ترامب يعلن أنه سيوجّه "خطابا إلى الأمة" الأربعاء
أثار إعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الاعتراف بدولة فلسطين أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك موجة واسعة من ردود الفعل المحلية والدولية، بين ترحيب ودعم من أحزاب يسارية وشخصيات دبلوماسية، وتحفُّظ ومعارضة من أحزاب يمينية ومتطرفة، إضافة إلى مواقف متباينة من الصحافة الأوروبية.
وفي تعليقها على الخطوة، قالت صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية: "لقد حان الوقت"، في إشارة إلى إعلان ماكرون الذي قوبل بتصفيق ووقوف من الحضور، ودفع عدة دول غربية لاتخاذ خطوات مماثلة، بينما قاطعت الولايات المتحدة وإسرائيل المؤتمر.
من جانبها، رأت صحيفة "لوموند"، أن القرار "يفتح الطريق لإعادة النظر في الإفلات من العقاب الذي تتمتع به إسرائيل منذ عقود"، حيث يثير تساؤلات حول التداعيات العملية لهذه الخطوة الدبلوماسية غير المسبوقة.
أما صحيفة "لكسبريس"، فأشارت إلى أن الدولة الفلسطينية التي اعترف بها ماكرون لا تزال "افتراضية"، مؤكدة أن منحها وجودًا فعليًّا يتطلب جهودًا كبيرة ومعقدة على المستويين السياسي والأمني، معتبرة أن إقامة دولة فلسطينية لا تزال حلمًا بعيدًا عن الواقع.
ورحّب الحزب الاشتراكي وحزب الخضر الفرنسيان بقرار الرئيس إيمانويل ماكرون باعتراف فرنسا بدولة فلسطين، واعتبراها "انتصارًا للقانون الدولي وحقوق الإنسان".
ووصفت قيادة الحزب الاشتراكي يوم 22 سبتمبر بـ"اليوم التاريخي" الذي شرفت فيه فرنسا نفسها عبر هذا الاعتراف، مشيرة إلى أن هذا المطلب كان محور نضال سياسي طويل لدعم حل الدولتين.
مع ذلك، رأى البعض أن القرار غير كافٍ، ودعا الحزب في بيانه إلى "مواصلة الضغط على إسرائيل، ووقف بيع الأسلحة لها".
وصباح الاثنين، رفع عدد من المنتخبين المحليين في إقليم سين-سان-دوني العلم الفلسطيني على واجهة بلدية سان-دوني، بحضور رئيس البلدية الاشتراكي ماتيو هانوتان وأوليفييه فور، السكرتير الأول للحزب، الذي كان قد دعا سابقًا عمداء البلديات لتبني المبادرة نفسها.
بعد خطاب ماكرون أمام الأمم المتحدة، سعى أوليفييه فور إلى تهدئة الجدل، مؤكدًا أن فرنسا تقف خلف هذه الخطوة، وأن الحزب الاشتراكي يطمح منذ عام 1982 إلى تحقيق حل الدولتين.
كما اعتبر حزب اليسار الراديكالي "فرنسا الأبية" بقيادة جون لوك ميلانشون أن الاعتراف "خطوة شجاعة لكن يجب أن تتبعها عقوبات ضد الاستيطان"، مطالبًا أيضًا بإنشاء سفارة فرنسية في فلسطين لترسيخ هذا الاعتراف عمليًّا.
وأبدى عدد من النواب التابعين للأغلبية الرئاسية تحفظهم على الخطوة، كما فعل حزب الجمهوريين وزعيمه برونو ريتايو، الذي قال: "إنه خياره (أي ماكرون)، لكنه ليس خياري"، مشيرًا إلى أن الشروط التي وضعها الرئيس الفرنسي قبل الاعتراف لم تتحقق بعد.
وأوضح ريتايو أن هذه الشروط تشمل تحرير الرهائن الـ48، والقضاء على حركة حماس، واعتماد اعتراف بعض الدول العربية بإسرائيل.
موقف مشابه عبر عنه حزب التجمع الوطني (يمين متطرف)، معتبرًا أن قضية الرهائن نقطة غير قابلة للتفاوض، ورفض أي اعتراف لا يراعي هذا الجانب.
من جانبها، قالت أود سينول، أستاذة العلوم السياسية بجامعة "أيكس سيانس بو"، لـ"إرم نيوز"، إن اعتراف ماكرون بفلسطين "خطوة جريئة لكنها متأخرة"، مشيرة إلى أن فرنسا طالما تباهت بلعب دور الوسيط العادل، لكنها بقيت مترددة أمام الضغوط الأمريكية والإسرائيلية.
وأضافت أن هذا الاعتراف "يعيد لفرنسا زخمها الدبلوماسي في الشرق الأوسط ويضعها في مقدمة الدول الأوروبية القادرة على كسر الجمود السياسي"، مع الإشارة إلى أن باريس "تغامر بعلاقاتها مع واشنطن، لكنها تعزز موقعها في العالم العربي والإسلامي، حيث تراجعت صورتها منذ حرب غزة الأخيرة".
بدوره، رأى ديديه بيلون، الباحث السياسي الفرنسي المختص بشؤون الشرق الأوسط والمدير المساعد في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية والاستراتيجية، أن الاعتراف "ليس موقفًا رمزيًّا فحسب، بل تحول استراتيجي".
وأكد، لـ"إرم نيوز"، أن فرنسا بعثت برسالة مزدوجة: الأولى لإسرائيل بأن الاحتلال لم يعد يحظى بالغطاء الغربي، والثانية للولايات المتحدة بأن زمن التفرد الأمريكي في رسم سياسات الشرق الأوسط قد انتهى.
وأضاف بيلون أن الانقسام الداخلي الفرنسي، مع معارضة اليمين المتطرف وبعض الليبراليين، قد يضعف الاعتراف إذا لم يقترن بسياسات ملموسة مثل دعم المفاوضات أو الضغط لوقف الاستيطان.