طرح خبراء في الشأن اللبناني والإسرائيلي، محاور تستهدفها تل أبيب، ببث اعترافات القيادي في حزب الله، عماد الدين أمهز، الذي اختطف من شمال لبنان العام الماضي، رغبة إسرائيل في الترويج أن الميليشيا العسكرية، تستغل كل جغرافيا لبنان لصالحها.
وأوضحوا في تصريحات خاصة لـ"إرم نيوز"، أن إسرائيل عبر هذه الاعترافات، تريد أن تعطي رسالة مفادها أن حزب الله مازال لديه الإمكانيات العسكرية الكافية ويمتلك قدرات استراتيجية مهمة، وأن الجيش اللبناني لا يستطيع نزع سلاحه، لتأخذ على أثر ذلك ذريعة، لشن حرب على لبنان.
وأشاروا إلى أن هناك خطوة خطيرة تعمل عليها إسرائيل من خلال نشر تلك الاعترافات، بإعطاء المبرر لنفسها أمام العالم، باستهداف الموانئ اللبنانية والسفن التي ترسو فيها، وصولاً إلى مطار رفيق الحريري.
وكشف الجيش الإسرائيلي مؤخراً وثائق سريَّة نادرة، حول اعترافات عماد أمهز، أمام جهات تحقيق إسرائيلية، حول "البرنامج البحري السرِّي" للميليشيا اللبنانية، والذي كان يشرف عليها بنفسه، الأمين العام السابق حسن نصر الله، قبل عملية اغتياله، بحسب وسائل إعلام عبرية.
ووفقًا لصحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، وما نقلته عن وثائق التحقيقات، كان أمهز، عضوًا بارزًا في وحدة "حزب الله" البحرية بالغة السريَّة، وتمكن سلاح البحرية الإسرائيلي من أسره قبالة سواحل شمال لبنان قبل نحو عام، ليعترف خلال التحقيق معه في إسرائيل بكافة تفاصيل وحدته السريَّة، مشيرًا إلى أنها كانت تابعة بشكل مباشر لنصر الله، وبعده فؤاد شكر، الذي اغتالته إسرائيل هو الآخر، ويديرها حاليًا، المدعو علي عبد الحسن نور الدين.
وكان أمهز في سبتمبر الماضي، على خط سير صفقة تبادل أسرى بين إسرائيل وحزب الله العراقي، بإطلاق سراح الأخير، الباحثة الإسرائيلية الروسية اليزابيث تسوركوف، مقابل أسرى عراقيين ولبنانيين في يد إسرائيل، من بينهم عماد، إلا أن تدخل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بضغوط على الحكومة العراقية، نتج عن خروج الأسيرة، بدون أي مقابل.
وتعاملت تل أبيب مع "أمهز" على أنه "صيد ثمين" وكنز لعدة أهداف أبرزها الوقوف على أدق الطرق التي يستخدمها حزب الله لتهريب السلاح والأموال والتي يبدو أنه كان ضالعًا فيها أيضًا.
ويرى الباحث في الشأن الإسرائيلي، الدكتور نزار نزال، أنه مع مرور عام تقريباً على تسلل قوات إسرائيلية خاصة إلى شمال لبنان وخطف القيادي في حزب الله، عماد أمهز، فإن هناك 3 دلالات مهمة، لما عرض من جانب المؤسسة الأمنية الإسرائيلية "الشاباك".
وقال نزال لـ"إرم نيوز"، إن في صدارة دلالات عرض إسرائيل مقطع لـ"أمهز"، أن تل أبيب تريد أن تروج أمام العالم أن حزب الله يستغل كل جغرافيا لبنان لصالحه وأن القضية ليست متعلقة فقط بترسانته أو سلاحه أو حضوره العسكري في الجنوب.
وبين نزال أن الدلالة الثانية تكمن في أن إسرائيل تريد أن تعطي رسالة مفادها أن حزب الله ما زال لديه الإمكانيات العسكرية الكافية ويمتلك قدرات استراتيجية مهمة، لا يستطيع الجيش اللبناني أن ينزعها خلال العملية التي يقوم بها حاليًا، وبالتالي يكون التمهيد من خلال هذه النقطة، لعملية عسكرية أو حرب على لبنان.
وأفاد نزال أن الدلالة الثالثة وهي الأخطر، أن إسرائيل من خلال ما جاء على لسان "أمهز"، تريد أن تعطي رسالة وهي أن القضايا المدنية البحرية مع لبنان، هي في الأساس عسكرية وبنى تحتية لحزب الله وبالتالي تبرر لنفسها أمام العالم، استهدافاً مستقبلياً للسفن التجارية التي ترسو في موانئ لبنان، الأمر الذي من الممكن أن يترتب عليه تكوين ذريعة لنفسها وتبرير استهداف كافة الموانئ اللبنانية ومطار بيروت الدولي.
وأوضح نزال أن هذا التوقيت في غاية الأهمية خاصة أن المهلة التي أعطيت للدولة اللبنانية لنزع سلاح حزب الله، قاربت على الانتهاء في ظل وجود رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في 28 و29 خلال هذا الشهر في واشنطن، وذلك بالتزامن مع تجميد تل أبيب الأعمال العسكرية الكبيرة التي ترغب في تحقيقها، لما بعد زيارته إلى الولايات المتحدة ولقائه مع دونالد ترامب.
وخلص نزال أن بالمجمل إسرائيل تهيئ ذاتها لحرب على لبنان من أجل نزع سلاح حزب الله بنفسها والقضاء عليه كلياً.
وبدورها، تؤكد الباحثة السياسية اللبنانية ميساء عبد الخالق، أن بث إسرائيل لاعترافات أمهز، يضع علامات استفهام في وقت تلوح فيه مخاطر حرب ثانية على لبنان مع المخاوف المستمرة حيث إنه مع نهاية هذا العام تنتهي المهلة لحصر السلاح بيد الدولة التي تقوم بواجباتها والجيش ينفذ الخطة الحكومية وهناك إنجازات تحققت في هذا المسار، لكن على ما يبدو هناك عدم رضا أمريكي إسرائيلي، على ما تحقق حتى اللحظة.
وتساءلت عبد الخالق خلال حديثها مع "إرم نيوز"، قائلة :"هل إسرائيل تريد فقط حصر السلاح في يد الدولة أم الذهاب إلى اتفاق تطبيع؟!"، لاسيما أن الموقف الرسمي اللبناني معلن وواضح، بأن تفاوض الميكانيزم ينحصر بالجانب الأمني فقط ولا يرتقي إلى اتفاق سلام أو مفاوضات لمناقشة الشق الاقتصادي.
وقالت عبد الخالق، إن الثابت والمؤكد أن مع ذلك وفي مقابل الدبلوماسية اللبنانية وتعيين مدني في الميكانيزم وهو السفير سيمون كرم، يتواصل التصعيد الإسرائيلي في الميدان، في ظل محاولات التهدئة الدولية والعربية لوقف الاعتداءات وآخرها زيارة رئيس الحكومة المصرية، الدكتور مصطفى مدبولي إلى بيروت، والذي أدان الأفعال الإسرائيلية العدائية وأعلن وقوف بلاده بجوار لبنان.
واستكملت عبد الخالق أن على عادتها إسرائيل عندما تريد القيام بعدوان كبير أو ضربات موجعة تصدر مزاعم، ويندرج في هذا السياق هذه المرة، اعترافات عماد أمهز، مشيرة إلى أن الثابت والمؤكد أن لبنان يتبع المسار الدبلوماسي، لمنع حرب ثانية، مثلما أكد الرئيس العماد جوزيف عون.