كشفت مصادر خاصة عن اتفاق يجري التفاوض عليه بين الإدارة السورية الجديدة في دمشق والإدارة الذاتية الكردية في شمال شرق سوريا، حول مستقبل مدينة عفرين الواقعة شمال سوريا.
وقال مصدر مطلع على طبيعة المباحثات ومجرياتها لـ "إرم نيوز" إن اتفاقًا يجري العمل عليه خلف الأضواء، ضمانًا لنجاحه واستمراره، مشيرًا إلى أنه سيتم وفقًا للاتفاق المرتقب تسليم ملف إدارة مدنية عفرين لأهاليها وسكانها، بينما تتولى قوات الأمن العام مهمة ضبط الأمن، دون أي وجود عسكري للفصائل التابعة لتركيا داخل الأحياء المدنية.
انسحاب "الجيش الوطني"
وذكر المصدر المقرب من "قوات سوريا الديمقراطية - قسد"، أن هذه التطورات تترافق مع انسحاب ملحوظ للفصائل العسكرية التابعة لـ"الجيش الوطني" المدعوم من تركيا إلى خارج المدينة، خاصة إلى ريف حماة، وتسلم عناصر من "قوات الأمن العام" مهام حفظ الأمن داخل المدينة ومحيطها.
وأضاف أن المدينة بدأت تشهد هذه الأيام عودة تدريجية للعائلات الكردية والعربية المهجرة إلى منازلها.
ووفقًا للمصدر، فإن الاتفاق الجاري الإعداد له في عفرين، يستند إلى الآليات ذاتها التي تم اعتمادها في اتفاق حيي الشيخ مقصود والأشرفية بمدينة حلب، الذي أعلن عنه قبل يومين، ويقضي بفرض "الأمن العام" سيطرته الكاملة على الحيين، بالتوازي مع دعم عودة السكان المهجرين واستردادهم لممتلكاتهم.
وتشير المصادر إلى أن الاتفاق المرتقب في عفرين سيتضمن استبدال العناصر السابقين التابعين لفصائل الجيش الوطني كافة، وتسليم المهام الأمنية لقوات من الأمن العام، مدعومة بتفاهمات منسقة بين الإدارة الذاتية والحكومة السورية، وذلك في إطار اتفاق سياسي أوسع تم وضعه بين الرئيس السوري أحمد الشرع وقائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي، وتشرف على تنفيذه لجان مشتركة من الطرفين.
ولفت المصدر إلى أن تنفيذ الاتفاق لن يخلو من العقبات التي قد تضعها الفصائل، خاصة فصيل "أحرار الشرقية" المتشدد الذي يرفض الخروج من مواقعه في ناحية معبطلي التابعة لعفرين.
تجربة سابقة
وأعلن في محافظة حلب، مساء الثلاثاء الماضي، عن اتفاق بين مجلس حيي الأشرفية والشيخ مقصود، وممثلي لجنة الرئاسة السورية، في سياق تطبيق بنود الاتفاق، الموقع مع قوات سوريا الديمقراطية، بين الرئيس أحمد الشرع ومظلوم عبدي في العاشر من الشهر المنصرم.
وتوصلت لجنة مكلفة من رئاسة الجمهورية العربية السورية و"المجلس المدني لحيي شيخ مقصود والأشرفية" إلى اتفاق لتسوية أوضاع الحيين في مدينة حلب، حيث أكّد الاتفاق، المؤلف من 14 بندًا، انسحاب القوات العسكرية في الحيين بأسلحتها إلى منطقة شمال شرقي سوريا، وحظر المظاهر المسلحة في الحيين، وحكر السلاح بيد قوات الأمن الداخلي، التابعة لوزارة الداخلية، على أن تتحمل الأخيرة مسؤولية حماية سكان الحيين ومنع أي اعتداءات أو تعرض بحقّهم.
وتضمن الاتفاق، بحسب مصادر إعلامية، إقامة مركز أمني تابع لوزارة الداخلية السورية، والإبقاء على الحواجز الرئيسة، تحت إشراف الأمن الداخلي التابع للوزارة.
وسيعود حيا الشيخ مقصود والأشرفية ذات الغالبية الكردية إلى مجلس مدينة حلب، إداريًا، مع حماية واحترام الخصوصية الاجتماعية والثقافية لقاطني هذين الحيين لتعزيز التعايش السلمي، وفقًا للاتفاق.
وتعد مدينة عفرين واحدة من أهم المدن ذات الغالبية الكردية في سوريا، وذات رمزية تاريخية كبيرة بالنسبة للأكراد، باعتبارها مركزًا ثقافيًا واقتصاديًا واجتماعيًا حيويًا.
وشهدت المدينة معارك عنيفة منذ العام 2018، عقب السيطرة التركية عليها ضمن عملية "غصن الزيتون"، والتي أدت إلى تهجير واسع للسكان الأصليين، وتوطين عائلات من مناطق أخرى محلهم، ما خلق توترًا مجتمعيًا ظل يتفاقم على مدى السنوات الماضية.