قالت مصادر أهلية في العاصمة السورية دمشق، إن ظاهرة جديدة تشهدها بعض الشوارع، تتمثل بانتشار ما يسمى "سيارات الدعوة"، وهي السيارات التي تحمل مكبرات صوت وتبث أناشيد أو خطابات تنادي بتعاليم دينية وتدعو لتطبيق الشريعة الإسلامية عبر الالتزام بفروض محددة.
وذكرت المصادر لـ "إرم نيوز" أن تلك السيارات جابت أحياء محددة ضمن العاصمة، من بينها القصاع والزاهرة والميدان، في حين أنها وصلت إلى مداخل حارات باب شرقي وباب مصلى وعادت أدراجها.
وكانت إحدى هذه السيارات، تسببت عند دخولها حي القصاع الدمشقي ذا الأغلبية المسيحية بحصول اشتباك بين عناصر مسلحين قادمين على متن إحدى هذه السيارات من مناطق غوطة دمشق، وبين أهالي الحي الذين احتجوا على دخول "سيارة الدعوة" والأناشيد التي تبثها؛ ما استدعى تدخل قوات الأمن العام لفض الاشتباك والتحقيق مع المسلحين.
يأتي هذا في وقت يواجه فيه رئيس الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع وإدارته تحديات وضغوطات دولية ومحلية حول حماية حقوق الأقليات في البلاد، كأحد الشروط لإخراج سوريا من عزلتها السياسية ودعمها في مرحلتها الانتقالية.
من جهتها، نفت مصادر في الإدارة السورية الجديدة أن تكون "سيارات الدعوة" تابعة بشكل مباشر لإدارة العمليات العسكرية، وقالت إن العمل جارٍ لملاحقتها وإيقاف المسؤولين عنها.
استياء ومخاوف
تفيد المصادر التي تحدث إليها "إرم نيوز" بأن هذه الظاهرة لاقت استياءً شعبيًّا كبيرًا بين السكان، كونها تحمل صبغة دينية متشددة في إحدى أكثر عواصم العالم تنوعًا فكريًّا ودينيًّا وعرقيًّا.
وانتقد العديد من السوريين الظاهرة الجديدة، حيث تساءل أحدهم: "هل يعتقد هؤلاء أننا لم نكن مسلمين قبل قدومهم، وهل يتعاملون معنا باعتبارنا مرتدين؟"، فيما قال آخر "هل عادت داعش بثوب جديد؟". وحمَّل العديد من السوريين إدارة العمليات العسكرية مسؤولية قمع هذه الظواهر.
فيما قلل آخرون من أهمية الأمر، معتبرين أن هذه المرحلة الانتقالية التي تعيشها البلاد يمكن أن تشهد العديد من الظواهر الغريبة، لكن المجتمع السوري سرعان ما يلفظها".
نكء الجراح
ويربط كثيرون بين "سيارات الدعوة" التي لا تحمل صيغة الإكراه والإجبار، و "سيارات الحسبة" التي اعتمدها تنظيم "داعش" في مناطق سيطرته في سوريا والعراق، والتي كانت تراقب وتلاحق الناس في الشوارع.
وقال ناشطون من إدلب، إن "سيارات الدعوة" انتشرت لسنوات في محافظة إدلب (شمال سوريا)، إلا أن الجهة المسؤولة عنها غير معروفة حتى الآن، في حين رجح البعض أن تكون تلك الجهات هي فصائل أجنبية متشددة.
وخلال فترة سيطرة "داعش"، شهد العديد من المناطق السورية انتشارًا واسعًا لدوريات الحسبة، المعروفة باسم "هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" .
وكان عناصر "الحسبة" ينتشرون في الشوارع، لمراقبة مدى التزام الناس بقواعد اللباس المتوافقة مع الشريعة الإسلامية، أو قمع التدخين، أو منع التبرج لدى النساء، والحض على إطلاق اللحية لدى الرجال، ومعاقبة المخالفين بالقتل أحيانًا، أو الحبس وفرض غرامات باهظة عليهم.
كما كان عناصر الحسبة لاحقوا التجار والمزارعين لإجبارهم على دفع الزكاة للتنظيم، لتجنب العقوبات "الشديدة".