تحدثت معلومات يُكشف عنها للمرة الأولى حول عملية اغتيال الأمين العام السابق لميليشيا حزب الله، حسن نصر الله، عن أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، كان متردداً في اتخاذ قرارها.
ووفق تقارير إسرائيلية، فإن اللحظات الأخيرة قبل العملية التي نُفّذت في سبتمبر الماضي، شهدت تبايناً في المواقف داخل الحكومة، كاد أن يلغيها.
وذكرت القناة الرسمية الإسرائيلية "كان 11"، أن نتنياهو كان متردداً لأسابيع حيال تنفيذ العملية، لكنه أعطى الضوء الأخضر لشنّها في اللحظة نفسها التي أنهى فيها خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.
كما أن السفير الإسرائيلي السابق لدى واشنطن، مايك هيرتسوغ، أوصى بضرورة إبلاغ إدارة الرئيس الأمريكي السابق، جو بايدن، مسبقاً تفادياً لتبعات إعلامية ودبلوماسية، رغم معارضة نتنياهو الذي رضخ لضغوط قادة المؤسسة الأمنية والعسكرية، لا سيما وزير الدفاع يوآف غالانت.
وفي النهاية أُبلغ مستشار الأمن القومي الأمريكي جاك ساليفان بالعملية، إلا أنه لم يرد على اتصال السفير، ولم يعلم بالتفاصيل إلا بعد دقائق من تنفيذ الاغتيال.
وعبّر ساليفان فيما بعد عن غضبه الشديد، ووجّه انتقاداً قاسياً لإسرائيل قائلاً: "أنتم تجعلوننا نبدو كالأغبياء، كنّا نُعدّ لمبادرة وقف إطلاق نار مع لبنان، وأنتم تنفذون اغتيالاً قد يشعل المنطقة".
وكانت الجهة الأمريكية الوحيدة التي علمت مسبقاً بعملية اغتيال نصر الله هي وزارة الدفاع، إذ أخبر غالانت نظيره لي أوستن قبل ربع ساعة من تنفيذ الضربة.
وروى غالانت في مقابلة مع القناة الإسرائيلية "13" تفاصيل المكالمة التي أجراها مع أوستن، قائلاً: "أبلغته بأننا على وشك تنفيذ اغتيال نصرالله. فقال لي غاضباً: أنتم قد تشعلون حرباً إقليمية. فأجبته: هذا الرجل مسؤول عن مقتل آلاف الإسرائيليين ومئات الأمريكيين".
وكانت إسرائيل قد أعدّت خطة لاغتيال نصرالله منذ حرب يوليو 2006، لكنها جمّدتها مراراً خشية الانزلاق إلى مواجهة إقليمية واسعة، غير أن التطورات المتسارعة في سبتمبر 2024، غيّرت المعادلة.
وحصلت إسرائيل على معلومات استخبارية دقيقة تفيد بأن نصرالله سيشارك في اجتماع سري في مقر "حزب الله" في ضاحية بيروت الجنوبية، في الطابق 14 تحت الأرض، في سبتمبر 2024.
حينها ذكرت صحيفة "لو باريزيان" الفرنسية، أن جاسوساً إيرانياً تعاون مع إسرائيل وأبلغها عن توقيت وصول نصرالله، وكان برفقته نائب قائد "فيلق القدس" في لبنان، عباس نيلفوروشان، إذ حضرا معاً مراسم تشييع القيادي في وحدة المسيّرات، محمد سرور، ثم توجها إلى مقر الاجتماع في حارة حريك.
وعلى الفور، عُقد اجتماع أمني رفيع ضمّ يومها رئيس الأركان الإسرائيلي هرتسي هليفي، ورئيس "الموساد" دودي بارنياع، ورئيس "الشاباك" رونين بار، إلى جانب وزير الدفاع غالانت، وخلصوا جميعاً إلى ضرورة تنفيذ الاغتيال.
ومع رفض نتنياهو في البداية المصادقة على تنفيذ العملية، وطلب مهلة للتفكير، فإن غالانت، أبدى إصراراً، واعتبر أن "هذه فرصة تحدث مرة واحدة في العمر".
وتلقّى نتنياهو أثناء وجوده في كواليس مبنى الجمعية العامة للأمم المتحدة بعد إلقاء خطابه، قصاصة ورقية من سكرتيره العسكري، كُتب عليها كلمة واحدة فقط: "تم".