وصف محللون سياسيون زيارات مسؤولين إيرانيين من "الصف الأول" إلى بيروت بشكل مكثف خلال الأيام الأخيرة، بأنها تمثل "تسلم طهران دفة القيادة عسكرياً وسياسياً في لبنان".
وأشاروا، في تصريحات لـ"إرم نيوز"، إلى أن هذه الزيارات، التي تصدرتها زيارة وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، ورئيس مجلس الشورى محمد باقر قاليباف، هي إعلان رسمي لعودة القرار الخاص باستمرار لبنان كجبهة حرب إقليمية مع إسرائيل.
وأضافوا أنها تكرس منع انتخاب رئيس جمهورية للبلاد أو نشر الجيش اللبناني وممارسة صلاحياته، بعد انطلاق مساعٍ في الفترة الأخيرة من قوى سياسية لبنانية لإعادة مؤسسات الدولة.
ولفتوا إلى أن هذه الزيارات تأكيد على استكمال هيمنة طهران على الساحة اللبنانية، بالتزامن مع انتقال قادة عسكريين إيرانيين، خلال الفترة الأخيرة، لتولي قيادة الميدان العسكري لـ"حزب الله".
المحلل السياسي علي حمادة، أكد أن الهدف من زيارات مسؤولين إيرانيين إلى بيروت بهذا المستوى، هو تسلم طهران دفة القيادة لإدارة المرحلة واتخاذ القرار الأعلى في لبنان، من خلال قيادة "حزب الله" الذي فقد هيكله التنظيمي القيادي خلال الأسابيع الأخيرة، وذلك بغرض مواصلة القتال مع إسرائيل من خلال لبنان.
وبين حمادة أن حضور وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إلى بيروت، كان ترتيباً أولياً، لكن مجيء رئيس مجلس الشورى محمد باقر قاليباف هو بمثابة زيارة حرب، تحدث فيها صراحة أمام المسؤولين اللبنانيين، عن القتال والمقاومة وأن الحرب مع إسرائيل مازالت في بداياتها.
وأوضح حمادة أن هذا إعلان بأن "الإيراني" هو الذي يدير الدفة ويتخذ القرار بالذهاب إلى النهاية مع الإسرائيليين.
وشدد حمادة على أن إيران عادت ودخلت بقوة إلى المسرح اللبناني بعد أن جرى ضرب القيادة العليا لـ"حزب الله" في الضاحية الجنوبية، واغتيال الأمين العام حسن نصر الله، ومجمل قيادات الصف الأول.
وذكر أنه عبر هذه الزيارات، كان الإعلان الرسمي لهذه العودة والهيمنة بالتزامن مع انتقال قادة عسكريين إيرانيين، خلال الفترة الأخيرة، لتولي قيادة الميدان العسكري لـ"حزب الله".
وأشار حمادة، في هذا السياق، إلى أن هناك معلومات بأن عدداً من قادة "فيلق القدس" باتوا يديرون المعارك من الناحية الاستراتيجية وليس التكتيكية، أي أن القرار بات في يد "فيلق القدس" بعد أن شطبت طهران القيادة العليا الممثلة في الصف الأول بـ"حزب الله" من المعادلة، عقب سلسلة الاستهدافات والاغتيالات التي تعرضت لها من جانب إسرائيل.
وتابع أن قرار التصعيد على المدن الإسرائيلية واستخدام أنواع جديدة من الأسلحة، هو عنوان عمل القيادة الاستراتيجية الجديدة، وذلك كله بإمرة طهران.
وقال حمادة إن اللبنانيين وقعوا في نار المواجهة ما بين إسرائيل التي تريد أن يدفع "حزب الله" وبيئته الثمن الغالي على قرار مباشرة الحرب، وإيران التي تسعى إلى أن تسدد تل أبيب ثمن السعي لشطب أهم أذرعها، "حزب الله"، من المعادلة.
ومن جهته قال الباحث السياسي اللبناني، شاكر داموني، إن الزيارات المتعددة لمسؤولين إيرانيين إلى بيروت مؤخراً، حملت صفة تقسيم أدوار بهدف إعادة صياغة الوضع العسكري والسياسي والاستراتيجي لـ"حزب الله" وعدم خروج لبنان من هيمنة إيران، وإعادة تقييم المرحلة السابقة، والوقوف على ما هو مطلوب لعدم انفلات التنظيم الأهم والأكبر لإيران.
وذكر داموني أن قاليباف، الذي جاء إلى بيروت في مشهد قيادته للطائرة، أعلن عن شكل المرحلة التي استقرت عليها طهران في لبنان للفترة المقبلة، بأن تظل جبهة عسكرية لها وألا يتم التراجع عن أن يظل لبنان ساحة إقليمية في مواجهة إسرائيل.
وأضاف أن هناك إعادة صياغة في شكل القيادة والتعامل الميداني والعسكري، والاحتياجات التسليحية كافة، وكذلك المالية.
واستكمل داموني بالقول إن عراقجي وضع محاذير سياسية مع الحلفاء في الداخل، الممثلين في المجمع السياسي الذي يضم الثنائي الشيعي، "حزب الله" وحركة أمل، لعرقلة موجات انتخاب رئيس للجمهورية أو أن يكون هناك أي دور للجيش اللبناني على الأرض، والعمل على التجميد السياسي في لبنان.
وأردف أن من الواضح أن هناك عناوين رئيسة وضعت من طهران في ما يتعلق بمنع انتخاب رئيس للجمهورية وحصول الجيش اللبناني على دوره وصلاحياته، وهو ما ظهر بمجرد زيارة عراقجي.
وأوضح أن هناك صوتاً واحداَ يبث إشعارات "تخوين" لكل من يتحدث أو يسعى أو يروج لانتخاب رئيس للجمهورية أو انتشار الجيش، ويتم إلحاق تهمة العمالة لإسرائيل بأي صوت يخرج بهذه النقاط داخل لبنان.