وحتى في ظل غياب أصوات معارضة قوية في الإعلام، فإن الناخبين باتوا أكثر نقدًا وانتباهًا للسياسات التي تستهلك الموارد دون مردود واضح على الداخل الأمريكي.

أمريكا بين إرث ترامب وواقع جديد للسياسة الخارجية

تكشف نتائج استطلاعات الرأي الأخيرة أن الأمريكيين لا يشعرون بالرضا عن نهج ترامب الخارجي، ويرغبون في إعادة توجيه السياسة الأمريكية نحو الاهتمام بالأولويات المحلية وتقليص النزعات الإمبريالية القديمة.

ورغم أن الولايات المتحدة لا تزال تُعرّف نفسها كقوة عالمية، فإن المزاج الشعبي بات يميل إلى سياسة أكثر توازنًا وتواضعًا في التعامل مع الخارج.

قد يفتح هذا التحوّل الباب أمام تحالفات ثنائية الحزب تدفع باتجاه الشفافية، وتقليص الإنفاق العسكري، وفرض رقابة أقوى على استخدام القوة.

إنها لحظة انتقالية في الوعي السياسي الأمريكي؛ فبينما يسعى ترامب إلى استعادة مجده عبر استعراض القوة، يبدو أن الناخبين أنفسهم بدأوا يفضّلون القوة الهادئة على الخطاب الصاخب، والانكفاء الواعي على المغامرات الخارجية.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC