المستشار الألماني: سنزيد الضغط عبر العقوبات إذا واصلت روسيا المماطلة بشأن وقف إطلاق النار
تتجه الأنظار إلى كيفية تنفيذ قرار الحكومة اللبنانية القاضي بنزع سلاح ميليشيا حزب الله، خاصة مع ما يبديه موالو الحزب داخلياً وخارجياً من اعتراض على ذلك، وهو ما أظهرته زيارة أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي لاريجاني، والتي ينظر لها على أنها تشكل نوعاً من الضغط على حكومة لبنان.
وعليه، فإن الجيش اللبناني المكلف بإعداد خطة لتنفيذ القرار في موعد أقصاه نهاية الشهر الجاري، سيكون أمام اختبار دقيق، يوجب عليه تنفيذ القرار السياسي خلال مهلة لا تتعدى نهاية العام الجاري.
بالمقابل، فإن "حزب الله" يرفض، بشكل قاطع، تسليم سلاحه للدولة، ويعتبر ذلك بمثابة انتحار في ظل استمرار الاعتداءات الإسرائيلية اليومية على لبنان، وتسانده في ذلك إيران، في محاولة منها لتوظيف ورقة الحزب كأقوى أذرعها في المنطقة، في مفاوضاتها المرتقبة مع إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وفق ما يرى خبراء.
وتكثر التساؤلات بشأن قدرة الجيش اللبناني على تنفيذ المهمة لجهة الجاهزية التقنية، وتفادي التصادم مع بيئة حزب الله من جهة ثانية.
وبهذا الصدد، أشار الباحث الأمني والإستراتيجي، العميد المتقاعد ناجي ملاعب، إلى شقّين في مهمة الجيش بشأن تنفيذ خطة حصر السلاح تدريجياً، الشق الأول سياسي، والثاني عسكري.
وفي المنحى السياسي، يرى ملاعب، في حديث لـ"إرم نيوز"، ضرورة أن تسبق الحلول السياسية العمل العسكري، معتبراً أن السلطات اللبنانية تحضّر الأرضية السياسية من خلال موجة كبيرة من الاتصالات بين القوى السياسية اللبنانية منعاً للتصادم الداخلي.
وقال ملاعب: "هناك دور يلعبه رئيس البرلمان نبيه بري، أحد ركني الثنائي الشيعي. من هذا المنطلق، اجتمع بري مع قائد الجيش العماد رودولف هيكل، وفي الوقت نفسه تعمل الدبلوماسية اللبنانية مع الموفدين الدوليين ومع الدول الصديقة، للحصول على ضمانات بالانسحاب الإسرائيلي من النقاط المحتلة، بما يعطي السلطة اللبنانية حجة قوية بانتفاء ذريعة الحزب في إبقاء سلاحه بزوال الاحتلال".
ولم تقتصر الخطة الحكومية على سحب السلاح، بل وضعت منظومة متكاملة من الحلول على الصعد الأمنية والاقتصادية والسياسية، بحيث تشمل إعادة الإعمار، وترسيم الحدود مع كل من إسرائيل وسوريا، وذلك بناءً على المقترح الذي أتى به المبعوث الأمريكي توماس باراك، وأضاف عليه الجانب اللبناني تعديلات عدة، وفق ملاعب.
وبين أن أبرز تلك التعديلات تضمين الخطة وقف الأعمال العدائية من جانب اسرائيل أثناء التنفيذ، ووضع لبنان بنهاية المطاف على سكة التعافي.
ولفت ملاعب إلى أن بيئة حزب الله، وأهالي الجنوب، هم في قائمة أكثر المستفيدين من تنفيذ الخطة، لجهة إعمار منازلهم، وضمان ترسيم الحدود مع سوريا بما يقفل الباب على أي تهديد قد يأتي عبر الحدود، خاصة أن حزب الله قاتل في سوريا الجماعة التي استلمت السلطة حالياً.
وفي الشق العسكري، يرى ملاعب أن الجيش اللبناني يملك القدرة التقنية والعسكرية اللازمة، قائلاً:" لن يكون هناك اشتباكات أو اقتحامات من قبل الجيش كونه يملك معلومات عن أماكن تواجد الأسلحة والمخازن، وسيعمل على استلامها وتخزينها ريثما يتم أخذ القرار النهائي بشأنها، لجهة الأسلحة التي يمكن استيعابها لدى الجيش كالراجمات والمدفعية، أما الأسلحة الصاروخية البعيدة المدى والدقيقة التصويب، فهذا تهديد لم تستطع إسرائيل إزالته رغم الغارات التي نفذتها، ورغم تزويدها من قبل الأمريكيين بقنابل اختراقية، بحيث عجزت عن الوصول إليها، بفعل الطبيعية الجغرافية للبنان، ووجود هذه الأسلحة الدقيقة داخل الأنفاق في الجبال، وتوزيعها في أماكن مختلفة، ومن هنا يبدو التركيز الأمريكي كبيراً على وصول الجيش اللبناني إلى هذه الأسلحة، وإبطال مفعولها".
ولم يستبعد ملاعب التصادم مع الأهالي خلال عملية نزع السلاح، منطلقاً من التجارب الحالية، بحيث يلجأ الأهالي إلى التصدي لدوريات القوات الدولية العاملة جنوبي لبنان لدى اقترابها من أماكن محددة، بما يشير إلى وجود أسلحة في المكان المقصود، خاصة أن اليونيفل لا تتحرك إلا بموجب معلومات، ولا ينتهي الإشكال إلا بتدخل الجيش اللبناني، ليصار إلى تسليم السلاح تنفيذاً للقرار الأممي 1701 الذي ينص على خلو منطقة انتشار اليونيفل من السلاح.
لكن خارج حدود هذه المنطقة، أي شمالي الليطاني، من الممكن أن يتجمهر الأهالي اعتراضاً على تسليم السلاح بإيعاز من جماعة الحزب الى حين حصول تفاهم، وفق تقدير ملاعب.
ويزيد التدخل الإيراني في الشؤون اللبنانية في الشق المتعلق بسلاح الحزب الأمور تعقيداً، وفق ملاعب.
وقال: "زودت إيران الحزب بهذه الأسلحة، وهي تصعد من جهة وتستجدي تفاوضاً مع الولايات المتحدة الأمريكية من جهة ثانية، وتوظف السلاح في هذه المعادلة"، لافتاً إلى أن "الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي لاريجاني حضر إلى بيروت في هذا التوقيت، كي يستشرف الوضع، بشأن الثمن الذي يمكن أن تحصل عليه طهران لقاء تسليم السلاح".
أما لبنان الرسمي، فسيمضي بتنفيذ القرار المتخذ حكومياً بنزع السلاح غير الشرعي، وعليه أن يستفيد من إدارة الملف من قبل توماس باراك اللبناني الأصل، للحصول على ضمانة أمريكية بأن التنفيذ من قبل الجانب اللبناني سيوازيه التزام إسرائيلي بالانسحاب، ووقف الاعتداءات، خاصة أن إسرائيل لا تلتزم بالتعهدات، وفق ملاعب.
وتقضي الورقة الأمريكية بأن تُصدر الحكومة اللبنانية مرسوماً تلتزم فيه بنزع سلاح حزب الله، بحلول 31 ديسمبر/كانون أول من العام الجاري، كمرحلة أولى، بالمقابل تتوقف إسرائيل عن العمليات العسكرية البرية والجوية والبحرية.
وفي المرحلة الثانية يبدأ لبنان في تنفيذ خطة نزع السلاح في غضون 60 يوماً، على أن تبدأ إسرائيل في الانسحاب من المواقع التي ما زالت تسيطر عليها في جنوب لبنان، وتُفرج عن الأسرى اللبنانيين، وذلك بالتنسيق مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر.
وفي المرحلة الثالثة تنسحب إسرائيل من النقاط التي ما زالت تحتلها، في غضون 90 يوماً، وبالتوزاي يجري العمل على تأمين تمويل للبدء في إزالة الأنقاض، وإعادة تأهيل البنية التحتية، تمهيداً لإعادة الإعمار في لبنان.
وتنص المرحلة الرابعة والأخيرة من الخطة على تفكيك الأسلحة الثقيلة بما في ذلك الصواريخ والطائرات المسيّرة، خلال 120 يوماً.
ولطالما شكّل سلاح حزب الله موضوع خلاف داخلي في لبنان، نظراً للاحتفاظ به رغم انتفاء مبرر وجوده بعد الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي اللبنانية عام 2000، وتضاعفت النقمة الداخلية بعد توظيف الحزب لسلاحه في صراعات محلية، واستخدامه في الداخل لترهيب المكونات اللبنانية في السابع من مايو/أيار العام 2008، على خلفية قرار اتخذته الحكومة اللبنانية بشأن شبكة اتصالات حزب الله، حيث اعتبرتها غير شرعية وغير قانونية، وتمثّل اعتداءً على سيادة الدولة والمال العام، وقررت ملاحقة المسؤولين عن إقامة الشبكة قضائياً.
واليوم، فقد حزب الله شرعية وجوده في ظل حكومة لم تتبنّ في بيانها الوزاري أي صيغة حول دور الحزب في المقاومة، بحيث نزعت عنه الشرعية التي كان يحصل عليها في الحكومات السابقة، وبذلك بات الحزب أمام خيارين لا ثالث لهما: إما التحول إلى حزب سياسي، أو مواجهة لبنان الرسمي والشعبي، والمجتمع الدولي.