مسيّرة تستهدف سيارة على طريق بلدة مركبا جنوبي لبنان
عاد اسم رئيس الوزراء العراقي السابق مصطفى الكاظمي إلى الواجهة بشكل لافت بعد غياب دام نحو عامين، وسط موجة متصاعدة من التكهنات بشأن احتمال ترشيحه لقيادة الحكومة المقبلة، في ظل تعقد حظوظ عدد من المرشحين التقليديين داخل "الإطار التنسيقي"، وتزايد الضغوط الدولية على بغداد لضبط توازن علاقتها مع واشنطن وطهران خلال المرحلة المقبلة.
وبينما تُبقي القوى الشيعية خياراتها مفتوحة، يتداول سياسيون ونواب اسم الكاظمي إلى جانب شخصيات بارزة أخرى مثل وزير الداخلية عبد الأمير الشمري، ورئيس جهاز المخابرات حميد الشطري، إضافة إلى أسماء مدنية وأمنية يجري اختبار قابليتها لتولي المهمة الجديدة.
ويرجع بروز اسم الكاظمي مجدداً، وفق مراقبين، إلى سجله خلال ولايته الأولى، حيث اتخذ مواقف "حازمة" تجاه الفصائل المسلحة، وسعى إلى إعادة بناء جسور العلاقة مع الولايات المتحدة ودول المنطقة، في وقت حاولت فيه بغداد تجنب الانخراط في الصراعات الإقليمية المحتدمة.
ويعتبر محللون أن هذه الخلفية تجعل اسمه قابلاً للتداول كلما اختلّ ميزان التوازن بين العراق والمحيط الدولي.
من جانبه، أكد المحلل السياسي علي فضل الله أن "الحديث المتداول عن ترشيح مصطفى الكاظمي لمنصب رئاسة الوزراء لا يزال في إطار الإثارة الإعلامية، ولم يصدر أي تأكيد رسمي من الإطار التنسيقي أو القوى السياسية".
وأضاف لـ"إرم نيوز" أن "عودة اسم الكاظمي إلى التداول تُعد حالة طبيعية، لكونه شغل منصب رئيس الوزراء سابقاً وما زال يحظى بحضور لدى عدد من القوى السياسية الشيعية، فضلاً عن قبوله لدى بعض القوى الأخرى المشاركة في الحكومة، وتمتعه بمستوى من القبول الأميركي".
وأوضح أن "الإطار التنسيقي يمتلك لجنة مختصة باستقبال المرشحين للمنصب ومناقشة أسمائهم"، مشيراً إلى أن "أي مرشح عادةً يأتي مدعوماً من بعض القوى السياسية الشيعية، وقد يكون الكاظمي أحد تلك الأسماء المطروحة من بعض الأطراف".
وتأتي هذه التطورات في وقت تواجه فيه حكومة محمد شياع السوداني تحدياً متزايداً في ملف العلاقة مع واشنطن، خصوصاً بعد فشل محاولات تحقيق اختراق إيجابي وواضح مع الإدارة الأميركية الجديدة. ويرى محللون أن هذا التعثر يعزز رغبة بعض الأطراف في البحث عن "واجهة وسط" قادرة على التعامل مع الأميركيين دون خسارة الإيرانيين.
وتشير المعطيات إلى أن بعض الفصائل التي كانت على خلاف حاد مع الكاظمي خلال ولايته، باتت تنظر إليه اليوم كـ"خيار مقبول" مقارنة ببدائل أكثر حساسية، خاصة بعد تراجع حضور القوى المدنية وعدم بروز شخصية قادرة على ملء الفراغ.
من جهته، يرى الباحث السياسي محمد التميمي أن "إعادة تداول اسم الكاظمي مؤشر على ضغوط دولية حقيقية، إضافة إلى أزمة بدائل داخلية، خصوصاً أن الفصائل لم تعد مستعدة لخوض مواجهة مباشرة مع واشنطن في مرحلة انتقالية بالغة الحساسية".
وأضاف التميمي لـ"إرم نيوز" أن "واشنطن تبحث عن شخصية تمتلك خبرة في إدارة الملفات الأمنية والمالية، ويمكن الاعتماد عليها لتجاوز الأشهر الأولى من ولاية ترامب"، مشيراً إلى أن "الكاظمي يمتلك شبكة علاقات دولية تساعده في هذا الاتجاه".
وشهدت مدينة دهوك في إقليم كردستان أول لقاء مباشر بين مصطفى الكاظمي ورئيس الوزراء محمد شياع السوداني منذ مغادرة الأول للسلطة، في مشهد حمل رسائل سياسية متضاربة، حيث ظهر الكاظمي متجهماً أثناء المصافحة، على عكس ما اعتاده الجمهور من صوره السابقة.
وتولى الكاظمي رئاسة الوزراء في مايو/أيار 2020، في واحدة من أكثر الفترات حساسية بتاريخ العراق الحديث، عقب استقالة حكومة عادل عبد المهدي وتداعيات احتجاجات تشرين.
وجاء إلى المنصب بوصفه مرشح تسوية يحظى بقبول دولي واسع، وبقدرة على تهدئة الشارع، واعتمدت حكومته على سياسة "موازنة القوى"، محاولاً في عامه الأول إعادة بناء الثقة بين بغداد وواشنطن ودول المنطقة، بالتوازي مع إطلاق حوارات داخلية مع أطراف شيعية وسنية وكردية كانت قلقة من مرحلة ما بعد 2019.