رئيس وزراء أستراليا: الحكومة ستتبنى إصلاحات للقضاء على الكراهية والتطرف
تواصل إسرائيل رسم واقع جديد في الضفة الغربية والقدس، عبر عمليات متسلسلة تشمل تنفيذ مخططات تتضمن زيادة غير مسبوقة في أعداد الوحدات الاستيطانية، لأغراض السكن وإقامة المشاريع الاقتصادية.
وتزايدت وتيرة العمليات الاستيطانية في الضفة الغربية، بعد اندلاع الحرب في قطاع غزة عقب هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، لتبدأ إسرائيل في تنفيذ أضخم المشاريع الاستيطانية في عهد أكثر الحكومات الإسرائيلية يمينية.
وإضافة للمشاريع الاستيطانية، كرست إسرائيل واقعًا معقدًا في الضفة الغربية بعد إقامة مئات البوابات الحديدية التي تفصل مدن وقرى الضفة الغربية وتعزلها عن بعضها البعض.
وقال المختص في شؤون الاستيطان سمير خليلية، إنه "تم توثيق أكثر من 40 ألف اعتداء من قبل الاحتلال والمستوطنين خلال العامين الماضيين، 20 إلى 25% منها نفذها المستوطنون"، مشيرًا إلى أن 33 فلسطينيًا قُتلوا برصاص المستوطنين، ما يُعد مؤشرًا خطيرًا على تصاعد العنف الممنهج.
وأضاف لـ"إرم نيوز": "إسرائيل نفذت عمليات تهجير قسرية طالت أكثر من 65 تجمعًا فلسطينيًا، مع تهديدات تطال أكثر من 40 تجمعًا آخر، خاصة في الأغوار وجنوب الخليل والمناطق المصنفة (ج)".
وأوضح أن "العنف الاستيطاني ليس عشوائيًا، بل يتم بشكل منظم ومنسّق مع الجيش والحكومة الإسرائيلية، إذ يُنفَّذ ما يعجز الجيش عن القيام به عبر المستوطنين، الذين يُستخدمون كأداة لبث الرعب والخوف وملاحقة الفلسطينيين ودفعهم قسرًا لترك أراضيهم".
وقال خليلية إن "هذا التصعيد تزامن مع طفرة في البناء الاستيطاني، حيث صادقت السلطات الإسرائيلية خلال العامين الماضيين على أكثر من 45 ألف وحدة استيطانية جديدة، وهو رقم غير مسبوق يشكّل ربع عدد الوحدات التي أقيمت في الضفة الغربية والقدس منذ عام 1967"، لافتًا إلى أن عدد البؤر الاستيطانية تجاوز 300 بؤرة.
وأوضخ أن "شبكة الحواجز الإسرائيلية في الضفة الغربية، تجاوز عددها 1200 حاجز مختلف الأنواع، تعمل على تقسيم الأراضي الفلسطينية جغرافيًا"، مشيرًا إلى أنها فصلت المحافظات الفلسطينية، وأدت لتفكيك التجمعات الفلسطينية داخل المحافظات نفسها.
ويشير خليلية إلى أن التغيرات التي شهدتها الإدارة المدنية الإسرائيلية في الضفة الغربية جاءت مع تشكيل الائتلاف الحاكم الجديد، حيث تولى الوزير المتطرف بتسلئيل سموتريتش إدارة الإدارة المدنية، التي تعد الذراع التنفيذية للجيش الإسرائيلي في الضفة.
وقال خليلية: "منذ تولي سموتريتش المسؤولية، أصبحت عملية الموافقة على المشاريع الاستيطانية أكثر تسريعًا وبساطة، وفي السابق، كانت الموافقات تمر بـ17 مرحلة معقدة على مدى سنوات، إلا أن سموتريتش ألغى معظم هذه المراحل واستبدلها بخطوات مختصرة تتطلب فقط مرحلتين أو ثلاثًا للطرح والتنفيذ".
وأضاف: "السلطات الإسرائيلية خصصت ميزانيات ضخمة تجاوزت 2 مليار دولار لتطوير شبكة طرق التفافية، تفصل بين طرق للمستوطنين وطرق للفلسطينيين، مما يغير بشكل جذري المشهد الجغرافي في الضفة الغربية ويعزز السيطرة الاستيطانية".
وتابع: "هناك توجه واضح لتشكيل جيش للمستوطنين، حيث تم إصدار أكثر من 300 ألف رخصة حمل سلاح للمستوطنين في الضفة خلال الفترة الماضية، وهو مؤشر خطير يعكس نية الاحتلال في دعم استيطان مسلح ومكثف داخل الضفة".
من جانبه، قال المختص في شؤون الاستيطان عبد الهادي حنتش، إن "إسرائيل استغلت انشغال الرأي العام العالمي بالحرب على غزة لتمنح المستوطنين حرية مطلقة في فرض واقع جديد على الأرض".
وقال حنتش لـ"إرم نيوز": "اللافت أن العديد من هذه البؤر الاستيطانية أُقيمت بالقرب من مستوطنات إسرائيلية قائمة، ما يسمح بدمج هذه البؤر مع المستعمرات عبر الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية الواقعة بينهما، هذا الدمج الفعلي يؤدي إلى توسّع استيطاني واسع النطاق يُغيّر من طبيعة الأرض والسكان".
وتابع: "بدأت بعض البؤر الاستيطانية تأخذ منحى جديدًا من حيث الشكل والبنية، بدعم مباشر من الحكومة الإسرائيلية، حيث أضيفت كرفانات ومرافق جديدة، ما حوّل هذه البؤر من نقاط عشوائية إلى مستعمرات أكبر وأشدّ ترسخًا".
وأضاف: "تنتشر في الأراضي الفلسطينية المحتلة جماعات استيطانية تحمل أسماء مثل (شبيبة التلال) و(راكي) و(كريم)، وغيرها من التشكيلات التي تعمل تحت غطاء منظم لكنها في حقيقتها جماعات مسلحة، هدفها الأساس هو تعزيز المشروع الاستيطاني وتوسيع رقعة السيطرة على الأرض الفلسطينية".
وقال حنتش: "تُستخدم هذه البؤر الاستيطانية كوسيلة استراتيجية لمنع قيام دولة فلسطينية مترابطة جغرافيًا، فمع كل بؤرة جديدة، تتقلص المساحة المتاحة لإقامة دولة ذات سيادة، ويتفكك النسيج الجغرافي الفلسطيني أكثر فأكثر".
وأضاف: "منذ بداية الحرب في غزة، لم تكتفِ إسرائيل بإقامة بؤر استيطانية جديدة، بل سارعت أيضًا إلى تشريع العديد من البؤر القديمة، وإضفاء صفة الشرعية عليها ضمن المنظومة القانونية الإسرائيلية، رغم مخالفتها الصريحة للقانون الدولي".
وأكد أن "ما يجري هو ترحيل منهجي للسكان الفلسطينيين من أراضيهم ومنازلهم، تحت غطاء قانوني مزعوم أو عبر القوة، والهدف هو تفريغ الأرض وتحويلها إلى مناطق استيطان خالصة للمستوطنين الإسرائيليين، وهذا يعني عمليًا إلغاء الوجود الفلسطيني من مناطق واسعة في الضفة الغربية".