رئيس وزراء أستراليا: الحكومة ستتبنى إصلاحات للقضاء على الكراهية والتطرف
تدخل مفاوضات تشكيل الحكومة العراقية مرحلة حساسة مع تقدّم الحوارات الأولية بين القوى السياسية، في ظل تقارب الأوزان البرلمانية وعودة تموضع المكونات الثلاثة على قاعدة التوافق التي حكمت النظام السياسي منذ العام 2003.
ومع أن هذا التوافق ظلّ بمثابة “الضابط” الرئيسي لتمرير الرئاسات الثلاث، إلا أن التحولات الأخيرة في مواقف بعض القوى، ولا سيما داخل المكوّن السني، أعادت فتح نقاشات أوسع بشأن طبيعة العُرف السياسي وحدود استمراره خلال الدورة المقبلة.
وتؤكد المعطيات الراهنة أن اختيار الرئاسات الثلاث سيظل محكوماً بتفاهمات دقيقة بين المكونات، في وقت تتقدم فيه الكتل الشيعية خطوات أسرع نحو تثبيت موقعها التفاوضي عبر إعلان “الإطار التنسيقي” نفسه كتلة أكبر، مقابل حراك سني – كردي يستهدف الحفاظ على مكاسب ما بعد الانتخابات، وتحديد شكل المشاركة في الحكومة المقبلة.
داخل البيت السني، بدا أن إعلان حزب “تقدم” رغبته بمناقشة موقع رئاسة الجمهورية أحدث اهتزازاً في التفاهمات التقليدية، رغم أن النتائج النهائية لم تمنحه تفوقاً يسمح بفرض تعديل جوهري على توزيع المناصب.
ويمثّل هذا التوجه، وفق مراقبين، محاولة لإعادة توسيع الحضور السياسي السني بالتوازي مع مكاسب المقاعد، لكنه يضع بقية القوى أمام معادلات جديدة تتطلب توافقاً أدقّ للحفاظ على توازنات الحكم.
وفي هذا السياق، قال الباحث السياسي علي السامرائي إن "مخرجات كل دورة انتخابية تمرّ بمرحلة (عنق الزجاجة)، بسبب التجاذبات المتعلقة بالعرف الذي بات يتحكم بإيقاع المشهد السياسي وفق مصالح القوى المتصدّرة".
وأوضح لـ"إرم نيوز" أن "الدعوات لتغيير هذا العرف لا تعبّر إلا عن إرادة حزب واحد هو تقدم، وهو مسار لا يحظى بقبول داخل طيف واسع من الزعامات؛ ما يرجّح أن تعمل تلك القوى على تفكيك الدعم للمقترح، كما جرى في أزمات سابقة حين تم تجاوز مطلب الولاية الثالثة للمالكي بترشيح شخصية بديلة من داخل حزبه".
بالتوازي، تواجه القوى الشيعية تحديات مشابهة، إذ إن التماسك الذي يظهر في بيانات “الإطار التنسيقي” لا يحجب حقيقة التباينات بين شخصياته المؤثرة، سواء تجاه شكل إدارة الدولة أو مساحة القرار الممنوحة لرئيس الوزراء المقبل.
ويضم الإطار نحو 15 شخصية وزعامة سياسية، تتباين مواقفها من الملفات الاقتصادية والمالية والأمنية، فضلاً عن اختلاف مقارباتها للمؤثرات الإقليمية والدولية، لا سيما العلاقات مع واشنطن وطهران.
وتشير التقديرات إلى أن التركيبة الداخلية للإطار قد تسهم في إبطاء حسم اسم رئيس الوزراء، رغم أن إعلان “التنمية والإعمار” تقدّمه بـ46 مقعداً منح رئيس الوزراء المنتهية ولايته محمد شياع السوداني زخماً تفاوضياً.
إلا أن هذا التفوق يصطدم – بحسب خبراء – بمشكلة “الهشاشة العددية”، إذ لا يمتلك السوداني سوى نحو 15 مقعداً صافياً داخل ائتلافه، فيما تتوزع بقية المقاعد على قوى شيعية وسنية متباينة قد تغيّر مواقفها سريعاً وفق مصالحها.
وتنعكس الإشكالية ذاتها على ائتلاف “دولة القانون”، الذي حصل على 30 مقعداً، بينما لا يمتلك المالكي سوى نحو 10 مقاعد صافية، مقابل حضور مؤثر لأحزاب كالفضيلة وكتائب سيد الشهداء داخل الائتلاف.
وفي المقابل، يمتلك كل من “عصائب أهل الحق” (27 مقعداً) ومنظمة “بدر” (21 مقعداً) قدرات تفاوضية أكبر، نتيجة المقاعد المستقلة غير المرتبطة بتحالفات ثانوية.
وإلى جانب التوازنات الداخلية، تبرز تعقيدات إضافية مرتبطة بالشخصيات المدرجة على لوائح الإرهاب والعقوبات الأميركية، وما قد تفرضه هذه المسألة من ضغوط على اختيار رئيس الوزراء الجديد وعلى شكل الكابينة الحكومية، استناداً إلى تحذيرات سابقة من وزارة الخارجية العراقية بشأن الموقف الأميركي.
وفي هذا الإطار، قال المحلل السياسي حسن العامري، إن "آلية اختيار الرئاسات الثلاث أصبحت عرفاً سياسياً غير دستوري، لكنه شكّل أساساً للاستقرار النسبي في توزيع السلطة”.
وأوضح لـ"إرم نيوز" أن "التحولات الأخيرة داخل بعض القوى السنية تؤشر رغبة في إعادة تعريف مواقع النفوذ بما ينسجم مع المتغيرات الانتخابية والإقليمية، لكنها تضع المكونات الأخرى أمام معادلة جديدة يصعب تجاوزها”.
وأضاف أن مطالبة السنة بمنصب رئاسة الجمهورية قد تقود إلى مفاوضات أطول وأكثر تعقيداً؛ لأنها تمسّ التوازن التقليدي، وتستلزم صيغة ترضي جميع الأطراف، بما فيها القوى الشيعية التي تخشى أي اختلال قد يؤثر على تشكيل الحكومة”.
وتقود هذه التحولات – وفق مراقبين - إلى مشهد معقد، تتداخل فيه الحسابات الانتخابية مع إرث الأعراف السياسية، ورغم أن فرص الانسداد تبدو ضعيفة وفق المعطيات الحالية، إلا أن تشكيل الحكومة الجديدة سيحتاج إلى تفاهمات واسعة تتجاوز الإرث التقليدي من دون أن تصطدم بثوابته.