قالت صحيفة "لو فيغارو" الفرنسية، إن إدمان حبوب الكبتاغون المخدرة في سوريا تزايد بعد سقوط نظام بشار الأسد رغم جهود الحكومة الجديدة في مكافحة المخدرات.
وتحدثت الصحيفة عن اكتشاف مستودعات ضخمة مليئة بحبوب الكبتاغون في مواقع عسكرية سابقة بالقرب من دمشق، مشيرة إلى استمرار التحديات التي تواجه مكافحة هذا المخدر، حتى بعد مرور فترة على سقوط نظام الأسد".
يحيى ظاهر، صاحب متجر في حي "ركن الدين" بدمشق، أن الأوضاع تغيرت بشكل ملحوظ منذ سقوط النظام، مبينا إلى أن المنطقة كانت تعاني سابقًا من انتشار تجار المخدرات.
وأضاف يحيى، وهو يجلس خلف عداد متجره في الشارع الضيق المؤدي إلى شارع ابن نفيس: "كان الوضع خطيراً، وكنت أغلق متجري مبكراً. ..الآن، الوضع أصبح أكثر أماناً".
وكان حي "ركن الدين"، الذي يقع على سفوح جبل قاسيون، قد تحول إلى مركز لتجارة واستهلاك "الكبتاغون" في عهد بشار الأسد، وفق التقرير.
ويقول يحيى: "كان الحي مثل الغابة للسكان، ولكنها كانت حديقة مثالية لعائلة الأسد".
وكان ماهر الأسد، شقيق الرئيس المعزول، يشرف على إنتاج وتهريب "الكبتاغون"، مستغلًا نفوذه للسيطرة على شبكة مخدرات واسعة بمساندة قواته.
ووفقاً لما ذكره بعض السكان المحليين، فإن العديد من الأكشاك في المنطقة كانت تبيع المخدرات تحت حماية أجهزة الاستخبارات، مما يجعل من الصعب السيطرة على هذه التجارة.
بدوره، أكد أحد المحققين المحليين، أبو أمين، أن "العديد من هذه الأماكن كانت مجرد واجهات، إذ كان النظام يعتقل تجار المخدرات فقط ليعيد بيع المخدرات التي صادرتها قوات الأمن لتجار آخرين من أجل جني المزيد من الأموال".
وأضاف ابو أمين: "كان النظام أيضاً يستخدم أساليب خبيثة لفرض الإدمان على فئات معينة من المجتمع".
وأكد التقرير أن "هدفه كان واضحاً، الحفاظ على السيطرة على السكان من خلال جعل المخدرات متاحة، ولا سيما لشباب المناطق الأكثر فقراً".
وأردفت "لوفيغارو": "بجانب تجارة المخدرات، كانت هناك مشاهد مروعة لشباب يتم تجنيدهم للقتال في صفوف الجيش أو حزب الله، حيث كان يتم تزويدهم بحبوب الكبتاغون، وتُوزع عليهم حزم تحتوي على 50 إلى 70 حبة، ليتم استهلاكها أو بيعها بعد عودتهم من الجبهات".
وفيما يخص العلاج، نقلت الصحيفة عن الدكتور غاندي فرح، مدير مستشفى ابن رشد العام المتخصص في علاج الإدمان، إن "الأعداد الكبيرة من المدمنين تتجاوز بكثير قدرة المستشفى على استيعابهم".
وأضاف فرح: "العدد الكبير من الشباب في حاجة إلى العلاج يتجاوز قدراتنا، ولا يزال الإدمان غير مُعترف به بشكل جاد في سوريا... للأسف، في كثير من الأحيان، كان السجن الخيار الأفضل للعلاج مقارنة بالمستشفى".
وقالت الصحيفة الفرنسية إنه "مع استمرار تفشي المخدرات، بدأت السلطات الجديدة محاولة الحد من هذه الظاهرة من خلال إنشاء مراكز مصالحة وتوعية في بعض الأحياء".
وقال الجنرال بسام، رئيس مجلس المصالحة في ركن الدين، إن جهودهم أسفرت عن انخفاض كبير في نسبة الاستهلاك.
وأضاف: "رصدنا انخفاضاً بنسبة 60-70% في استخدام الكبتاغون في المنطقة... مع عودة الأمل، بدأ الناس يتوقفون عن التعاطي، لكن التحديات لا تزال قائمة".
ووفق الصحيفة، إلا أن بعض سكان المنطقة مثل حمزة يختلفون في تقييمهم للوضع. "لا شيء تغير. بحلول الساعة 8 مساءً، يبدأ التجار في الظهور من جديد، يعرضون عليك الكبتاغون أو الحشيش. مبيعاتهم في تزايد؛ لأنهم لم يعودوا يعانون من مضايقات الشرطة".
وأضافت: "في أماكن أخرى مثل الحفلات الليلية في دمشق، ما زالت حبوب الكبتاغون تجد طريقها إلى أيدي الكثيرين، حيث يتم تداولها بسهولة في أجواء الحفلات والموسيقى".
ويقول أحد المشاركين في هذه الحفلات، رافد: "الجميع هنا يتعاطى الكبتاغون، ولا يوجد نقص في الحبوب. حتى الأسعار بقيت كما هي، بين 50 سنتاً ودولار واحد للحبة..".
وختم التقرير بالقول، إن "أزمة الكبتاغون، بقيت رغم بعض الجهود المبذولة لمحاربتها، تهديداً مستمراً للمجتمع السوري، ولا تزال الحكومة الجديدة تواجه صعوبات كبيرة في القضاء على هذه الآفة، التي تواصل التأثير سلباً على العديد من الأسر والشباب السوري".