الكرملين: مشاركة الأوروبيين في مفاوضات أوكرانيا "لا تبشّر بالخير"
يواجه الغزيون سيناريوهات صعبة في ملف إعادة إعمار قطاع غزة، وهو الملف الأكثر تعقيدًا من بين جملة ملفات خلفتها الحرب الإسرائيلية على القطاع التي اندلعت عقب هجوم الـ7 من أكتوبر/ تشرين الأول عام 2023.
ويرتبط ملف الإعمار وهو الأكثر إلحاحًا بالنسبة للغزيين الذين يعيش غالبيتهم في خيام بعد تدمير منازلهم، بتصميم إسرائيلي على نزع سلاح حركة حماس وإنهاء حكمها لقطاع غزة، كما يرتبط تمويل الإعمار من الدول المانحة بمسار حل نهائي يقود لاستقرار طويل في القطاع.
وتقدر تكلفة إعادة إعمار قطاع غزة بأكثر من 70 مليار دولار، وفق تقديرات أممية وفلسطينية، وسيحتاج إنجاز الإعمار لفترة تتراوح ما بين 5 إلى 10 سنوات.
ويرى المحلل السياسي هاني العقاد، أن ما يجري من ملفات متعلقة بالحرب في قطاع غزة، يخضع لسياسة "الابتزاز" الإسرائيلية، بما في ذلك ملف إعادة الإعمار.
وقال العقاد لـ"إرم نيوز": "سياسية الابتزاز هي سياسة إسرائيلية قديمة جديدة، وهو ما يستدعي خطوة للوراء من حماس".
وأضاف: "ربما حركة حماس تفكر في التحول لحزب سياسي من أجل الخروج من هذا المأزق، وبالتالي ربما يكون الانخراط في منظمة التحرير الفلسطينية وعلى أن تكون حركة حماس في إطار حزب سياسي وليس حركة مسلحة".
وتابع العقاد: "إذا أصرت حركة حماس على عدم نزع سلاحها، فإن هذا ما تريده إسرائيل التى تسعى لإعمار المنطقة داخل الخط الأصفر، وتبقي هذه المناطق تحت سيطرتها، وتقسيم غزة لجزأين شرقي وغربي".
وقال إن "السكان في غزة لا يستطيعون البقاء في هذه الحالة طويلًا لأنهم في كارثة ومعاناة وعلى حركة حماس أن تدرك هذه المعاناة".
وأضاف: "كان هناك مؤتمر لإعادة الإعمار في القاهرة وتم تأجليه، ويبدو أن هناك عقبات في هذا الملف، وإعادة الإعمار نقطة كبيرة وملف مهم ويجب أن يكون بيد المجموعة العربية والإسلامية وليس بيد إسرائيل، لأنه لو تُرك بيد إسرائيل لن يكون هناك إعمار، وستطول المعاناة على الفلسطينيين وسيواجهون كوراثَ مركبةً ونكباتٍ مركبةً في مواجهة سياسة ومعادلة إسرائيلية في هذا الأمر".
بدوره يرى الكاتب والمحلل السياسي طلال أبوركبة، أن إسرائيل تستخدم ملف الإعمار للضغط على الفلسطينيين، متوقعًا أن تعمل على تأخيره لأطول فترة ممكنة.
وقال لـ"إرم نيوز": "ستعمل إسرائيل على تأخير الإعمار لأكبر فترة ممكنة على اعتبار أن التأخير هو وسيلة ناعمة وبديلة عن الإبادة، بما قد يدفع الفلسطينيين نحو الهجرة وهو الهدف الأساسي للحرب الإسرائيلية في غزة".
وأضاف: "ما فشلت فيه إسرائيل بالنار تحاول تحقيقه من خلال إبطاء ملف الإعمار أو التوظيف السياسي لعملية إعادة الإعمار من أجل دفع الفلسطينيين في اتجاه التهجير الناعم حتى تحوّل حياتهم لجحيم".
وتابع: "الضغوط على إسرائيل فيما يتعلق في الإعمار ضغيفة جدًّا وإسرائيل لديها اشتراطات محددة"، مشيرًا إلى أن كل مرحلة من مراحل اتفاق وقف إطلاق النار لها عقبات خاصة.
وقال المحلل السياسي: "في مرحلة الرهائن لم يتبقَ سوى جثتين وتواجه حركة حماس صعوبة في انتشالهما، والمرحلة الثانية التي تتضمن نزع السلاح تدخل ضمن ملف شائك، وكل تفاصيل الخطة الخاصة بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب ليس لها سقف زمني، ولا آليات واضحة التنفيذ".
وأضاف: "كل قضية تحتاج لسنوات وهو ما يعني أن عملية إعادة الإعمار لن تكون قائمة وستكون في مرحلة ثالثة، وفي ظل عدم وضوح الآليات والأدوات ولا الجهات التي ستنفذها ستكون عملية طويلة".
وأوضح أن "خروج حركة حماس من الحكم والمشهد السياسي ليس مطلبًا أمريكيًّا وإسرائيليًّا فحسب، بل أصبح مطلب العديد من الدول بما في ذلك تلك التي اعترفت بالدولة الفلسطينية، والتي اشترطت الإعمار بعد خروج حماس من المشهد السياسي والحكم".
وقال: "فقدت حركة حماس القدرة على المراوغة ولم يعد لديها أوراق تساوم عليها أو تراهن عليها لضمان دور في المشهد السياسي خلال المرحلة المقبلة".
وقال الفلسطيني أحمد راضي، الذي يقيم في خيمة وسط قطاع غزة إنه "إذا كان خروج حركة حماس من المشهد السياسي هو الثمن لإعمار غزة وعودة الحياة إليها، فنحن مع هذا الخيار. المهم أن تنتهي معاناة الناس وتُعاد الحياة الطبيعية للقطاع".
وشاركته الرأي أم إياد الجرو، وهي نازحة من شمال قطاع غزة إلى وسطه، مضيفة: "نريد أن نعيش كباقي البشر في العالم، في بيوت تؤوينا، لا في خيام لا تَقينا حرّ الصيف ولا برد الشتاء، أيّ حل يضمن لنا إعادة الإعمار والحياة الكريمة، فنحن نؤيده".
لكن تقول الشابة مرام اللوح: "هل هناك أساسًا ضمان أنه في حال خرجت حركة حماس من المشهد السياسي بالكامل أن يتم الإعمار؟ وهل بالفعل حركة حماس هي العائق، أو أن هناك أسبابًا نجهلها وتم تصدير وجود حركة حماس كذريعة؟ نحن في غزة مع أي حل يضمن بشكل حقيقي ومباشر أن يبدأ الإعمار".
وقال الفلسطيني علي صرصور الذي يقيم في مركز إيواء وسط قطاع غزة: "إعادة الإعمار أولوية قصوى حاليًّا، نريد حلًّا، سواء بخروج حركة حماس أو بقائها، المهم أن يُزال الركام، وتُفتح المعابر، وتبدأ عملية إعادة الإعمار لنبدأ من جديد".