logo
العالم العربي

"المناطق العازلة".. سياسة إسرائيلية تمهد لوضع دائم في الضفة الغربية

قوات إسرائيلية في الضفة الغربيةالمصدر: رويترز

كشفت تقارير حقوقية أن إسرائيل كثفت خلال الفترة الأخيرة إصدار أوامر عسكرية مباشرة لوضع اليد على مساحات شاسعة من أراضي الضفة الغربية، خاصة رام الله والبيرة ونابلس.

وذكرت "هيئة مقاومة الجدار والاستيطان" الفلسطينية أنه "بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، أقامت إسرائيل، عبر عدة أوامر عسكرية، 30 منطقة عازلة حتى 26 أكتوبر/ تشرين الأول 2025.

وأوضحت الهيئة، في تقرير لها، أن "إسرائيل تقيم تلك المناطق العازلة حول مجموعة من المستعمرات، بهدف منع وصول المواطنين إلى مساحات شاسعة بحجة الأمر العسكري؛ ما يمهد الطريق إلى سيطرة دائمة عليها في المستقبل".

وكانت الهيئة كشفت، الأحد عن استيلاء إسرائيل على 73 دونماً من أراضي الفلسطينيين في محافظة رام الله والبيرة من خلال 5 أوامر عسكرية تحت مسمى "أوامر وضع يد" جديدة، تهدف إلى فرض وقائع جديدة بحجة الأغراض الأمنية والعسكرية.

وتشير تقارير الهيئة إلى أن إسرائيل كثفت من إصدار أوامر وضع اليد لأغراض عسكرية بمستويات غير مسبوقة في قصدية واضحة للاستيلاء على أكبر مساحة ممكنة من الأراضي الفلسطينية، وما يترتب على هذا النوع من الأوامر من فرض وقائع جديدة على الأرض، لا سيما في إطار عنوان المناطق العازلة حول المستوطنات.

تطهير عرقي

من جهتها، قالت صحيفة "هآرتس" العبرية، في تقرير لها، إنه في الوقت الذي يمنع فيه رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب الضمّ الرسمي للضفة الغربية، يجري على الأرض تطهيرٌ عرقيّ متواصل.

وقالت إنها أجرت تحقيقاً توصلت خلاله إلى أنه تمّ منذ بداية الحرب طرد عشرات التجمعات البدوية من أماكن سكنها، وتحويل مناطق واسعة كانوا يعيشون أو يرعون فيها إلى أماكنٍ لا يجرؤون على الاقتراب منها، فيما ملأت الفراغَ عشراتُ البؤر الاستيطانية العشوائية.

وأضافت الصحيفة أن الهدف واضح من تلك الممارسات والسلوكيات الصادرة عن المستوطنين، وهو تطهير مناطق C من الفلسطينيين، ودفعهم للتوجه نحو المدن في المرحلة الأولى.

واتهمت الصحيفة وزراء اليمين المتطرف في حكومة بنيامين نتنياهو بتوفير الغطاء السياسي والدعم المالي للمستوطنين، خاصة بتسلئيل سموتريتش الذي قالت إنه المسؤول عن الازدهار غير المسبوق للبناء غير القانوني، وعن تقويض ما تبقّى من آليات إنفاذ القانون، وعن إخضاع مؤسسات التخطيط للمصالح الحصرية للمستوطنين.

وشددت على أن الجيش الإسرائيلي هو المسؤولٌ عن التطبيع الكامل لبؤر المستوطنين، فهو لا يمنع إقامتها، ويسمح للجنود بحمايتها، وفي الوقت نفسه لا يوفّر الحماية للفلسطينيين من الهجمات، بل يطردهم ويمنعهم من الوصول إلى أراضيهم.

وأشارت "هآرتس" إلى أن الشرطة الإسرائيلية كذلك لا تقدّم لوائح اتهام، ولا تُجري تحقيقاتٍ جديّة، وتتجاهل أنماطًا واضحة من العنف والطرد، بينما تلصق تهما كاذبة بنشطاء اليسار وبالفلسطينيين.

ورأت أن الإدارة المدنية تنحني أمام سلطة سموتريتش، ولا تُنفّذ القانون بحقّ البناء غير المرخّص أو شقّ الطرق بين البؤر الاستيطانية، وجهاز الشاباك يفشل تماما في كبح هذا الانفلات المتواصل.

وتظهر بيانات الشرطة التي حصلت عليها "هآرتس" أنه في النصف الأول من عام 2025، تم تقديم 427 شكوى حول الجرائم القومية ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية، لكن حوالي ־37% منها فقط كانت تحقيقات مفتوحة.

وخلصت الصحيفة إلى أن التركيز في النقاش العام على مسألة ما إذا كانت الضفة الغربية ستُضمّ رسميا أم لا، يُغفل الواقع القائم على الأرض. والمهمة الحقيقية لكلّ من يطمح إلى رؤية إسرائيل ديمقراطية هي مقاومة التطهير العرقي في الأراضي المحتلّة، وضمان ألّا تتوقّف المطالبة بالتغيير عند حدود الخط الأخضر.

استيطان وطقوس

بالتوازي مع ذلك، أفادت وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا" بأن "قوات إسرائيلية شرعت بتجريف مساحات كبيرة من أراضي الفلسطينيين في محيط جبل جويحان بمنطقة البويرة شرق الخليل، تمهيدا للاستيلاء عليها لصالح توسعه الاستيطاني".

وأشارت إلى أن مجموعة من المستوطنين قامت بحماية من قوات الجيش الإسرائيلي، بنصب بيوت خشبية بهدف السكن على قمة جبل جويحان، منذ عدة سنوات، وتقوم في بعض الأوقات بزيارتها وسط تأدية طقوس تلمودية في المكان".

وحذرت مصادر فلسطينية فيما نقلته عنهم "وفا" من أنه وبالتزامن مع أعمال التجريف هذه بات من الواضح أن الجيش الإسرائيلي يهدف إلى توسيع تلك البؤرة الاستيطانية وإشغالها بالمستوطنين الإسرائيليين.

وتتعرض تلك المنطقة المرتفعة والمشرفة على مساحات واسعة من شرق الخليل، إلى اقتحامات مستمرة من قبل المستعمرين بحماية من قوات الاحتلال، ارتفعت وتيرتها بشكل كبير في الآونة الأخيرة، وفق الوكالة.

وفي مدينة الخليل ذاتها، أقدم مستوطنون، الأحد، على حرث مئات الدونمات من أراضي المواطنين الزراعية في قرية "سكه" وبلدة "بيت عوا" غربي المدينة، تمهيداً للسيطرة والاستيلاء عليها.

وقال رئيس مجلس "سكه" لوكالة "وفا" إن "مستوطنين قدموا من مستوطنة (نجهوت)، هاجموا أراضي المواطنين الزراعية شرق القرية، وقاموا بحراثة أكثر من 500 دونم منها، خلال الأيام القليلة الماضية".

وتقدر مساحة تلك الأراضي التي استولى عليها المستوطنون، بأكثر من 1000 دونم من السهول الخصبة، تمتد ما بين قرية "سكه" وبلدة "بيت عوا"، تعود ملكيتها لعدد كبير من العائلات، وتشكل زراعتها مصدر دخل أساسيا لها.

وأكد أن الأهالي يتواجدون بشكل يومي على أراضيهم، ويتصدون لمحاولات المستعمرين الاستيلاء على تلك الأراضي، داعيا جميع المؤسسات الدولية والمحلية إلى دعم وإسناد الأهالي في صمودهم، وحماية ممتلكاتهم.

ترحيل جماعي

من جهته، قال مهدي دراغمة رئيس مجلس قروي "المالح"، إن مستوطنين سيّجوا مزيداً من الأراضي الزراعية المملوكة للفلسطينيين بوثائق "الطابو" في "خربة الفارسية" بالأغوار الشمالية، تمهيداً للاستيلاء عليها.

ويستعد المواطنون في الأغوار الشمالية لاستقبال موسم زراعي جديد للاستفادة من المحاصيل البعلية، لتوفير جزء من الأعلاف لمواشيهم، ومنذ أشهر سيّج المستعمرون مئات الدونمات من الأراضي الرعوية، في سياسة الضغط المتواصل على السكان للرحيل.

وتشهد مناطق الأغوار الشمالية تصاعدا كبيرا في وتيرة اعتداءات المستوطنين على الفلسطينيين وممتلكاتهم، وتشمل الاعتداءات مهاجمة مساكن المواطنين وترهيبهم والاعتداء عليهم وتدمير ممتلكاتهم، بالإضافة إلى ملاحقتهم في المراعي ومنعهم من دخولها والاعتداء على مواشيهم وسرقتها.

واقتحم مستوطنون عدة تجمعات فلسطينية في الأغوار الشمالية منها خربتا "سمرة" و"مكحول"، وتجولوا بين خيام الفلسطينيين في تلك المناطق؛ ما أثار حالة من الخوف بين الأطفال والنساء، وفق وكالة "وفا".

وهاجمت مجموعات من المستوطنين كذلك، السبت، تجمع عرب "العراعرة" البدوي شرق "جبع" شمال مدينة القدس وقاموا بالاعتداء على المواطنين، وسكبوا مواد مشتعلة على أشجار الزيتون المحاذية للتجمع؛ ما أدى إلى نشوب حريق في أشجار الزيتون المجاورة.

وقال حسن مليحات المشرف العام لمنظمة "البيدر" الحقوقية، في بيان له، إن "إقدام المستوطنين على مهاجمة أهالي عرب العراعرة، يأتي في سياق تكثيف الهجمات ضد الأهالي لدفعهم على الرحيل القسري، تنفيذا لخطط حكومة الاحتلال الرامية إلى تطبيق مخطط E1".

وشدد على أن منطقة عرب العراعرة والتجمعات البدوية الواقعة شرق القدس وشمال شرق القدس يهددها خطر محدق بسبب سياسات الاحتلال الرامية إلى إزالتها؛ ما ينذر بكارثة إنسانية، وفق تعبيره.

استيطان بكل الأشكال

من جهتها، قالت صحيفة "هآرتس" العبرية إن مستوطنين أقاموا بؤرة استيطانية جديدة مكونة من خيمة خضراء واحدة على تلة قريبة من قرية "محماس" شمال القدس.

وقالت إن البؤر الاستيطانية غير القانونية تطوق القرية، لكن القرب غير المعتاد للبؤرة الجديدة منها ومن مجتمع بدوي مجاور، جعل السكان يبيتون ليلتهم قلقين.

بين البؤرة الاستيطانية والقرية يوجد وادٍ مليء بمزارع الزيتون، ومن الشمال تشرف البؤرة على تجمع "محماس" البدوي، الذي يعاني بشكل متكرر من اضطهاد المستوطنين.

وقبل 4 أشهر، قرر الأهالي إخلاء النساء والأطفال خوفا على سلامتهم، وبعد نحو أسبوع من إعادة الأطفال إلى منازلهم، نفذ عشرات المستوطنين اقتحاماً عنيفاً للقرية والمجتمع البدوي، تخللها إطلاق الرصاص الحي.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC