عرض الحوثيون أصول بنك تجاري انتقل لمناطق الحكومة اليمنية الشرعية، وقطعتي أرض للرئيس السابق هادي في صنعاء للبيع بمزاد علني، في خطوة يراها مراقبون تشير إلى الأزمة المالية الحادة التي تعانيها الميليشيا المدعومة من إيران.
ونشرت صحيفة "الثورة" الخاضعة للحوثيين إعلانين لمزادين في شارع الستين غرب صنعاء، لمساحة 21 ألف متر مربع، بقيمة تتجاوز 5.58 مليار ريال يمني (10.43 مليون دولار).
وفي العام 2019، كلفت المحكمة الجزائية المتخصصة الخاضعة لسيطرة الحوثيين بصنعاء، النيابة الجزائية، بتنفيذ قرارها بالحجز على أموال الرئيس هادي "العقارية والمنقولة" إلى جانب عدد من المسؤولين، بتهمة "الخيانة والتخابر مع إسرائيل".
وفي ظل تصاعد الخناق الدولي على مصادر تمويل الحوثيين، عقب هجماتهم على ممرات الملاحة الدولية، والعقوبات التي تفرضها واشنطن على العديد من الشركات والكيانات التجارية والأفراد المرتبطة بالميليشيا، وتضاؤل النشاط التجاري في ميناء الحديدة جراء الضربات الأمريكية الإسرائيلية المدمرة، يحاول الحوثيون تعويض خسائرهم المالية عبر عرض الأصول والممتلكات المصادرة للبيع، في تصرف تصفه الحكومة بـ"الانتقامي وغير المشروع قانونيا".
وحذّر خبراء رجال الأعمال والشركات التجارية والمواطنين من التورط في شراء أو بيع أو نقل مليكة لأي من الأصول والعقارات والمنقولات المصادرة من مؤسسات وشركات وبنوك، باعتبار ذلك مخالفة تعرّضهم للعقوبات الدولية.
وقال المحلل الاقتصادي، ماجد الداعري، إن الحوثيين يحاولون الانتقام من البنوك التي نقلت مراكزها إلى عدن، ومن جهات وشخصيات حكومية، واستعادة بعض خسائرهم المالية الكبيرة، جراء تدمير موانئ الحديدة وتحويل البنوك والاستيراد إلى عدن.
وذكر الداعري في حديثه لـ"إرم نيوز"، أن أي جهة تتورط بشراء هذه الأصول والأملاك، "فإنها تضع نفسها أمام دائرة اتهامات خطيرة، باعتبارها تتعامل مع جماعة متمردة غير شرعية ومصنفة دوليا منظمة إرهابية أجنبية، وتساعدها على تمرير جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب، ما يجعلها تحت طائلة العقوبات الدولية الحتمية".
من جهته، يرى الباحث في الشؤون الاقتصادية، وحيد الفودعي، أن التصرف المعلن عنه "يستند إلى سلطة جماعة انقلابية إرهابية مدرجة ومصنفة في قوائم الإرهاب، ويتعلق بأموال مجمدة من قبلها، ترتبط بالحكومة الشرعية، ممثلة بالرئيس السابق وأرض مملوكة لبنك إسلامي".
وأشار إلى أن البنك بعد انتقال مركزه الرئيس من صنعاء الواقعة تحت سيطرة الحوثيين، إلى عاصمة البلاد المؤقتة عدن، "أصبح ملتزما وخاضعا لإطار قانوني ورقابي معترف به دوليا، وهو البنك المركزي اليمني في عدن، بالتالي فإن أي شراء أو سمسرة أو تمويل أو تغطية لهذه الصفقة، لن تنشئ حقا مشروعا للمشتري، بل تجعل أطرافها عرضة لمخاطر جسيمة".
وأكد الفودعي في منشور على "فيسبوك"، أن "شراء أصل مملوك شرعا لبنك خاص، عبر مزاد غير معترف به، يعد تمويها لدعم مباشر للجماعة الإرهابية، يعرّض مرتكبه للعقوبات الدولية والوطنية، ناهيك عن اعتباره تصرفا في أصول عامة/ خاصة خارج القضاء الشرعي المعترف به".
وكانت الميليشيا قد أنشأت في مارس/ آذار من العام 2018، "الحارس القضائي" لتنفيذ الأحكام الصادرة ضد أكثر من 1200 مسؤول وشخصية يمنية مناوئة للحوثيين، ووكلته بإدارة ممتلكاتهم المصادرة، غير أن هذه المهمة تحولت في غضون عدة أشهر، إلى مصدر دخل يُدر ملايين الدولارات، بعد مصادرته ما يزيد عن "38 شركة كبرى ومؤسسة وجامعة ومستشفى في صنعاء"، وفق تقارير حقوقية محلية.
وقال رئيس منظمة "سام" للحقوق والحريات، توفيق الحميدي، إن ما يسميه الحوثيون بـ"الحارس القضائي"، لا يمتّ بصلة لمفهومه في القانون اليمني، بل يتعارض مع الدستور والعهود الدولية التي تحمي الملكية الخاصة في شتى الظروف.
وبيّن الحميدي في حديثه لـ"إرم نيوز"، أن عملية إنشاء هذا الجهاز جاءت كغطاء قانوني زائف لشرعنة النهب المنظم، مضيفا أن الجماعة أعادت هيكلة القضاء وقضت على استقلاليته في مناطق سيطرتها "وفقا لما يخدم نفوذه ويمكّنها من الاستيلاء على مزيد من الممتلكات الخاصة بالشركات والمؤسسات والأفراد".