ذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يواصل انتهاج سياسة "المشي بين قطرات المطر" في ملف صفقة الأسرى، ويرفض إغلاق الباب أمام صفقة جزئية رغم التسريبات من مكتبه التي أكدت أن خيار "التسوية الجزئية" قد سقط.
وقالت الصحيفة إنّ نتنياهو، في جلسة الكابنيت الأخيرة وكذلك في الاجتماع الأسبوعي للحكومة، رفض الالتزام العلني بعدم إبرام صفقة جزئية، واكتفى بالقول إنّ إسرائيل "ذاهبة نحو الحسم"، في حين أن تصريحاته تركت مجالاً مفتوحا لمفاوضات مرنة مع حماس.
وأضافت أنّ هذا النهج يعكس سياسة نتنياهو المعتادة في إبقاء أكثر من مسار مفتوحاً، من الضغط العسكري عبر التهديد باجتياح غزة من جهة، ومتابعة قنوات التفاوض عبر الوسطاء من جهة أخرى.
وأوضحت الصحيفة أنّ موافقة حماس الأخيرة على مقترح الوسطاء تستند إلى ما يُعرف بـ"مخطط ويتكوف بلس"، وهو نسخة معدلة من الخطة الأصلية التي جرى النقاش حولها قبل ثلاثة أسابيع ونصف.
ووفق مصادر دبلوماسية عربية، فقد أبدت حماس مرونة أكبر في بعض القضايا التي فجرت المفاوضات سابقا، منها خفض مطلبها بالإفراج عن 200 أسير محكوم بالمؤبد إلى نحو 140-150 أسيرا، مقابل موافقة إسرائيل المبدئية على 125.
كذلك قبلت حماس بتقليص مساحة المنطقة العازلة الأمنية إلى ما بين 800 و1000 متر، بينما كان مطلبها أعلى من ذلك.
وبحسب "يديعوت أحرونوت"، فإنّ هذه التنازلات تقلصت معها الفجوات بشكل كبير، الأمر الذي يفتح الطريق أمام مفاوضات قريبة في الدوحة أو القاهرة لبحث التفاصيل المتبقية، وربما بحضور المبعوث الأمريكي ستيفن ويتكوف الذي يقف وراء المبادرة.
كما نقلت الصحيفة عن مصادر مصرية أنّ الوضع الأمني في غزة لا يسمح بإطلاق جميع الأسرى دفعة واحدة، وأن الصفقة المقترحة تنص على الإفراج عن عشرة أسرى أحياء و18 جثة مقابل وقف إطلاق نار مدته 60 يوما، وخلال هذه الفترة تُجرى مفاوضات على إنهاء الحرب بضمانات أمريكية.
كذلك، تطرح الخطة ترتيبات جديدة لتوزيع المساعدات داخل القطاع، مع بحث مستقبل سلاح حماس خلال فترة الهدنة.
وأشارت "يديعوت أحرونوت" إلى أنّ وزير المالية بتسلئيل سموتريتش كان أول من حذر من أنّ نتنياهو يدفع نحو صفقة جزئية، وانتقد ما وصفه بـ"خداع الوزراء والجمهور"، معتبرا أن هذه ليست عملية تهدف إلى الحسم واحتلال غزة، بل خطوة محدودة لإعادة حماس إلى طاولة التفاوض، وهو ما اعتبره "قرارا غير أخلاقي ولا يحقق نصرا عسكريا حقيقيا".
في مقابل هذه المعارضة، تقول الصحيفة إنّ نتنياهو يستطيع تمرير الصفقة جزئيا في الوقت الحالي، إذ إن الكنيست في عطلة، كما أنّ شركاءه في اليمين المتطرف مثل سموتريتش وإيتمار بن غفير لن يسقطوا الحكومة في هذه المرحلة، رغم اعتراضاتهم المتوقعة.
لكن التحدي الأكبر الذي قد يواجهه نتنياهو، بحسب التقرير، هو إقناع وزرائه والجمهور بأن الصفقة لا تتناقض مع الموقف الإسرائيلي الرسمي القاضي بضرورة تحرير جميع الأسرى ونزع سلاح حماس كشرط لإنهاء الحرب.
وأضافت الصحيفة أنّ نتنياهو قد يسوّق الصفقة للجمهور باعتبارها "مرحلية"، أي خطوة أولى نحو صفقة أشمل تشمل الإفراج عن جميع الأسرى وإنهاء الحرب بشروط إسرائيل.