تحوّلت جماعة "اللاكوراوا" من قوة حماية مرحّب بها في شمال غرب نيجيريا، إلى مصدر رعب يهدد حياة ملايين السكان في ولايات سوكوتو وكيبي وزمفارا والمناطق المحيطة.
وفي حوادث متكررة خلال الأشهر الماضية، نفّذ مسلحو الجماعة عشرات الهجمات على القرى، حيث قتلوا وخطفوا المئات من سكان المناطق المحاذية للحدود مع النيجر.
ووفق تقرير لمجلة "جون أفريك" الفرنسية، فإن "الأفعال الانتقامية" التي مارسها أفراد الجماعة "بالغة العنف"، مستشهدة بالهجوم على بضع قرى بولاية سوكوتو انتقامًا من مقتل أحد قادتها، إذ اقتحم المسلحون الذين يستقلون دراجات نارية القرى، وأطلقوا النار عشوائيًّا، وأحرقوا المنازل، واختطفوا مدنيين.
وخلال 48 ساعة فقط، امتدّت الهجمات إلى قرى مجاورة، مخلفة نحو 15 قتيلًا وعشرات المخطوفين، ومُجبرة مئات الأسر على النزوح نحو مدينة سوكوتو والغابات المجاورة.
تعد هذه الهجمات حلقة جديدة ضمن سلسلة عمليات عنيفة تنفذها "لاكوراوا"، وهي تسمية هوساوية تعني "المجنّدين" أو "المرتزقة"، والتي تحوّلت خلال سنوات قليلة من قوة حماية مرحّب بها إلى مصدر رعب يهدد حياة ملايين السكان.
وبدأ ظهور جماعة "لاكوراوا"، عام 2016، حين تفشّى قطع الطرق والاختطاف مقابل فدية في شمال غرب نيجيريا، إذ كانت قرى الفولاني الرعوية هدفًا سهلًا، وفشلت قوات الأمن في حمايتها.
واستقدم الأهالي حينها مقاتلين محترفين من مالي والنيجر وبوركينا فاسو، غالبيتهم من قبائل الفولاني عبر الحدود، ودفعوا لهم بالنقود والماشية لصد قطاع الطرق.
وفي البداية، استقبلتهم القرى بالزغاريد والترحاب، لكن بحلول 2018-2019 انقلبت الصورة تمامًا، فبدأ المرتزقة يفرضون تفسيرًا متطرفًا للشريعة، من منع الموسيقى، وإلزام النساء بالنقاب الكامل.
كما فرضوا عقوبات الجَلد والإعدام لـ"المخالفين"، وجباية ضرائب باسم "الزكاة"، ثمّ تحولت خلال أشهر قرى بأكملها إلى معسكرات تدريب، ومَن رفض الخضوع هُجّر أو استُعبد، وفق تقرير "جون أفريك".
لا دليلَ قاطعًا على أن "لاكوراوا"، كيان واحد منظم، كما ينقل جنود نيجيريون أسَروا مقاتلين في سوكوتو فوجدوا رؤية سلفية تختلف جذريًّا عن آخرين أُسروا في كيبي.
يقول معلم محلي (61 عامًا) متعجبًا: "الجماعة ذاتها… لكن كل فصيل يفسر الإسلام على هواه، ومع ذلك يقاتلون معًا".
ويعيق هذا الغموض العلماء المحليين عن صياغة رد ديني موحد، لكن باحثين مثل الفرنسي فينسنت فوشيه، المتخصص في الجماعات المتطرّفة بالساحل، يحذرون من تسلل خلايا تابعة لجماعة "نصرة الإسلام والمسلمين"، المنضوية تحت القاعدة إلى نيجيريا مستغلة اسم "لاكوراوا" للتمويه.
وبالفعل، نسب الجيش النيجيري هجمات نفذها مقاتلون يسميهم الأهالي "لاكوراوا" مباشرة إلى جماعة "نصرة الإسلام والمسلمين"؛ ما يثير مزيدًا من الغموض والالتباس.
منذ يناير 2024، قُتل نحو 250 شخصًا في هجمات نسبت إلى لاكوراوا، من مدنيين وقطاع طرق وجنود، وفق تقارير منظمة أكليد ومنظمة العفو الدولية.
وأُفرغت قرى من سكانها، كما أغلقت المدارس، وهُجرت الأسواق، وتنقل "جون أفريك عن شيخ قرية فرّ مع عائلته: "يحكمون بالسيف.. يختبرون إيمانك، فإما عبدًا وإما جثة"
وصنّفت الحكومة النيجيرية جماعة "لاكوراوا" منظّمة إرهابية رسميًّا في يناير الماضي، لكن غياب القيادة المركزية والشعار والإعلام يجعل استهدافها عسكريًّا شبه مستحيل.