تشير تقارير الخبراء إلى تصاعد الانتهاكات الأمنية في سوريا، والتي شملت عمليات تصفية وإعدامات ميدانية؛ ما أثار مخاوف من عودة دوامة العنف وزيادة التوترات الطائفية في المناطق المتأثرة، بسبب حالة "الفلتان الأمني".
وتتركز هذه الانتهاكات في ريفي حمص وحماة، اللذين يعدان مناطق حساسة لتنوعهما الطائفي، حيث شهدت القرى هناك أعمال عنف واعتقالات تعسفية؛ ما أثار قلق الأهالي والمراقبين.
ويرى محللون أن غياب الشفافية وضعف الأجهزة القضائية يزيدان من تعقيد الوضع، مع استمرار التحذيرات من الحسابات الوهمية التي تبث الفتنة، ما يُنذر بتفاقم الانفلات الأمني وتهديد السلم الأهلي.
وقال مصدر قانوني سوري، رفض الكشف عن هويته، إن الحملات الأمنية التي تنفذها إدارة العمليات العسكرية في العديد من المناطق شهدت انتهاكات واسعة النطاق، شملت تصفيات مباشرة وإعدامات ميدانية.
وأضاف المصدر، لـ"إرم نيوز"، أن تصاعد هذه الانتهاكات يتركز في المناطق ذات التنوع، التي شهدت موجة عنف دامية خلال أعوام 2012-2013.
وأوضح أن مسلحين سابقين انضموا إلى إدارة العمليات وبدأوا يأخذون ثأرهم بأيديهم، في تناقض صريح مع مبادئ العدالة وسيادة القانون.
وأشار المصدر إلى أن هناك شبه إجماع بين المراقبين على أن ريفي حمص وحماة يشكلان خط صدع خطير، يهدد بإشعال فتنة بسبب الحساسية العالية لحالات الثأر السابقة.
واستشهد بحوادث في قرية تسنين التي شهدت مقتل ثلاثة مدنيين قبل حوالي عشرة أيام، تبعتها حملة تفتيش أسفرت عن نهب وسرقة، بالإضافة إلى مقتل شخص آخر.
وفي ريف حمص الغربي، أشار المصدر إلى تصعيد خطير في قرية "مريمين"، حيث تعرضت القرية، ذات الغالبية المرشدية، لاستفزازات متكررة أثارت غضب الأهالي.
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بأن بلدة فاحل في ريف حمص الغربي شهدت ما وصفه بـ"المجزرة"، حيث اعتُقل ما بين 60 و80 شخصاً، ولم يُسلَّم سوى جثمانين من أصل 15 شخصاً تم توثيق مقتلهم، معظمهم من الضباط السابقين الذين كانوا قد قاموا بتسوية أوضاعهم.
وأوضح المصدر أن هذه التصفيات، التي وقعت بعد اعتقال الأشخاص دون اشتباكات أو محاكمات، أثارت مخاوف واسعة بين الأهالي حول مصير بقية المعتقلين.
ولفت المصدر إلى أن غياب الشفافية والضوابط القانونية في الحملات الأمنية يثير القلق، خاصة في ظل عجز الأجهزة القضائية عن العودة إلى دورها الطبيعي. وأكد أن العدالة الانتقالية تتطلب إجراءات وضوابط محمية بمواثيق دولية؛ ما يجعل تكرار الانتهاكات تهديداً للسلم الأهلي وخطوة نحو العودة إلى دوامة العنف.
ومن جانبه، قال الباحث والمحلل السياسي أحمد العلّوني، إن سوريا تشهد في الآونة الأخيرة تصاعداً ملحوظاً في حالات القتل والخطف والاعتقالات؛ ما يزيد المخاوف من تفاقم الانفلات الأمني.
وأضاف لـ"إرم نيوز"، أن تقريراً حديثاً للشبكة السورية لحقوق الإنسان وثق ما لا يقل عن 182 حالة احتجاز تعسفي في شهر يناير 2024، بينهم ثمانية أطفال وأربع سيدات.
وأشار العلّوني إلى دور الحسابات الوهمية التي تُدار من خارج سوريا، في تأجيج العداوات والانقسامات الطائفية؛ ما يعقد المشهد الأمني ويهدد الاستقرار.
وختم العلّوني حديثه قائلاً: "في ظل هذه الظروف، يجب على جميع الأطراف المعنية العمل معاً لوقف هذه الظواهر، وتعزيز التعاون بين الجهات الأمنية والمجتمع المدني، لضمان حماية المدنيين واستعادة الأمن والاستقرار في البلاد".