تتمسك إسرائيل بقضية نزع سلاح حركة حماس في قطاع غزة، باعتبارها استحقاقًا رئيسًا من متطلبات المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار بناء على خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
ورغم تقديم حماس وإسرائيل رؤى مختلفة لإنجاز هذا الملف الشائك، تبرز تساؤلات حول مدى نجاح إسرائيل في تطبيق هذه الخطوة في القطاع الذي يضم فصائل وقوى وعائلات تحمل السلاح، والمدة الزمنية المرتبطة بإنجاز هذه الخطوة.
ويرى محللون ومختصون أن فشل نموذج نزع السلاح الذي حاولت واشنطن فرضه بعد حربيها على أفغانستان والعراق، قد يتكرر في قطاع غزة، خاصة مع إصرار إسرائيل على الخطوة باعتبارها أحد أهم أهداف تحقيق "النصر المطلق" الذي يسعى نتنياهو لترسيخه كنتيجة للحرب.
وقال الكاتب والمحلل السياسي هاني العقاد، إن "إسرائيل تحاول دائمًا أن تجد ذرائع للمماطلة في تنفيذ ما عليها من استحقاقات خاصة خلال اتفاق وقف إطلاق النار في غزة"، مشيرًا إلى أن ذلك ما يفسر تقديمها قضية نزع السلاح باعتبارها نقطة جوهرية في الاتفاق.
وأضاف لـ"إرم نيوز" قائلًا: "الآن تشير إسرائيل لقضية نزع السلاح باعتبارها الجهة الوحيدة القادرة على تنفيذها، وأن لا دولة ولا قوة استقرار مشتركة قادرة على سحب سلاح حماس والفصائل الفلسطينية".
وتابع: "إسرائيل تضع هذه المعضلة للتهرب من استحقاق تنفيذ المرحلة الثانية، مع تكثيف الولايات المتحدة وضع اللمسات الأخيرة لتشكيل حكومة تكنوقراط، والإعلان قريبًا عن مجلس السلام، وقوة الاستقرار التي ستنتشر في قطاع غزة".
وقال العقاد إن "إسرائيل تريد أن تنزع السلاح بنفسها لكي يزف نتنياهو النصر لإسرائيل، ويكمل صورة النصر على حماس بأنها لم تعد موجودة في قطاع غزة"، متسائلًا عن الوقت الذي تحتاجه إسرائيل لإنجاز هذه المهمة.
وأضاف: "الوسطاء يرون أن هذه المهمة تحتاج لعامين، وإسرائيل تعطي أشهر معدودة لإنجازها، وهناك معادلة إسرائيل تريد أن تجسد من خلالها أن نزع السلاح يجب أن يتم قبل بدء المرحلة الثانية أو في بدايتها".
وتابع: "هذا الملف يجب حله قبل أن تبدأ المرحلة الثانية، وأن لا يسمح لإسرائيل أن تفسر الاتفاق على طريقتها ووفق مصالحها، والضامنين أمامهم دور كبير في إقناع إسرائيل بأن نزع السلاح سيحل في المراحل اللاحقة من الاتفاق".
وحول تكرار تجارب سابقة لنزع السلاح، قال العقاد إن "الأمن والاستقرار الذي يتحقق بالقوة سرعان ما يزول وهو وهمي".
وأضاف: "الاستقرار يتحقق بإعطاء الفلسطينيين حقوقهم وإنهاء السيطرة الإسرائيلية على غزة، وأن تنتهي الحرب بالكامل، أما أن تبقي إسرائيل السيطرة الأمنية بيدها، فهذا لن يحقق أي أمن طويل المدى".
وقال الكاتب والمحلل السياسي إسماعيل مسلماني، "نحن أمام إشكالية كبيرة بعد أن ضمنت إسرائيل استرجاع الرهائن إلى حماس في قطاع غزة، وبدأت بتنفيذ ما كانت تحذر منه الحركة سابقًا من أنها ستتنصل من الالتزامات ببقية مراحل الاتفاق".
وأضاف مسلماني لـ"إرم نيوز" قائلًا: "نتنياهو يريد أن يبقى الوضع في غزة كما هو عليه الآن، وأن يستخدم فزاعة أن هناك خطرًا ويريد أن يقول إنه سيعمل لمنع تكرار هجوم جديد على غرار هجوم السابع من أكتوبر عام 2023".
وتابع: "الأوضاع قد تنفجر في أي لحظة، ونتنياهو يريد أن يستخدم هذا الملف داخليًا لتبرير استمرار الحرب، وإطالة أمدها الزمني حتى انتخابات الكنيست المقبلة في أكتوبر/ تشرين الأول المقبل".
وقال مسلماني إن "حماس ترى أن تسليم السلاح يجب أن يكون خطوة مقابلة لمسار قيام دولة فلسطينية، ونتنياهو أن يفجر الاتفاق عبر هذا الخطوة التي تطالب بها حماس وغيرها".
وأوضح أن قبول إسرائيل "المفاجئ" بدور محتمل للسلطة الفلسطينية في قطاع غزة، ربما يكون مرتبطًا بموقف متسق مع ضغوط الوسطاء والولايات المتحدة، حتى يتم إقناع حماس بتسليم السلاح للسلطة الفلسطينية.
وأضاف: "نتنياهو يريد من خلال قوة الاستقرار أن يطبق الأهداف المعلنة للحرب منذ السابع من أكتوبر، ويعتبر خطوة نزع السلاح مهمة نحو إنهاء وتفكيك حماس بالكامل"، مشيرًا إلى أن الوقت طويل حتى تحقيق إسرائيل لمثل هذه الأهداف.
وأوضح أن "نتنياهو يريد أن يبقى هو الذي يتحكم في الأوضاع في قطاع غزة عبر الإطالة الزمانية أمنيًا وعسكريًا في قطاع غزة، بما يمهد للوصول للانتخابات في أكتوبر/ تشرين الأول 2026".