قالت مصادر عسكرية سورية، إن التوغل الإسرائيلي الأخير في بلدة "خان أرنبة" في القنيطرة يمثل تصعيدًا جديدًا ضد سوريا، في سلسلة متواصلة لم تتوقف منذ سقوط نظام الأسد، وأشارت إلى أن خان أرنبة تتمتع بأهمية كبيرة في الجنوب السوري، لكن هدف الجيش الإسرائيلي من اقتحامها والتوغل فيها يندرج ضمن هدفه الأكبر، القائم على إعادة رسم الجبهة العسكرية مع سوريا عبر التوغلات.
وفجر اليوم، شهدت بلدة خان أرنبة توغلًا لقوات الجيش الإسرائيلي، بعد توغل مماثل شمل جباتا الخشب وأوفانيا.
وتُعد عملية التوغل باتجاه خان أرنبة وعمليات الدهم والتفتيش فيها الأولى من نوعها، وجاءت بالتزامن مع تحليق مكثف لطيران الاستطلاع الإسرائيلي في أجواء الجنوب السوري وصولًا إلى محيط العاصمة دمشق.
تقع "خان أرنبة" على الطريق ما بين دمشق والقنيطرة، وتبعد نحو 15 كم عن مدينة القنيطرة، وتمتاز بموقع يربطها بمجموعة من القرى ويجعل منها نقطة ارتكاز تجارية ومحطة عبور لخطوط النقل البري للمدن المحيطة. كما تعتبر المركز الاقتصادي والتجاري لمحافظة القنيطرة.
ويواصل الجيش الإسرائيلي انتهاكاته اليومية في المنطقة منزوعة السلاح داخل محافظة القنيطرة من خلال تسيير دوريات عسكرية بشكل شبه يومي وتنفيذ عمليات مداهمة ليلية وتفتيش منازل مدنيين تحت ذريعة البحث عن السلاح.
إعادة رسم الجبهة
الباحث السوري مازن بلال، قال في تصريحات لـ "إرم نيوز"، إن كل مناطق التوغل الإسرائيلي كانت تحوي تحصينات ونقاط مراقبة، ومن ضمنها خان أرنبة. ويشير إلى أن الإسرائيليين يدرسون الحوض المائي للمنطقة، رغم عدم وجود تصريحات رسمية بذلك، وأكد أن التوغلات تشل النشاط السكاني وتعيد تقسيم الجبهة رغم انسحابهم لاحقًا من بعض النقاط.
ويوضح بلال أن الإسرائيليين، عبر نشاطهم العسكري، يضعون قواعد تفاوض، ويجعلون أي تفاهم قادم هو تحصيل حاصل، وصولًا إلى منطقة منزوعة السلاح على مثلث الحدود السورية الإسرائيلية الأردنية.
ويرى بلال أن التواجد الإسرائيلي في "خان أرنبة" يمنحهم على الأقل سيطرة نارية على المواصلات باتجاه الجولان، ولكنه لا يعتقد أنهم سيبقون فيها، حسب قوله، لافتًا إلى أن "كل توغل هو لترتيب النفوذ واكتشاف الجغرافيا التي ستكون مسرحًا لنشاطهم بعد توقيع أي اتفاق".
13 قاعدة
ومنذ سقوط نظام الأسد في الثامن من كانون الأول/ ديسمبر 2024، يواصل الجيش الإسرائيلي التوسع في بناء المزيد من القواعد العسكرية في المناطق التي احتلها في محافظات الجنوب السوري.
وكان الجيش الإسرائيلي، في إطار تثبيت وجوده العسكري في الجنوب السوري، قد قام ببناء 13 نقطة عسكرية منذ سقوط النظام السابق وحتى نهاية شهر حزيران/ يونيو الماضي، ما يبعث برسالة واضحة عن عدم نيته التخلي عن الأراضي التي احتلها بعد سقوط نظام الأسد.
ومن ضمن النقاط العسكرية التي تم بناؤها في الجنوب السوري، تلك الواقعة في "تل أحمر" الشرقي بالقرب من بلدة "كودنا" في ريف القنيطرة، وهي قاعدة جديدة تُضاف إلى القاعدة التي سبق بناؤها في "تل أحمر" الغربي في كانون الأول/ ديسمبر الماضي.
وعادة ما يلجأ الجيش الإسرائيلي إلى تنفيذ عمليات هدم منازل في المناطق التي يقوم ببناء نقاط عسكرية فيها، وذلك بحجة قربها من هذه القواعد، الأمر الذي يدفع السكان للنزوح إلى بلدات أخرى.
وتجاوز عدد منازل المدنيين السوريين التي قام الجيش الإسرائيلي بهدمها نحو 150 منزلًا في محافظات الجنوب السوري منذ كانون الأول/ ديسمبر 2024 وحتى نهاية شهر حزيران/ يونيو الماضي، بزعم قربها من النقاط العسكرية.
وجدير بالذكر أن 95% من مساحة محافظة القنيطرة باتت تحت سيطرة قوات الجيش الإسرائيلي، بعدما فرض سيطرته على جبل الشيخ وهضبة الجولان.