logo
العالم العربي

خبير كردي: لا مستقبل لسوريا دون عقلية تشاركية تعترف بالتنوع

خبير كردي: لا مستقبل لسوريا دون عقلية تشاركية تعترف بالتنوع
رئيس المركز الكردي للدراسات في بوخوم بألمانيا، نواف خليل
23 أبريل 2025، 3:10 م

قال رئيس المركز الكردي للدراسات في بوخوم بألمانيا، نواف خليل، أنه لا مستقبل لسوريا دون عقلية تشاركية تعترف بالتنوع والتعدد، مشيراً إلى تحولات مفصلية تشهدها الساحة السورية، خاصة بعد تنفيذ اتفاقات الأشرفية والشيخ مقصود في حلب، واتفاق سد تشرين.

وأشار في حوار مع "إرم نيوز"، إلى أن هذه التحركات هي ثمرة مسار طويل بدأ منذ توقيع الاتفاق بين قائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي ورئيس المرحلة الانتقالية أحمد الشرع، وصولاً إلى تشكيل لجنة تفاوضية مشتركة مع الحكومة السورية، وهو ما يؤشر، بحسب خليل، إلى بداية مسار تفاوضي أكثر عمقاً ووضوحاً.

وأوضح أن التغيير الديمغرافي الكبير في عفرين، وجرائم الفصائل الموالية لتركيا، تُعد أبرز التحديات أمام أي عودة آمنة وشاملة للمهجرين، مشدداً على أن تفكيك تلك الفصائل بات أولوية سورية داخلية لا تقل أهمية عن المفاوضات مع أنقرة أو الإصلاحات الدستورية.

وبيّن أن هناك مؤشرات تبرز مرونة تركية غير مسبوقة تجاه قوات سوريا الديمقراطية، وهو ما يعكسه تراجع حدة الخطاب التركي، وبدء حوار غير معلن مع قيادة قسد، وسط وساطات دولية نشطة، خاصة من قبل أطراف فرنسية وأمريكية.

أخبار ذات علاقة

عفرين السورية

لماذا انسحبت الفصائل "التركية" من عفرين السورية؟

 وفي الوقت نفسه، اعتبر خليل أن الدمج المزمع لقوات قسد ضمن الجيش السوري مع الحفاظ على هويتها، يعكس فهماً واقعياً لطبيعة الصراع وموازين القوى، إذ إن هذه القوات أثبتت جدارتها كقوة سورية جامعة ومتعددة المكونات، وأي تجاهل لدورها سيكون بمنزلة إنكار لمرحلة حاسمة من تاريخ البلاد.

ورأى أن الحلول الوسط وتقديم التنازلات المتبادلة تمثل جوهر أي اتفاق مستقبلي يضمن وحدة سوريا وحقوق مكوناتها.

وأكد الباحث الكردي أن مستقبل سوريا مرهون بقدرة الحكومة على تغيير ذهنيتها السياسية، واعتماد مسار تشاركي يعترف بالتعددية القومية والإثنية، معتبراً أن المشهد السوري لا يختلف في عمقه التاريخي عن تجارب دول أخرى خرجت من حروب أهلية طاحنة، لافتا إلى أن بوادر التفاؤل موجودة، لكن الشيطان ما زال كامناً في التفاصيل.

وتالياً نص الحوار:

*بعد تنفيذ اتفاق الأشرفية والشيخ مقصود في حلب، وكذلك ما جرى في سد تشرين، هل يمكن أن يمهد ذلك لعودة آلاف العائلات إلى قراها وبلداتها التي نزحت منها في مناطق عفرين ورأس العين (سري كانيه) وغيرها من المناطق؟

إن الخطوات التي تمت منذ سقوط النظام السوري والتوقيع على الاتفاق بين قائد قوات سوريا الديمقراطية (قسد) الجنرال مظلوم عبدي ورئيس المرحلة الانتقالية أحمد الشرع، مروراً باتفاق الشيخ مقصود وسد تشرين، والإعلان عن اللجنة التي ستفاوض الحكومة السورية خلال الأشهر القادمة، هيأت الأرضية لعودة بعض الأهالي، ومع ذلك، تبقى العودة الواسعة والرسمية والمعلنة للمهجرين إلى عفرين، ثم رأس العين (سري كانيه) وتل أبيض، مرهونة بتطورات ميدانية وسياسية لاحقة.

مدينة عفرين شهدت تغييراً ديمغرافياً ضخماً، إذ كانت نسبة الكرد فيها 95%، لكن بعد إسكان مئات الآلاف من مختلف المناطق السورية مكانهم، تبدلت التركيبة السكانية.

وبعد سقوط النظام، عاد قسم كبير من هؤلاء الذين استولوا على بيوت الكرد إلى مناطقهم، غير أن العودة الرسمية الآمنة لا تزال بحاجة إلى اتفاق واضح، حيث يُجرى حالياً التعامل مع الفصائل الموالية لتركيا، أي ما يسمى بالجيش الوطني السوري، والتي ارتكبت انتهاكات جسيمة في عفرين ورأس العين وتل أبيض.

بالتالي، إن هذا الملف يمثل أولوية قصوى للإدارة الذاتية وقسد، وكان على رأس أجندة اللقاءات قبل وبعد سقوط النظام، وعودة الأهالي إلى هذه المدن ستكون خطوة كبيرة على طريق بناء الثقة بين الطرفين.

أخبار ذات علاقة

الشرع مستقبلا عبدالله الدردري

"ملف معقد".. سوريا تسعى للحصول على نصف مليار دولار مجمدة في أوروبا

*هل لديكم تأكيدات على مغادرة الفصائل الموالية لتركيا المناطق السورية الخاضعة لسيطرة أنقرة في عفرين وما سمي بـ "درع الفرات" و"نبع السلام"؟

إن الفصائل الموالية لتركيا أصبحت عبئاً على الحكومة السورية الجديدة، ولا سيما بعد تعيين قادتها في مناصب رسمية رغم افتقارهم للمؤهلات، وورود أسمائهم ضمن قائمة العقوبات الأمريكية بتهم تتعلق بجرائم حرب، كان آخرها في الساحل السوري.

ويبدو أن هذه الخطوات تهدف إلى تفكيك تلك الجماعات التي لم تُحل فعلياً رغم الإعلان الرسمي، وفي ظل الاستعداد لبدء الحوار بين الدولة التركية ومؤسس وقائد حزب العمال الكردستاني، تتجه الأمور نحو تفكيك تلك الجماعات.

كما أن توقف الهجمات التركية على سد تشرين بعد عودة وزير الخارجية التركي هاكان فيدان من واشنطن، لافت، وقد تبع ذلك دخول قوى مشتركة بمرافقة التحالف الدولي إلى السد، وهذا التطور يشير إلى وجود أمريكي في المنطقة؛ ما يُسهّل إعادة تأهيل السدود الاستراتيجية الثلاثة، وبالتالي إعادة التيار الكهربائي.

لكن بدون إخراج هذه المجموعات، من غير الممكن تحقيق الاستقرار أو التوصل إلى اتفاق شامل، إذ يشكل استمرار وجودها تهديداً مستمراً على الأمن في تلك المناطق.

*الإدارة الذاتية، وكذلك قسد، انتقدت تشكيلة الحكومة والإعلان الدستوري والحوار الوطني..كيف يمكن تفسير هذا التناقض؟ ألا تشكل هذه الانتقادات عقبات أمام اتمام اتفاق عبدي-الشرع؟

ثمة حاجة إلى حوار دائم وصبر متبادل للبحث عن أرضية مشتركة، كما أن وجود لجنة من جانب الإدارة الذاتية وأخرى من قبل الحكومة السورية لبحث تنفيذ بنود الاتفاق هو أمر ضروري ومتوقع، وقد يُسهم في تعديل الكثير من الأمور.

أما الإعلان الدستوري فهو لا يمثل دستوراً نهائياً، ولن يكون كذلك، وإلا لما ثار الشعب السوري أصلاً، وإذا بقيت الدولة مركزية وعربية، وتنكر وجود الكرد وغيرهم من المكونات، وترفض التحول الديمقراطي، فكيف يمكن للسوريين أن يثقوا بها؟ إن الإدارة تعتمد التأنّي وتؤمن أن الحوار هو الطريق الوحيد للتغيير الحقيقي الذي يطمح إليه عموم السوريين.

*هل يمكن أن تطلعنا على آخر مستجدات اتفاق عبدي-الشرع؟ هل بدأ التنفيذ الفعلي أم ما زالت اللجان تبحث سبل التطبيق على أرض الواقع؟ إلى أي مدى تصح، هنا، مقولة "الشيطان يكمن في التفاصيل"؟

إن تشكيل اللجنة وإعلان الإدارة الذاتية عن وفدها المفاوض، ولقاء رئيس الوفد المفاوض المعين من الرئيس الشرع مع القائد عبدي مرتين، كلها مؤشرات إيجابية، ورغم الرفض للإعلان الدستوري، إلا أن هناك دعماً متزايداً للإدارة الذاتية، التي تتميز بمدنيتها وتنوعها وشموليتها لأطياف الشعب السوري كافة، وهو ما يجعل منها نموذجاً يُحتذى به في بناء جيش سوري جامع.

وإذا أرادت الحكومة الدعم الداخلي والخارجي، فعليها التوصل إلى توافق بشأن شكل الدولة وطبيعتها، وخاصة العلاقة بين المركز والأطراف، على سبيل المثال، إن خفض تصنيف البعثة السورية في الأمم المتحدة، وتزايد زيارات الوفود الغربية إلى شمال شرق سوريا، مؤشرات على أن الإدارة الذاتية وقسد يمكن أن تمنح الحكومة شرعية داخلية ودولية طالما استمرت الشراكة مع واشنطن.

*كيف يمكن أن تشرح لنا ملف دمج قوات قسد في الجيش السوري مع "الاحتفاظ بهوية هذه القوات"، كما ورد في تصريح للجنرال مظلوم عبدي؟

رغم الإعلان عن حل الفصائل الثمانية عشرة، استمرت الهجمات على قسد، خصوصاً حول سد تشرين، بينما الاتفاق كان يشير إلى الدمج. قسد، التي تضم أكثر من 100 ألف مقاتل، هي حليف رسمي للتحالف بقيادة الولايات المتحدة، والحكومة السورية تفتقر بعد إلى الشرعية الدولية والداخلية، وإن كانت سوريا ما بعد الحرب تختلف عن سوريا ما قبلها، فلماذا يُرفض أن تحتفظ هذه القوات بهويتها؟ هذه القوات قاتلت وقدمت تضحيات جسيمة ضد داعش، وتضم جميع مكونات الشعب السوري، ويجب أن تكون مصدر فخر للجميع.

أما بالنسبة للتفاصيل الدقيقة تُترك للمعنيين، ولكن أي تفاوض يحتاج لتنازلات متبادلة للوصول إلى حلول وسط ناجحة.

أخبار ذات علاقة

حريق محطة محروقات بمدينة الباب في حلب

سوريا.. 28 إصابة في حريق محطة وقود بريف حلب (فيديو إرم)

*هل لمستم مرونة في موقف تركيا تجاه قسد بعد اتفاق عبدي-الشرع ونداء أوجلان.. وما حقيقة مفاوضات غير معلنة بين الإدارة الذاتية وأنقرة؟

الموقف التركي تغيّر بوضوح، وتجلى في تصريحات وزير الدفاع التركي يشار غولر الذي لم يربط قسد بحزب العمال الكردستاني أو يصفها بالإرهاب، وهو تحول نوعي، وعقب توقيع الاتفاق بين عبدي والشرع، أبدت تركيا ترحيباً ملحوظاً، حتى من قبل أردوغان ووزير خارجيته هاكان فيدان.

ورغم محاولات أنقرة السيطرة على شمال شرق سوريا منذ ديسمبر 2024، إلا أنها فشلت، وبدأت التحركات باتجاه الحوار مع أوجلان. بالتالي، بدأت مؤشرات تغير الموقف التركي تظهر، حتى إن أردوغان التقى مؤخراً بأطراف سبق أن التقت بأوجلان، ما يشير إلى تقدم في الملف الكردي داخل تركيا.

كما أن فشل تركيا في القضاء على حزب العمال الكردستاني عسكرياً طوال أربعة عقود، دفعها للتفكير في الحل السياسي.

وهناك مفاوضات غير معلنة تجري بين الإدارة الذاتية وقسد من جهة، والحكومة التركية من جهة أخرى، عبر وسطاء فرنسيين وأحياناً أمريكيين، وهي جزء من التفاهمات الجارية.

*ما هو الموقف الكردي حيال دعوات "الدعم والحماية" التي تصدر من مسؤولين إسرائيليين؟

هذه التصريحات كانت تلقى صدى إيجابياً في وقت سابق عندما كانت القوات التركية تهدد بغزو شامل للمناطق الكردية، كما حدث في عفرين ورأس العين وتل أبيض.

عفرين وحدها شهدت تهجير أكثر من 300 ألف كردي، بينما لم يتبقَّ في رأس العين سوى أربعين مسناً، وتل أبيض أصبحت خالية، وفي تلك الظروف، أي شعب مهدد وجودياً كان سيرحب بأي مساعدة، لكن الأوضاع تغيرت.

الآن، هناك توافق أكبر مع حكومة دمشق، ولا يوجد طلب رسمي من أي مسؤول كردي أو عربي أو سرياني للإسرائيليين. وما يقوله المسؤولون الإسرائيليون يعكس مصلحتهم، وليس هناك جديد في هذا الملف حالياً، وإن كانت هناك جهود لمنع الاحتلال، فستكون مرحباً بها من أي طرف.

*ماذا عن الوجود العسكري الأمريكي في شمال وشرق سوريا.. الانسحاب أم البقاء؟

رغم الانسحاب الجزئي، هناك تعزيز للوجود الأمريكي، والتأكيدات تتوالى بأن الحرب على داعش لم تنته.

إن التموضع الأمريكي في سوريا لا يخص الشمال الشرقي فقط، بل يأتي في إطار استراتيجي أوسع وهذه سياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، فالوجود الأمريكي مفيد لكل سوريا والمنطقة، لا لمجرد محاربة داعش، بل أيضاً لمنع تغوّل قوى إقليمية على الأرض السورية.

يُذكر أن البنتاغون هو من يحدد السياسة الأمريكية في سوريا بدرجة أساسية، وليس وزارة الخارجية. وفي مرحلة لاحقة، قد يتم شرعنة هذا الوجود من خلال حكومة دمشق نفسها في حال حدوث اعتراف رسمي.

*أرجو أن تطلعنا على آخر المستجدات بشأن الجهود الكردية لتوحيد الكلمة والذهاب بوفد كردي موحد إلى دمشق؟

تم تحديد يوم 26 أبريل الجاري لعقد المؤتمر القومي الكردي، بمشاركة جميع الأحزاب الكردية، للوصول إلى رؤية مشتركة بشأن حل القضية الكردية في إطار وحدة سوريا، المؤتمر سيطرح رؤية كردية موحدة لشكل الدولة السورية الجديدة، وقد تشارك فيه منظمات المجتمع المدني والشخصيات الأكاديمية.

هذا الاجتماع يُعد خطوة استراتيجية وتاريخية ضمن نضال الكرد على مدى قرن، بهدف بلورة موقف سياسي واضح يُقدَّم لحكومة دمشق.

*في ضوء ما يجري حالياً.. هل أنتم متفائلون بمستقبل سوريا؟ ما السيناريوهات التي قد تعرقل طموحات السوريين بمن فيهم الكرد؟

الوضع الراهن مرهون بفهم الحقائق بعد أكثر من خمسة عقود من حكم البعث، و14 عاماً من الحرب الأهلية التي دمرت الحجر والبشر، وسوريا ليست أول بلد يخرج من حرب أهلية، فالتجربة الرواندية مثلاً أظهرت إمكانية النهوض رغم المجازر.

بالتالي، إن المعادلة تتعلق بالرؤية والذهنية التي تدير البلاد. إذا بقيت عقلية الإقصاء مسيطرة، فلن تُبنى دولة، إذ لا يمكن لحكومة دمشق أن تدير البلاد كما كانت تفعل في إدلب أو ما قبل الحرب.

سوريا الجديدة يجب أن تُبنى بعقلية تشاركية تعترف بالتنوع القومي والطائفي والإثني، حينها سيكون الجميع رابحا.

أخبار ذات علاقة

أحمد الشرع

الشرع: الفوضى في سوريا ستضر العالم أجمع

 

;
logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC