الجيش الإسرائيلي: يمكن لسكان مدينة غزة مغادرة المدينة باتجاه المواصي عبر شارع الرشيد بدون تفتيش

logo
العالم العربي

"براغماتية" أم "مساومة".. ماذا وراء رسائل الشرع إلى الروس والأمريكيين؟

"براغماتية" أم "مساومة".. ماذا وراء رسائل الشرع إلى الروس والأمريكيين؟
الرئيسان أحمد الشرع وفلاديمير بوتينالمصدر: وسائل إعلام سورية
25 أبريل 2025، 10:55 ص

أعلن الرئيس السوري أحمد الشرع في مقابلة مع صحيفة "نيويورك تايمز" أن حكومته تتفاوض على صفقات مع كل من روسيا وتركيا للحصول على دعم عسكري مستقبلي من كليهما.

وقال الشرع إن "تركيا لديها وجود عسكري في سوريا، وروسيا أيضاً، ولكن ألغيت كل الاتفاقيات السابقة، ونحن بصدد صياغة اتفاقات جديدة".

وأكد أن "روسيا عضو دائم في مجلس الأمن، وأسلحتنا بالكامل روسية"، موضحاً أن "هناك اتفاقيات غذاء وطاقة مع روسيا منذ سنوات ويجب أخذ هذه المصالح السورية في الاعتبار".

وأردف الشرع: "نحن منفتحون على شراء أسلحة إضافية من روسيا ودول أخرى، وبضعة أشهر لا تكفي لتأسيس جيش لبلد بحجم سوريا، وهذا تحد كبير في حد ذاته، وسيستغرق الأمر بعض الوقت".

تصريحات الشرع فاجأت العديد من المراقبين، نظراً للدور الذي لعبته روسيا، خلال السنوات الماضية، من عمر الحرب السورية، والذي كان، وفق هؤلاء، السبب في إطالة عمر نظام الأسد، وبالتالي زيادة معاناة السوريين، وقصف مدنهم وقراهم نصرة للنظام السابق.

ولكن آخرين اعتبروا تصريحات الشرع تجاه روسيا، وانفتاحه على علاقة جيدة ومصلحية معها، نوعاً من التكتيك الذكي والواقعية السياسية، نظراً للنفوذ الروسي الطويل في سوريا، حتى قبل أن تبدأ الحرب الأهلية في سوريا. ويتساءل هؤلاء عن الدور الذي يقوم به شقيق الرئيس، ماهر الشرع في نسج علاقة جديدة مع موسكو، نظراً لعلاقته الطويلة معها خلال دراسته وعمله فيها، وزواجه من مواطنة روسية. 

طرف ثالث يرى أن حديث الشرع عن مفاوضات مع روسيا، وإشارته إلى إمكانية الحصول على دعم عسكري وأسلحة جديدة، إنما يُراد منه إيصال رسالة إلى الولايات المتحدة الأمريكية والغرب مفادها: "إذا تأخرتم في رفع العقوبات، ورفض الانفتاح على النظام الجديد، فإن بدائلنا متوافرة".

أخبار ذات علاقة

مدخل قاعدة حميميم

استدعاء ضباط الأسد إلى حميميم.. ماذا تحضّر روسيا للساحل السوري؟

 سياق مزدوج

الكاتب والباحث السياسي السوري المقيم في اسطنبول، مالك الحافظ، يرى أن تصريحات الرئيس السوري أحمد الشرع لصحيفة "نيويورك تايمز" حول العلاقة مع روسيا، وتحديداً بشأن إمكانية تزويد الجيش السوري الجديد بأسلحة روسية، لا يمكن فصلها عن سياق مزدوج؛ الأول داخلي يتعلق بمحاولة تثبيت السلطة الانتقالية كطرف شرعي على المستوى الدولي، والثاني خارجي يتمثّل في محاولة اللعب على هوامش التنافس الدولي بين موسكو وواشنطن. 

ويقول الحافظ في تصريحات لـ "إرم نيوز" إن الشرع، بهذه التصريحات، يُحاول تقديم نفسه كمفاوض عقلاني مستعد للتعاون مع أي قوة دولية لا تعادي "استقرار سوريا"، مع استخدام روسيا كورقة للمساومة لا للشراكة الإستراتيجية العميقة.

لكن هذا النوع من التصريحات، وفقاً للباحث السوري، يعكس منهجاً دبلوماسياً انتقالياً هشّاً، تحكمه البراغماتية القصوى على حساب الثوابت الوطنية. فبدلاً من الإعلان الواضح عن سياسة دفاعية مستقلة تعيد تعريف عقيدة الجيش السوري الجديد على أساس وطني احترافي، نرى تلميحات تُبقي القرار السيادي رهن التفاوض الخارجي، وتفتح الباب أمام النفوذ بدل السيادة. مشيراً إلى أن هذا التكتيك، يخفي ارتباكاً في الموقف البنيوي للسلطة الانتقالية تجاه مفهوم السيادة.

 ويقول الحافظ في تصريحات لـ "إرم نيوز" إن الشرع، بهذه التصريحات، يُحاول تقديم نفسه كمفاوض عقلاني مستعد للتعاون مع أي قوة دولية لا تعادي "استقرار سوريا"، مع استخدام روسيا كورقة للمساومة لا للشراكة الإستراتيجية العميقة.

نكوص سياسي
 
ويتساءل المحلل السياسي السوري عن معاني أي انفتاح على موسكو، والتي يجب أن يكون من موقع السيادة لا الارتهان. فروسيا، كما يقول، لم تكن طوال سنوات الصراع، مجرد طرف داعم للأسد، بل كانت شريكاً مباشراً في إنتاج المعادلة الأمنية التي فجّرت المجتمع السوري، وأفقدت الدولة معناها. وبالتالي، فإن استخدام نفس البوابة العسكرية التي دخلت منها الطائرات الروسية إلى سوريا لقصف المدنيين، لتكون قناة تسليح الجيش الجديد، هو نكوص سياسي خطير يُعيد تدوير معادلات القهر القديمة داخل جسد المرحلة الجديدة.
ويصف الكاتب الحافظ العلاقة بين النظام الجديد وروسيا، بأنها "حتى اللحظة علاقة مترددة وغير مكتملة التكوين. روسيا ليست في موقع الشريك الثابت، بل تُقارب الملف السوري من زاوية إعادة التموضع". ويوضح: "بعد سقوط الأسد، وجدت موسكو نفسها أمام واقع سياسي جديد لا تملك فيه نفس أدوات السيطرة التي مارستها طوال العقد الماضي. لذلك، فإنها تحاول إبقاء موطئ قدم لها في المؤسسات الأمنية والعسكرية السورية من خلال تنشيط بعض خطوط الاتصال الرمزية مع الرئاسة الانتقالية."

ويُلاحظ الحافظ أن روسيا تُفضّل في هذه المرحلة، العمل عبر الواجهات الرمزية والأدوات التقنية، كصيانة محطات الطاقة أو تقديم عروض تقنية وعسكرية غير ملزمة، دون الانخراط في التزامات أمنية مباشرة. وهذه الإستراتيجية، وفقاً للكاتب، تُعرف في العلوم السياسية بـ"الهيمنة الناعمة عبر البنى التحتية"، وتُستخدم عندما يفقد الفاعل الإقليمي القدرة على التحكم الكامل في القرار السياسي، فيلجأ إلى التأثير من خلال القطاعات الحيوية. 

أخبار ذات علاقة

الرئيس السوري أحمد الشرع

رسالة من الشرع إلى ترامب.. هل ترفع واشنطن العقوبات عن دمشق؟

 

ماهر الشرع.. أي دور يلعبه؟

وفي هذا السياق، يلفت الحافظ إلى الدور الذي يمكن أن يلعبه شقيق أحمد الشرع، ماهر، الذي تربطه علاقات اجتماعية وعائلية مع روسيا، وما إذا كانت تلك الروابط تُستخدم، اليوم، كبوابة خلفية لإعادة فتح القنوات مع الكرملين.

 لكنه يجيب على هذا الاحتمال بالقول: "حتى لو صحّ ذلك، فإن التعامل مع الدولة من خلال "المداخل الشخصية"، يكشف عن مشكلة عميقة في هيكلة القرار السوري الانتقالي، ويعيد إنتاج منطق الزبائنية السياسية بشكل مقنّع. مشيراً إلى أن الاعتماد على شبكات النفوذ العائلية أو العلاقات الشخصية في فتح ملفات إستراتيجية كالتسلح والسيادة، يُفقد السلطة الانتقالية ما تبقّى لها من رصيد رمزي عند النخب والمجتمع الدولي. فالثورات لا تُنجز كي تستبدل استبداداً عائلياً بآخر "نظيف الواجهة"، بل لتكسر منطق الوراثة بكل أشكالها؛ الوراثة السياسية، والوراثة العقائدية، والوراثة العائلية في التحكم بمصير الدولة.

ماذا تريد موسكو؟

يؤكد المحلل السياسي مالك الحافظ أن ما تريده روسيا من سوريا اليوم، واضح، ويتمثل بتأمين الحد الأدنى من النفوذ الإستراتيجي، سواء عبر اتفاقيات عسكرية طويلة الأمد، أو عبر ملفات الطاقة والبنية التحتية، أو من خلال المشاركة في ملف إعادة الإعمار ضمن شروطها. 

والأهم، بحسب الحافظ، أن روسيا تريد من سوريا أن تبقى "حيّزاً وظيفياً" ضمن خرائط الصراع الدولي، وليس "دولة فاعلة مستقلة". فما تسعى إليه موسكو هو ضمان مصالحها الجيوسياسية بأقل تكلفة ممكنة، من خلال حضور غير مرئي، لا يُحرجها في المحافل الدولية، لكنه يُبقي لها دوراً حين يحين موعد الصفقات الكبرى. وهنا، على السلطة الانتقالية أن تختار؛ إما أن تكون دولة تخاطب موسكو بندّية، أو سلطة وظيفية تُعيد إنتاج التبعية باسم البراغماتية.

أما عما يريده الشرع، فيبدو بأنه يحاول الظهور كوسيط بين الغرب وروسيا، "لكنه في الواقع يتحرك ضمن حقل ألغام معقد، تتداخل فيه توازنات الخارج مع هشاشة الداخل" كما يقول الباحث السياسي السوري. "وإذا لم تُحسم هوية المشروع الوطني للسلطة الانتقالية، فستظل العلاقة مع موسكو مجرد أداة ابتزاز متبادل، لا شراكة سيادية حقيقية".

ويخلص إلى أنه "ما لم تُجرَ مراجعة حقيقية لمجمل أدوات السلطة، وللرؤية الأمنية–الدفاعية التي تنتهجها الرئاسة الانتقالية، فإن أي انفتاح على روسيا سيظل محكوماً بالريبة الشعبية".

أخبار ذات علاقة

أحمد الشرع

الشرع: الفوضى في سوريا ستضر العالم أجمع

 

دور روسي "بمباركة أمريكية"

الكاتب والمحلل السياسي اللبناني، علي حمادة، ينظر إلى تصريحات الشرع والعلاقة بين دمشق وموسكو من وجهة نظر "تاريخية" وواقعية، فيقول في تصريحات لـ  "إرم نيوز": إن العلاقة بين سوريا وروسيا -أياً كان من يحكم سوريا- مقدر لها أن تستمر في مكان ما، لكن بشروط مختلفة عما كانت عليه سابقاً، والحكم الجديد في سوريا مضطر لأن يتعامل بموضوعية وواقعية مع الدور الروسي. 

ويرى حمادة أن الدور الروسي قد يسهم -طبعاً إذا كان بمباركة أمريكية- بخلق توازن أمني على الأراضي السورية التي لا تزال تعاني من ضعف سيطرة الدولة على مفاصل الجغرافيا من الناحية الأمنية. أما إذا لم يكن بمباركة أمريكية فهذا الأمر لن يحصل، كما يقول.

ويشرح المحلل السياسي اللبناني أن "روسيا كانت هي الراعي مع إيران لنظام الأسد. وهذه الرعاية لن تعود، لكن العلاقة يمكن أن تعود من بوابة التسليح ربما مستقبلاً. والأمر بسيط، فكل السلاح الموجود على الأراضي السورية هو سلاح روسي المنشأ. والجيش السوري الذي انهار مؤخرا، كانت كل تدريباته وكل نشأته وكل تاريخه هو تاريخ قائم على العلاقة مع موسكو".

ويضيف أن الأسلحة يعني أن الجنود معتادون على السلاح الروسي والضباط معتادون على السلاح الروسي والتكتيك العسكري الروسي وعلى المعدات الروسية. وعدد كبير من الضباط تعلموا الروسية عندما قاموا بدورات أركان في موسكو، وفي دول أوروبا الشرقية.

بالتالي، يتابع حمادة، قد يكون الخيار للبقاء على علاقة بين روسيا والحكم الجديد برعاية أمريكية، بحيث لا تتأثر المصالح الأمريكية، ولا تتأثر المصالح الإستراتيجية الإسرائيلية، "وهنا الأهم؛ لأن إسرائيل تفضل أن يكون للروس دور في مستقبل سوريا من أن يكون الدور لتركيا. ولمجموعات تتحلق حول الحكم التركي وأيضا تتمتع برعاية من الحكم التركي".

أخبار ذات علاقة

قصر الشعب بدمشق

يحمل الجنسية الروسية.. جدل في سوريا بعد تعيين ماهر الشرع بـ"منصب حساس"

 

مظلة عربية

ويوضح حمادة: "نحن أمام معادلة يمكن أن تتحقق، والدول العربية الخليجية التي تريد أن تنفتح على سوريا الجديدة قد ترتاح لعلاقة جيدة مع موسكو تكون موازنة للعلاقة أو للنفوذ التركي، بحيث تمنع تمدد النفوذ التركي كما كانت تحول دون التمدد الكامل للنفوذ الإيراني في مرحلة ما".

 ويشير الكاتب والمحلل السياسي اللبناني إلى أنه "إذا كان هناك من نفوذ روسي مستقبلي فسيكون برعاية أمريكية، وبتنسيق مع الإسرائيليين، وبرضا ومظلة عربية، لأن كل من هذه الأطراف يمكن أن تكون لديها مصلحة في وجود نفوذ روسي منضبط في سوريا.

ويخلص إلى أن تركيا، وروسيا، والولايات المتحدة، وإسرائيل، هي القوى النافذة على الأرض السورية اليوم، وقد تكون المظلة العربية هي الحل الذي يؤمن الانسجام بين هذه القوى، وفقاً للمحلل السياسي علي حمادة.

;
logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC