تتجه الأنظار لمخرجات اجتماع مدينة ميامي الأمريكية، حيث يجتمع وسطاء اتفاق وقف إطلاق النار بين حركة حماس وإسرائيل في قطاع غزة، وسط آمال بأن يكون خطوة نحو إطلاق المرحلة الثانية من الاتفاق، بعد تطبيق متعثر للمرحلة الأولى منه.
ويُنظر إلى اللقاء المرتقب كمساحة لتثبيت التفاهمات بين الأطراف الدولية والإقليمية، في ظل خلافات حول نزع السلاح ومهام القوة الدولية، على وقع هشاشة الاتفاق الحالي، وتخييم شبح العودة للتصعيد الذي لا يزال قائمًا ما لم يتم الوصول إلى توافق فعلي وشامل على بنود المرحلة المقبلة.
يقول المحلل السياسي أشرف عكة إن "لقاء ميامي سيضع اللمسات الأخيرة على ترتيبات المرحلة الثانية، بدءًا من تحديد طبيعة القوة الدولية، ومهامها، وقيادتها، وعدد عناصرها، بالإضافة إلى قواعد الاشتباك ومواقع تمركزها داخل قطاع غزة، فضلاً عن مهمتها الرئيسية في إدارة المرحلة القادمة".
وأضاف لـ"إرم نيوز": "الاجتماع سيشكل محطة حاسمة في بلورة ترتيبات مجلس السلام والهياكل الإدارية والتنظيمية التابعة له، وكذلك العلاقة الواضحة مع اللجنة الإدارية الفلسطينية".
وأوضح أن "هذا الاجتماع يُعد بمثابة غرفة تهيئة استراتيجية حقيقية لكل متطلبات واستحقاقات المرحلة الثانية، التي تحتاج إلى توازنات دقيقة بين الأطراف الإقليمية والدولية، بما يعكس تصورات المنطقة في إطار خطة ترامب وقرار مجلس الأمن 2803".
وتابع: "الولايات المتحدة ستمثل وجهة النظر الإسرائيلية، في حين ستمثل قطر ومصر وتركيا وجهة النظر الفلسطينية، على اعتبار أن المرحلة المقبلة يجب ألا تكون أمنية فقط، بل يجب أن تحمل أفقًا سياسيًا واضحًا للفلسطينيين خلال المرحلة الانتقالية"، مشدداً على أن "هذه المرحلة هي التي ستحدد مستقبل قطاع غزة خلال العامين المقبلين".
وحول إمكانية نجاح الوسطاء في إعادة اتفاق وقف إطلاق النار إلى مساره الصحيح، قال: "الاتفاق في مساره الصحيح، بعيداً عن كل تلك الخروقات والتشويش الإسرائيلي، نحن أمام مرحلة تنطلق باتجاه المرحلة الثانية، رغم كل الخلافات والتباينات".
وأضاف: "وقف إطلاق النار هش، وهناك بالفعل تصعيد وخروقات إسرائيلية متواصلة، لأن إسرائيل تحاول فرض رؤيتها وتفسيرها الخاص لهذا الاتفاق، ومع ذلك، نحن الآن في ظل الترتيبات النهائية، ولا يمكن الحديث عن انهيار الاتفاق أو العودة إلى الوراء نحو تصعيد شامل، سواء في قطاع غزة أو امتداده في لبنان".
وختم قائلاً: "بعيدًا عن التصريحات الإسرائيلية المنافية للواقع، فإن الاتجاه العام يسير نحو تثبيت الهدنة والانتقال إلى المرحلة الثانية من الخطة".
من جهته، اعتبر المحلل السياسي إياد جودة أن "مخرجات لقاء ميامي معقدة للغاية، ولا يمكن التنبؤ بها بسهولة، خاصة في ظل الخلافات القائمة حول القضايا الجوهرية، وعلى رأسها نزع سلاح حماس وقوة الاستقرار الدولية".
وقال لـ"إرم نيوز": "هناك احتمالية لظهور مخرج رسمي أو صيغة توافقية جزئية في هذا الملف، لكن من غير المتوقع التوصل إلى اتفاق نهائي بشأن نزع السلاح".
وأوضح أن ذلك يعني بقاء الأمور معلّقةً ومسارها مفتوحًا حتى ما بعد اللقاء"، مشيرًا إلى أن ذلك يفتح الباب أمام تفسيرات متباينة ومختلفة لآليات تطبيقه.
وتابع جودة: "وقف إطلاق النار سيبقى قائمًا، بمعنى أنه لا عودة للحرب الشاملة، لكن بالمقابل هناك تغاضٍ أمريكي عن التحركات الإسرائيلية، ما يمنح إسرائيل هامشًا واسعًا لتنفيذ اغتيالات وقصف محدد داخل القطاع".
وقال: "حماس تسعى في هذه المرحلة إلى احتواء الوضع الداخلي وضبط الشارع، في إطار تهدئة مؤقتة".
بدوره، أشار المحلل السياسي جهاد حرب إلى أن اجتماع ميامي يُعد الأرفع مستوى منذ بدء سريان الهدنة، مضيفًا: "سيخرج عن اللقاء ما تم تشريعه في قرار مجلس الأمن 2803، الذي بُني على خطة ترامب للسلام".
وقال حرب لـ"إرم نيوز": "المرحلة الثانية تتطلب معالجة قضايا أساسية لا تزال عالقة، من أبرزها تشكيل قوات الاستقرار الدولية وصلاحياتها".
وأضاف: "هناك تناقضات واضحة بين الأطراف المختلفة، خاصة بين الولايات المتحدة وإسرائيل من جهة، وبعض الدول العربية من جهة أخرى، حول طبيعة دور هذه القوات وحدود تدخلها".
وأشار إلى أن ما يتعلق بالانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة لا يزال غير واضح، سواء من حيث شكله أو المساحات التي سيغادرها الجيش الإسرائيلي، لافتًا إلى أن هذه النقطة تُعد من القضايا الجوهرية التي يجب حسمها في المرحلة الثانية وستكون من مخرجات لقاء ميامي.
وقال المحلل السياسي: "وقف إطلاق النار بمعناه المرتبط بوقف العمليات العسكرية الكبرى تحقق، ولن نشهد عمليات موسعة كما كانت قبل السابع من أكتوبر/ تشرين الثاني، لكن إسرائيل تواصل خروقاتها، مما يعني أن وقف إطلاق النار هشّ".
وأضاف أن "الولايات المتحدة الأمريكية ستمارس ضغوطاً على إسرائيل لعدم التمادي في عملياتها، تجنبًا لانفجار الأوضاع من جديد، وهو ما يُعد جزءًا من التفاهم العربي الإسلامي مع واشنطن".
وأوضح أن "التحديات التي تعيق الانتقال إلى المرحلة الثانية لا تزال كبيرة، أبرزها كيفية نزع السلاح، والأطر التي ستُطبق في غزة للتعامل مع هذا الملف".
وقال: "نحن في مرحلة تفاوض دقيقة وحرجة حول مستقبل قطاع غزة، إذ يسود هدوء حذر، مع احتمالية عودة الحرب في أية لحظة، ما لم يُخضع الطرفان، حماس وإسرائيل، للمطالب الدولية وتطبيق المرحلة الثانية من قرار مجلس الأمن 2803".