قال عضو المكتب الاستشاري لقائد قوات الدعم السريع عمران عبد الله حسن، إن إعلان الهدنة جاء في هذا التوقيت ليحقق هدفاً مزدوجاً يتمثل في فتح الطريق أمام المساعدات الإنسانية العاجلة وتمهيد المناخ لوقف إطلاق نار يمكن البناء عليه سياسياً.
وأشار عمران في حوار مع "إرم نيوز" إلى أن الخطوة تعكس محاولة لقطع دائرة التصعيد التي أطالت أمد معاناة المدنيين.
ويرى أن أهمية الهدنة تتصاعد مع تزايد الاتهامات للطرف الآخر بإفشال أي مسار تفاوضي؛ ما جعل الحاجة إلى مبادرة واضحة وملزمة أكثر إلحاحاً، خاصة بعد الضغوط الدولية المتنامية وطرح مبادرات جديدة، من بينها المبادرة الأمريكية التي تسعى لاختبار جدية الأطراف في الاستجابة لمتطلبات السلام.
وفيما يلي نص الحوار:
ما الهدف من إعلان الهدنة؟
لقد كان الهدف واضحاً وذكره قائد قوات الدعم السريع ورئيس قوات تأسيس، الفريق محمد حمدان دقلو، وهو إيصال المساعدات الإنسانية لجميع أبناء الشعب السوداني، كما أن الهدنة هذه تمهد لإيقاف إطلاق النار، ومن الممكن كذلك أن تمهد للاتصال بكل المعنيين بالشعب السوداني حول التشاور.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن هذه الهدنة من الممكن أن تمهد بشكل حقيقي، لإيقاف هذه الحرب.
كيف تردّون على الاتهامات بأن الهدنة جاءت فقط لتحسين الصورة أمام المجتمع الدولي؟
هذا الكلام غير صحيح؛ فنحن كنا منذ اليوم الأول ضد الحرب، وكانت قوات الدعم السريع مع كل بارقة أمل لإيقاها، كانت قوات الدعم أول المرحبين بها، كما كنا في كل المنابر التفاوضية، أول الحاضرين، والأكثر استجابةً، والأكثر مرونةً فيها، ولكن للأسف إن قوات بورتسودان هي التي كانت ترفض وتمنع، وما زالت شروطها تعجيزية، حيث دائماً ما يقولون: "لا هدنة ولا سلام حتى يتم القضاء على آخر فرد من قوات الدعم السريع".
ورغم استحالة تنفيذ ذلك، إلا أن هذا يؤكد أنهم ليس لديهم الرغبة في إيقاف الحرب؛ لأنهم يستفيدون من هذه الفوضى ومن دماء الشعب السوداني ومعاناته، ومن ثم هم لا يعنيهم إيقاف الحرب خاصة وأن المعنيين فيها هم من رموز النظام السابق والإخوان المسلمين الذين يعيشون في الخارج، وقد تحولت بورتسودان إلى مركز لكل الحركات المتطرفة؛ إذ أصبحت بؤرة للحوثيين وحزب الله وتنظيمي داعش والقاعدة، ولا يمكن لأي حكومة جديدة أن ترضى بوجودهم، لذلك فإن خيار الحرب هو الذي يضمن بقاءهم.
كيف تقيمون مبادرة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ومدى تعاونكم معها؟
لقد رحبنا بمبادرة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب؛ لأنها تلبّي تطلعات الشعب السوداني الذي يسعى إلى إيقاف الحرب، وإلى الأمن والاستقرار، ولأن الشعب وحده هو من يدفع ضريبة هذه الحرب، ومن ثم، نحن نرحب بمبادرة دونالد ترامب؛ لأننا مع إيقاف هذه الحرب.
ما الخطط العاجلة لديكم لضمان وصول المساعدات للمناطق المتضررة خلال فترة الهدنة؟
نحن نتعاون مع كل الجهات الإنسانية، ومع منظمات المجتمع المدني، ومن جهتنا نوفر لهم كل الحماية وكل الرعاية، وكل ما يمكن تسهيله، وإذا توقفت الحرب، فسنسهم بكل ما بوسعنا لضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى المناطق المتضررة خلال هذه الفترة؛ لأننا أدرى بهذه المناطق، لا سيما المناطق التي نحن نسيطر عليها.
وبكل تأكيد ستكون مساهمتنا كبيرة، وسنكون عوناً لكل المنظمات الإنسانية التي تسعى لمساعدة الشعب السوداني المتضرر.
من هي الجهة التي تفضلون أن تشرف على هذه المهمة؟
نحن مع أي جهة محايدة نضمن نزاهتها، سواء كانت الأمم المتحدة أو الولايات المتحدة أو الاتحاد الأفريقي، نحن نرحب بها، فالجهة التي ستشرف على الوضع، نتمنى حياديتها وألا تكون من الدول التي تدعم الحرب وتقف في صف الطرف الآخر.
ونحن نعلم أن هناك عدداً كبيراً من الدول التي ليست محايدة في هذه الحرب، ومن ثم لا يمكن إحضار جهة تكون خصماً وفي الوقت نفسه حكماً.
في حال رفضت قوات بورتسودان الهدنة، ما خطتكم لمنع انهيار المسار الإنساني؟
نحن نسعى بكل ما نملك من جهتنا ومعنا شركاؤنا المعنيون بإيقاف هذه الحرب والسلام في السودان، وحتى الرباعية إذا أرادت أن تمد يدها للمساهمة، فنحن سنقف معها، وكذلك بالنسبة للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
نحن نسعى جاهدين بأن يكوّنوا آلية ضغط على الجهات التي ترفض إيقاف هذه الحرب، حتى لا تنهار الهدنة؛ لأن انهيارها يعني المزيد من معاناة الشعب السوداني، والمزيد من الموت والدمار؛ فالشعب السوداني الذي يموت جوعاً، لا يقل عن الذين يموتون بسبب الحرب ونيرانها.
هل تعتبرون إعلان الهدنة بداية لمرحلة سياسية جديدة، أم مجرد اختبار لمدى التزام الطرف الآخر؟
إعلان الهدنة قابل لأن يكون بداية لمرحلة سياسية مقبلة في حال نجاح الهدنة لمدة ثلاثة أشهر وتم إيقاف إطلاق النار تماماً حينها من الممكن أن تمهد لعمل سياسي يُفضي إلى سلام، ويعالج جذور الأزمة السودانية التي لازمت السودان منذ الاستقلال.
ما رؤيتكم للحل النهائي للنزاع؟
رؤيتنا للحل النهائي تكمن في معالجة جذور الأزمة السودانية؛ لأن السودان منذ أن استقل لم يسلم من الحروب الداخلية التي خاضها "الجيش السوداني" ضد أبناء بلده، وهو الذي أفقدنا جزءاً عزيزاً من الوطن وهو جنوب السودان، وهناك حروب في جبال النوبة ودارفور.
وطيلة الخمسين عاماً والسودان لم يسلم من الحروب والنزاعات القبلية، ومن ثم رؤيتنا للحل النهائي تتعلق بمعالجة أسس الأزمة، وعدم تسييس وأدلجة القوات المسلحة؛ إذ يجب تشكيل قوات نظامية يكون همّها الأول حماية البلاد وصون الدستور، وليس الأنظمة السياسية والأيديولوجيات.