حملت وسائل إعلام عبرية، رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مسؤولية التوتر المتزايد في العلاقات الأمريكية الإسرائيلية، ورسمت صورة قاتمة لأداء حكومته، خاصة بسبب القرار الأحادي باستئناف الحرب بعد وقف إطلاق النار في مارس/ آذار الماضي.
وتسبب القرار في تفاقم عزلة إسرائيل الدولية، وزعزعة وحدتها الداخلية، وفق تقارير إسرائيلية.
وفي تعليقات على ما يتردد عن توتر بين إسرائيل وإدارة الرئيس الأمريكي، قالت التقارير إن دونالد ترامب يظهر كلاعب مستقل يسعى لتعظيم مكاسبه الانتخابية والاقتصادية، ولو على حساب التفاهمات التقليدية مع تل أبيب.
وبينما يرى البعض أن العلاقة بين نتنياهو وترامب دخلت مرحلة الصدام، تشير تحليلات أخرى إلى وجود "لعبة مزدوجة" خلف الكواليس، يُستخدم فيها الخلاف كأداة لخدمة الأجندات السياسية للطرفين.
في مقال بصحيفة "هآرتس" تحت عنوان "بينما يتخيّل نتنياهو نفسه كابتن أمريكا"، ترامب يلقي لإسرائيل بطوق النجاة، يرى الكاتب ألوف بن أن قرار نتنياهو خرق وقف إطلاق النار مع حماس في 18 مارس/ آذار، يمثل خطأ استراتيجيا فادحاً قد يؤدي إلى كارثة كاملة.
ويقول الكاتب: "بعد الفشل في توقع هجوم 7 أكتوبر والرد عليه، جاء استئناف القتال ليدمر التماسك الداخلي الإسرائيلي ويزيد عزلة إسرائيل الدبلوماسية، خصوصا مع تغير أولويات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي بات يدعو إلى إنهاء الحرب، ويظهر انفتاحا على الحوار مع إيران وحماس دون تنسيق مع إسرائيل".
ويحمّل الكاتب نتنياهو كامل المسؤولية عن هذا الإخفاق السياسي والأخلاقي، ويصف رؤيته لغزة بأنها تسير نحو شرعنة الإبادة الجماعية، وسط تراجع الحماسة الشعبية للمضي في حرب باتت يُنظر إليها على أنها لا تمثل بقاء إسرائيل.
وفي صحيفة "تايمز أوف إسرائيل"، ذهب الكاتب ديفيد هوروفيتز إلى أن صفقة حماس وترامب أبرزت تصاعد الخلافات بين قيادتي البلدين بشأن إدارة الحرب في غزة، وتحديدا حول استمرارها، مصير الأسرى، وطموحات اليمين الإسرائيلي.
وقال الكاتب إن "ترامب، الذي يضع أمريكا أولًا، يفضل إنهاء الحرب والتفاوض، في حين يبدو أن نتنياهو وحلفاءه المتطرفين يصرون على التصعيد والتمدد في غزة، ما يعمّق الهوة بين الحليفين".
على الجهة المقابلة، يرى موقع "واللا" أن نتنياهو يستفيد مما يجري، رغم ما يعرض في الإعلام من خلافات بينه وبين ترامب حول إدارة الحرب في غزة.
ويشير التحليل إلى أن "ما يجري هو تنسيق متعمد بين الطرفين، يخدم مصلحتهما السياسية المشتركة، حيث إن ترامب يقدم ضغوطا على إسرائيل من خلال مبادرة ويتكوف لوقف الحرب، ويبدو كأنه يتجاوز نتنياهو، لكن في الواقع يمنحه المبرر السياسي اللازم لإنهاء الحرب دون خسارة دعم شركائه اليمينيين أو الناخبين".
وتابع أن : "نتنياهو يوظف الإملاءات الأمريكية ليبدو كأنه مضطر للرضوخ، ما يتيح له التراجع عن تعهدات الحرب دون أن يُحمّل المسؤولية. في المقابل، يحصد ترامب إنجازا دبلوماسيا يمكن أن يضيفه إلى رصيده قبل الانتخابات، وقد يُسوّقه كخطوة نحو جائزة نوبل للسلام".
ويرى التحليل أن هذا "اللعب المزدوج هو مسرحية سياسية متقنة تدار خلف الكواليس، حيث يظهر الطرفان كمتخاصمين بينما يتبادلان الأدوار لتحقيق مكاسب داخلية وخارجية".
بدورها، كشفت صحيفة "معاريف" عن وجود اختلاف بالمواقف بين إدارة ترامب وإسرائيل بخصوص الحرب في غزة.
وقالت الصحيفة إنه بعد الإفراج عن عيدان ألكسندر، التقى مبعوث ترامب، ستيف فيتكوف، مع نتنياهو، الذي أبدى رغبة في العودة إلى المخطط السابق لغزة، مشيرة إلى أن الدبلوماسي الأمريكي أكد أن واشنطن تنظر إلى المستقبل.
وكشف مسؤولون للصحيفة أن الأمريكيين لا يرون في المخطط القديم حلا لإتمام اتفاق وقف إطلاق النار، بل يتقدمون نحو حلول جديدة، تتضمن إنهاء الحرب بشكل شامل.
ونقلت الصحيفة عن مدير مقر الحزب الجمهوري في إسرائيل، أرييل ساندر، نفيه التقارير التي تتحدث عن وجود خلاف بين ترامب ونتنياهو بشأن المحادثات مع حماس.
وتحدثت القناة "12" العبرية عن تصاعد التوتر بين إسرائيل والولايات المتحدة، إثر انتقادات من وزراء إسرائيليين لإدارة ترامب بعد الاتفاق مع حماس للإفراج عن الأسير سراح عيدان ألكسندر دون تنسيق مع تل أبيب. ورغم محاولات رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، تحسين صورة العلاقات مع واشنطن، إلا أن الخلافات تتفاقم.
وسلطت القناة الضوء على تحليلات غربية أبرزت تجاهل ترامب التوقف في إسرائيل خلال جولته في الشرق الأوسط.
وحذرت القناة في تحليل تحت عنوان: "إسرائيل يجب أن تستيقظ: ترامب لن يحل مشاكلنا" من "الاعتماد الساذج" على ترامب لحل مشاكل إسرائيل، وتشدد أن تل أبيب ليست محور العالم وليست أولوية لترامب حاليًا.
وأكدت أن "المطلوب من إسرائيل هو المبادرة بخطوات تدمج مصالحها مع مصالح الإدارة الأمريكية، لا الاكتفاء بالانتظار".
الكاتب يحذر من الاعتماد الساذج على ترامب لحل مشاكل إسرائيل، ويشدد أن إسرائيل ليست محور العالم وليست أولوية لترامب حاليًا. المطلوب من إسرائيل هو المبادرة بخطوات تدمج مصالحها مع مصالح الإدارة الأمريكية، لا الاكتفاء بالانتظار.
وتحدث التحليل عن سيناريوهين محتملين لزيارة ترامب وتجاهل تل أبيب، أولهما أن يحقق الرئيس الأمريكي مكاسب اقتصادية ويغادر، بينما تذهب إسرائيل إلى حرب شاملة في غزة، وتتحمل وحدها المسؤولية.
أما الإيجابي، فقد يتمثل بالتوصل إلى صفقة للإفراج عن الأسرى تؤدي إلى إزاحة حماس من الحكم، وربما تمهد الطريق لاتفاقات أخرى.
ويختم التحليل بالقول: "كان نقدا واضحا للقيادة الإسرائيلية: نحن خارج الملعب، ننتظر نهاية المباراة لنعود للعب المحلي العنيف، في وقت يُغيَّب فيه التفكير السياسي العميق لصالح الحلول العسكرية".