logo
العالم العربي

بعد عامين من حرب غزة.. ماذا بقي من قدرات حماس العسكرية؟

قاذفات صواريخ تابعة لكتائب القسامالمصدر: رويترز

ألحقت الحرب الإسرائيلية على غزة خسائر جسيمة بترسانة حماس العسكرية، لا يمكن تعويضها، ما أضعف قدرة الحركة القتالية بمواجهة الجيش الإسرائيلي، الذي بات يسيطر على (70- 80)% من مساحة القطاع، عقب نحو عامين من الحرب.

وخلال الهجوم الافتتاحي الذي بدأته حماس ضد إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأول عام 2023، استخدمت الحركة نحو 4300 صاروخ من بين نحو 10 آلاف صاروخ كانت تمتلكها، وفق تقديرات إسرائيلية.

وخلال الحرب، عمل الجيش الإسرائيلي على استراتيجية ضرب منصات الصواريخ، ما خلق مشكلات تشغيلية لدى الجناح العسكري للحركة، وأضعف قدرتها على إطلاق المزيد من الصواريخ.

كما دمر الجيش الإسرائيلي مخزونات كبيرة من الصواريخ قبل استخدامها، وهو ما ظهر في محدودية عمليات إطلاق الصواريخ من القطاع.

واستخدمت الحركة خلال هجوم 7 أكتوبر أيضًا 57 طائرة مسيّرة، و7 زوارق بحرية مفخخة، و6 طائرات شراعية تستخدم لأول مرة لتنفيذ هجمات ضد الجيش الإسرائيلي، إضافة لعدد كبير من القذائف المضادة للدروع التي كانت بحوزة عناصرها خلال الهجوم.

أخبار ذات علاقة

حماس تهز الخطة الأمريكية

"لا لتسليم السلاح".. هل يفتح رفض حماس الباب لتصعيد عسكري واسع؟ (فيديو إرم)

 قدرات متناقصة

وأظهرت عملية 7 أكتوبر، التي أطلقت عليها حماس اسم "طوفان الأقصى"، ترسانة السلاح التي كانت تمتلكها الحركة.

وكان الجناح العسكري لحماس يمتلك قبل الحرب صواريخ بمديات مختلفة، غالبيتها إما تمت صناعتها محليًا بالكامل، أو كانت محاكاة لنسخ صواريخ إيرانية مثل "فجر" و"سجيل".

وبحسب المعطيات الميدانية بعد عامين من الحرب في غزة، فإن سلاح الصواريخ خرج بشكل شبه كامل من الخدمة، وظهر بشكل رمزي عبر بعض عمليات الإطلاق التي تنفذ بين حين وآخر، وعلى فترات متباعدة، وبكميات قليلة، وبمديات قصيرة.

ويعكس هذا الواقع اختلافًا عما كان عليه الحال عند بداية الحرب، إذ كانت تتعمد حماس إطلاق رشقات صاروخية مكثفة ضد المدن الإسرائيلية، لتنفيذ عمليات "إغراق صاروخي" ضد منظومات القبة الحديدية الإسرائيلية، التي كانت تعمل على اعتراض هذه الصواريخ، كما كانت صواريخ الحركة تطال مناطق في جنوب ووسط إسرائيل.

وعلى صعيد الطائرات المسيّرة، كانت كتائب القسام، تعلن امتلاكها طائرات مسيّرة بثلاثة طرازات، أحدها الطائرات الانتحارية، وطائرات الرصد والتصوير، وطائرات قادرة على حمل وإسقاط قنابل على بعض الأهداف.

وباستثناء الطائرات التي تستخدمها حماس في الرصد والتصوير، لم يعلن الجناح العسكري للحركة منذ أكثر من عام ونصف تقريبًا عن استخدام الطائرات المسيّرة في شن هجمات ضد الجيش الإسرائيلي.

وبرز السلاح المضاد للدروع والتحصينات كأهم الأسلحة التي استخدمتها الحركة ضد الجيش الإسرائيلي، خاصة بعد بدء الاجتياح البري للقطاع في 27 أكتوبر/تشرين الأول عام 2023.

واستخدمت الحركة القذائف الترادفية التي تُطلق من قاذفات "RPG" روسية الصنع، مثل قذائف "الياسين 105" التي كانت تستخدم ضد الآليات الإسرائيلية، وقذائف "TBG" التي كانت تستهدف المنشآت التي كان يستخدمها الجيش الإسرائيلي كنقاط لتجمع قواته داخل قطاع غزة.

ورغم قدرة الأسلحة المضادة للدروع على إيقاع خسائر في صفوف الجيش الإسرائيلي، إلا أن عامين من الحرب أدى لتضاؤل أعدادها بشكل كبير، وسط محدودية القدرة على صناعة المزيد منها بشكل كافٍ لتعويض ما يتم استخدامه في ظل الحصار المفروض على القطاع.

كما أعلنت حماس عن امتلاكها "طوربيدًا" بحريًا لشن هجمات ضد القطع البحرية الإسرائيلية، ومنظومة "دفاع جوي" محلية الصنع للتصدي للطائرات الإسرائيلية، لكنها لم تعلن عن أي هجمات ناجحة باستخدام هذين السلاحين.

وغابت كذلك قدرة سلاح قذائف الهاون، التي تمتلك حماس كميات كبيرة منها وبعيارات مختلفة، على إحداث فارق في المواجهة العسكرية، رغم وجود الجيش الإسرائيلي داخل غزة، إذ باتت تستخدمها حماس فقط لعمليات التغطية و"الإسناد الناري"، خلال تنفيذ عمليات إغارة على المواقع العسكرية الإسرائيلية.

بدائل المعركة

يرى الخبير العسكري اللواء قاصد محمود، أن حماس باتت تعتمد على أسلحة بدائية تتنوع بين المقذوفات والأسلحة الرشاشة، مشيرًا إلى أن ذلك يناسب طبيعة العمليات القتالية التي تخوضها ضد الجيش الإسرائيلي بعد اجتياحه قطاع غزة.

وقال الخبير العسكري، لـ"إرم نيوز"، إن "حماس تعتمد على أسلحة بدائية تتنوع بين بنادق ومقذوفات بسيطة ورشاشات، لكنها فعّالة وموجودة بكميات تكفيها للقتال، وقابلة للتعويض بفضل وجود خبراء تصنيع محليين ومتخصصين في المتفجرات والقذائف اليدوية".

وأضاف محمود أن "حماس لا تخوض المعركة بأسلوب الجيوش النظامية أو الكتل العسكرية الكبيرة، بل تعتمد على تكتيك المجموعات الصغيرة المنتشرة، ما يصعّب على الجيش الإسرائيلي التعامل معها بالأساليب التقليدية"، مبينًا أنه "لا وجود لأسلحة ذات طبيعة إلكترونية أو تكنولوجيا متقدمة لدى حماس".

وتابع: "ما تحتاجه حماس لإدارة القتال يحتاج استمرارية، وهو ما توفره المعركة نفسها، إذ يُقدّر بأن ما لا يقل عن 10% من المتفجرات التي تلقى على غزة لا تنفجر، ما يشكّل مصدرًا متجددًا لصناعة العبوات والذخائر".

بدوره، قال مصدر عسكري في قطاع غزة، لـ"إرم نيوز"، إن "حماس تستخدم مخلفات الذخائر الإسرائيلية غير المنفجرة لصناعة عبوات ناسفة، وعبوات محمولة يدويًا لمهاجمة جنود وآليات الجيش الإسرائيلي".

وأضاف المصدر، الذي رفض الكشف عن هويته، أنه "كان آخر ما تم استخدامه من مخلفات الذخائر الإسرائيلية هي العبوات الفراغية، التي أعلنت كتائب القسام استخدامها لأول مرة في هجوم ضد قوات الجيش الإسرائيلي، الأسبوع الماضي، غرب مدينة غزة".

وأشار إلى أن هذه العبوات تصنع من مواد نسفية لم تنفجر خلال عمليات الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة، لافتًا إلى أن هذه العبوات الفراغية تستخدم لاستهداف قمرات قيادة الدبابات والآليات الإسرائيلية، والغرف والأماكن الضيقة التي يتواجد فيها جنود إسرائيليون، لافتًا إلى أنها ذات قدرات تدميرية عالية في هذه الأماكن.

ورغم ذلك، يقول الخبير العسكري محمود إن متوسط القصف اليومي على قطاع غزة يتجاوز 10 أطنان من المتفجرات، مقابل أقل من 70 كيلوغرامًا تستخدمها حماس، ما يخلق اختلالًا كبيرًا في ميزان القوة.

وقال محمود: "حماس لا تمتلك ترسانة عسكرية ضخمة أو متطورة بالمعنى التقليدي، وهذا النوع لا يصمد أمام قوة عسكرية منظمة ومتفوقة كالجيش الإسرائيلي".

وأكد أن "حركة حماس فقدت جزءًا كبيرًا من قدراتها التسليحية خلال عامين من الحرب، وهي فترة طويلة استنزفت مخزون الحركة المحدود أساسًا، في المقابل، تلقت إسرائيل دعمًا عسكريًا ضخمًا قُدّر بحوالي 100 ألف طن من الذخائر والمتفجرات والأسلحة، إلى جانب بواخر وإمدادات عسكرية متواصلة".

وأوضح أن الحديث عن تسليم السلاح الذي ما زالت تمتلكه حماس لا يتجاوز "البعد الرمزي"، وما يمثله كرمز للوجود السياسي والعسكري للحركة.

أخبار ذات علاقة

الرهائن والسلاح على طاولة شرم الشيخ.. نقاشات مابعد الحرب أم ماقبل الانفجار؟

بعد الحرب أم قبل الانفجار؟ الرهائن والسلاح على طاولة شرم الشيخ (فيديو إرم)

 تكتيك محدود

من جانبه، قال الخبير العسكري محمد عبد الواحد، إن "حماس تلجأ حاليًا لبدائل تكتيكية محدودة لتعويض خسائرها العسكرية، عبر ضربات رمزية لا تغير شيئًا في موازين القوى، خاصة في ظل سيطرة إسرائيل على 75-80% من قطاع غزة".

وأضاف عبد الواحد، لـ"إرم نيوز"، أن "هذه الضربات تجري في سياق معقّد، حيث تتواصل الهجمات الإسرائيلية القاتلة التي لا تستهدف فقط البنية العسكرية، بل تضرب أيضًا الحاضنة الاجتماعية لحماس، ما يجعل بيئة المقاومة أكثر هشاشة". 

ويرى عبد الواحد أن الخسائر التي تكبدتها حماس خلال عامين من الحرب كانت جسيمة، سواء على مستوى الأفراد أو البنية التحتية، مشيرًا إلى مقتل أكثر من 25 ألف مقاتل من عناصر الحركة، بحسب تقارير إسرائيلية وأمريكية، إضافة إلى تدمير ورش التصنيع ومخازن السلاح، وقطع خطوط الإمداد.

وتابع: "تضاؤل قدرة حماس العسكرية أثرت على قدرتها على الصمود التي تراجعت بشكل كبير، فهي لا تملك القدرة على مواجهة جيش إسرائيلي هو الأقوى في الشرق الأوسط، ومدعوم أمريكيًا وغربيًا". 

وقال عبد الواحد: "حرب الإبادة في غزة لم تكن عفوية، بل جرى الإعداد لها سياسيًا وعسكريًا ولوجستيًا، وتتجاوز أهدافها المعلنة كإطلاق الأسرى أو إسقاط حماس، نحو ترتيبات جيوسياسية أوسع تمس مستقبل الإقليم بأكمله".

وحول صواريخ حماس، قال عبد الواحد إن "صواريخ حماس رغم وصول مداها إلى 200 كيلومتر، إلا أنها كانت تفتقر لأي قوة تدميرية استراتيجية حقيقية، وغالبًا بلا رؤوس حربية فعّالة، وتأثيرها محدود وتكتيكي فقط، يتمثل بإرباك القبة الحديدية، لكن عمليًا لم تكن تمثل تهديدًا عسكريًا جديًا".

وختم بالقول: "حماس غير قادرة على استعادة قدراتها التي كانت عليها، خاصة في ظل حجم الدمار الكبير في غزة، وشروط إسرائيل الحالية".

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC