مسيّرة تستهدف سيارة على طريق بلدة مركبا جنوبي لبنان

logo
العالم العربي

بين نهاية المهمة وإعادة التشكيل.. الغموض يلف مصير التحالف الدولي بالعراق

جنود الجيش الأمريكي في العراقالمصدر: الجيش الأمريكي

مع قرب انتهاء شهر سبتمبر/ أيلول 2025، عاد ملف الوجود العسكري الأجنبي في العراق إلى الواجهة، باعتباره الموعد المحدد في الاتفاق المبرم بين بغداد وواشنطن لإنهاء مَهمة التحالف الدولي ضد تنظيم داعش.

وهذا الموعد كان قد حُدد لإنجاز المرحلة الأولى من الانسحاب من قاعدة عين الأسد في الأنبار، على أن يستكمل الانسحاب الأمريكي، في سبتمبر/ أيلول  2026، من قاعدة حرير في أربيل.

لكن المشهد السياسي والأمني في المنطقة ألقى بظلاله على مصير التحالف، وسط غموض بشأن ما إذا كان سينهي وجوده كلياً، أو يعيد تعريف مهماته.

وأوضح الباحث في الشأن السياسي محمد التميمي أن "الحكومة العراقية عندما ذهبت إلى اتفاق الانسحاب مع واشنطن كانت تحاول تحقيق توازن مزدوج؛ من جهة طمأنة الداخل والفصائل المسلحة بجدية إخراج القوات الأجنبية، ومن جهة أخرى الحفاظ على خطوط الدعم الأمني والتدريب والاستخبارات التي يوفرها التحالف".

وأضاف التميمي، لـ"إرم نيوز"، أن "المعادلة اختلفت بعد الحرب الإسرائيلية – الإيرانية، وتجدد المخاوف من عودة نشاط داعش في مناطق غرب العراق، فضلاً عن التوترات في سوريا؛ لذلك فإن التقديرات تميل إلى أن التحالف لن يُحل فعلياً، بل سيبقى بمهام محددة ضمن اتفاقيات ثنائية مع الدول المشاركة، مع احتفاظ واشنطن بوجود عسكري مرن يعاد تموضعه بحسب الحاجة".

مسار الاتفاق وتغيّر الحسابات

في سبتمبر 2024، أُعلن، رسمياً، عن جدول زمني من مرحلتين لانسحاب القوات الأمريكية، يشمل قاعدة عين الأسد أولاً ثم قاعدة حرير، حينها اعتُبر الإعلان إنجازاً سياسيًا للحكومة العراقية، في إطار تهدئة مخاوف إيران وحلفائها في الداخل.

لكن التطورات الإقليمية المتسارعة – وبينها سقوط النظام السوري وتصاعد الهجمات بالطائرات المسيّرة في كردستان – جعلت الالتزام الحرفي بالجدول موضع شك.

ورغم بدء عمليات تسليم أجزاء من قاعدة عين الأسد إلى الجيش العراقي، بقيت القوات الأمريكية تحتفظ بمواقع حساسة داخل القاعدة، مع نقل معدات متطورة إلى معسكرات أصغر أو إلى قاعدة التنف في سوريا، وهي تحركات فسرت على أنها إعادة تموضع أكثر من كونها انسحاباً فعلياً. 

أخبار ذات علاقة

جندي في قاعدة "عين الأسد"

القوات الأمريكية تبدأ الانسحاب من قاعدة "عين الأسد" في العراق

هل يبرم كردستان اتفاقاً خاصاً؟

والتحالف الذي أسس، العام 2014، بمشاركة أكثر من 80 دولة، تراجع دوره تدريجياً مع انحسار داعش، فمعظم الدول المشاركة سحبت قواتها أو أبقت أعداداً رمزية، في حين بقي العمود الفقري للتحالف هو القوات الأمريكية التي يقدر عددها بنحو 2500 جندي.

في المقابل، أكدت الحكومة العراقية أنها ستبرم اتفاقيات ثنائية مع بعض هذه الدول لاستمرار التعاون في مجالات التدريب والتسليح.

وفي إقليم كردستان، أعلن الزعيم الكردي مسعود بارزاني معارضة صريحة لانسحاب القوات الأمريكية، خاصة بعد تعرض أربيل لهجمات متكررة من فصائل مرتبطة بإيران.

ورغم أن حكومة الإقليم لم تُصدر موقفاً رسمياً من الانسحاب المقرر من قاعدة حرير، فإن مؤشرات عدة ترجح سعيها إلى توقيع اتفاق خاص يتيح بقاء الأمريكيين في القاعدة.

أما داخل بغداد، فقد تباينت المواقف؛ فبينما ترفع بعض قوى "الإطار التنسيقي" شعار الالتزام بالاتفاق وإخراج القوات، فإن أطرافًا أخرى داخل الإطار نفسه ترى ضرورة استمرار الوجود الأمريكي، ولو بشكل جزئي، لتجنب فراغ أمني وسياسي قد تستفيد منه الفصائل المسلحة أو تنظيم داعش.

غموض أمريكي

ولم تُصدر إدارة ترامب موقفاً علنياً واضحاً من الاتفاق الذي أُبرم في عهد بايدن، وهو ما فسَّره مختصون بأنه قبول ضمني بالجدول المعلن، مع الإبقاء على مرونة تسمح لواشنطن بإعادة انتشار قواتها بدلاً من الخروج الكامل.

بدوره، أوضح الخبير الأمني عبدالغني الغضبان أن "العمود الفقري للتحالف هو القوات الأمريكية، أما باقي الدول فمشاركاتها رمزية، وبعضها انسحب قبل الاتفاق أصلًا".

وأضاف الغضبان، لـ"إرم نيوز"، أن "انسحاب بعض الدول لا يغير في الموقف، لأن الحكومة العراقية ستبرم اتفاقيات ثنائية تتيح استمرار التعاون، أما بالنسبة للأمريكيين، فإن وجودهم في العراق باقٍ، وما جرى في عين الأسد أو في مطار بغداد لا يعدو كونه انسحابات شكلية، وإعادة تموضع".

أخبار ذات علاقة

قواعد التحالف الدولي في العراق

مصادر عراقية تؤكد انسحاب القوات الأمريكية من بغداد في سبتمبر

وأشار الغضبان إلى أن "الأمريكيين لا يفرطون بقواعدهم في العراق، فهي تشكل جزءاً من استراتيجيتهم الإقليمية، إذ يرتبط بقاؤهم بثلاثة أهداف أساسية، هي: تطويق إيران وتقويض حركتها في المنطقة، وحماية طرق ومصادر الطاقة الحيوية في الشرق الأوسط، وضمان السيطرة على الممرات الاستراتيجية مثل مضيق هرمز".

ولفت إلى أن "الانسحاب الشكلي يهدف إلى امتصاص الضغوط الداخلية في العراق، في حين يُكرّس الوجود الأمريكي عملياً داخل القواعد وفي محيطها، بما يتناسب مع أولويات واشنطن الاستراتيجية".

وتزامناً مع موعد انسحاب قوات التحالف صعّدت واشنطن من خطابها ضد الميليشيات العراقية، وربطت أي تعاون مستقبلي بمسألة ضبط السلاح المنفلت، كما لوحت بفرض عقوبات إضافية على قادة فصائل مؤثرة، في محاولة لاحتواء النفوذ الإيراني المتزايد، ما يعطي صورة واضحة عن رغبة واشنطن بترتيب الوضع الأمني الداخلي قبل الانسحاب بشكل كامل. 

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC