كشف تقرير حديث أن نحو ثلث السكان المقيمين في ليبيا هم مهاجرون غير نظاميين، مما أثار قلقاً بالغاً لدى الحكومات الأوروبية من احتمال وصولهم إلى سواحلها في حال انهيار اتفاقيات الهجرة بين طرابلس وبروكسل.
وتحدث وزير الداخلية في حكومة الوحدة الوطنية الموقتة في طرابلس، عماد الطرابلسي، عبر صفحة الوزارة على "فيسبوك"، عن وجود أكثر من 3 ملايين مهاجر غير نظامي في ليبيا، مشيراً إلى أن هذا الرقم يعد "مرعباً"، ما يضع البلاد في مواجهة تحديات كبيرة من تدفقات الهجرة غير النظامية، ويؤثر سلباً على المواطن الليبي في قطاعات حيوية مثل الغذاء والصحة.
وأضاف الطرابلسي أن زيادة أعداد المهاجرين في ليبيا تضع عبئاً ضخماً على الحكومة التي تعاني من صعوبة في تحمل تكاليف ترحيل المهاجرين، خصوصاً الذين يتم إلقاء القبض عليهم أو تحريرهم من شبكات الاتجار بالبشر.
وفي هذا السياق، أكدت الوزارة أنها تدرس عقد مؤتمر دولي بعد شهر رمضان للحصول على دعم في ملف العودة الطوعية للاجئين.
كما أشار الطرابلسي إلى أن الوضع السياسي الراهن في ليبيا، فضلاً عن غياب حكومة موحدة، ساعد في ازدهار شبكات الاتجار بالبشر والهجرة غير النظامية، مما جعل البلاد تتحول إلى معبر رئيس للهجرة غير الشرعية نحو أوروبا عبر "قوارب الموت".
واعتبر الباحث في قضايا المهاجرين، طارق لملوم في حديث لـ"إرم نيوز"، أن الرقم الذي ذكره الطرابلسي يعتبر مرعباً، لكنه لم يستغربه نظراً للعديد من المقابر الجماعية التي يتم اكتشافها بشكل أسبوعي في الأراضي الليبية.
ووفقاً للملوم، فإن تصاعد أعداد المهاجرين مرتبط بعجز الدولة الكبير في مواجهة الاتجار بالبشر، مشيراً إلى أن هذا الوضع برعاية بعض الجهات النافذة، وفق تعبيره.
واعتبر أن تصريحات الطرابلسي قد تكون محاولة لاستفزاز إيطاليا للحصول على دعم أوروبي في مسألة ترحيل اللاجئين، أو الضحايا الذين يتم تحريرهم من مراكز الاتجار بالبشر، مستنكراً عدم التحقيق مع هؤلاء بعد تحريرهم.
من جهته، أكد رئيس المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، أحمد حمزة، أن شبكات الاتجار بالبشر منتشرة على نطاق واسع في ليبيا، خاصة على حدود الدول المجاورة والساحل الأفريقي، في ظل تنامي الجريمة العابرة للحدود.
وأوضح حمزة أن جهود السلطات المعنية لا تزال تواجه صعوبة في السيطرة على الحدود الطويلة، في وقت تشير تقارير إلى وقوع عمليات بيع للمهاجرين، وابتزاز أسرهم من قبل العصابات، فضلاً عن التعذيب لدفع الفدية.
وفي تطور آخر، سلطت الصحيفة الإيطالية "نيغريسيا" الضوء على ازدهار تجارة الأعضاء غير المشروعة في ليبيا خلال السنوات الأخيرة، مشيرة إلى التحقيقات التي أجرتها الشرطة الكينية بشأن شبكات تستدرج الشباب من مخيمات اللاجئين مثل "داداب"، ثم تنقلهم سراً عبر عدة دول أفريقية إلى ليبيا، حيث ينتهي بهم المطاف في مراكز الاحتجاز.
كما أورد التقرير تفاصيل حول وكالات وهمية تجذب المهاجرين بوعد العمل المربح، ليقعوا في قبضة العصابات المستغلة.
وفي سياق هذه الانتهاكات، تساءل تحقيق استقصائي أجرته شبكة "مهاجر نيوز" الأوروبية عن إمكانية تدخل المحكمة الجنائية الدولية لوقف هذه الانتهاكات الجسيمة بحق المهاجرين وطالبي اللجوء في ليبيا، واتخاذ إجراءات ضد شبكات الإتجار بالبشر التي تتمتع بحالة من الإفلات من العقاب.
من جانبها، أعربت المنظمة الدولية للهجرة عن صدمتها بعد اكتشاف مقبرتين جماعيتين في ليبيا تضم عشرات الجثث، في مشهد مأساوي يعكس المخاطر التي يتعرض لها المهاجرون في رحلاتهم الخطرة. وقالت رئيسة بعثة المنظمة في ليبيا، نيكوليتا جيوردانو، إن فقدان هذه الأرواح يظل تذكيراً مأساوياً بالمخاطر التي يواجهها المهاجرون أثناء بحثهم عن حياة أفضل.
وأشارت المنظمة إلى أن السلطات الليبية ووكالات الأمم المتحدة الشريكة يجب أن تبذل المزيد من الجهود لضمان استرداد الجثث بكرامة، والتعرف على هوية الضحايا، ونقل رفاتهم بشكل لائق، وتقديم الدعم اللازم لعائلاتهم.
وفي الوقت نفسه، أعلنت مديرية الأمن الليبية أن السلطات عثرت على حوالي 50 جثة في مقبرتين جماعيتين في الصحراء جنوب شرقي البلاد، مشيرة إلى أن الضحايا ربما كانوا من المهاجرين غير النظاميين الذين حاولوا عبور الصحراء في طريقهم إلى سواحل ليبيا.