قضت النيابة العامة في ليبيا بحبس وزير التربية والتعليم المكلّف في حكومة الوحدة الوطنية، علي العابد، ومدير عام مركز المناهج التعليمية، على خلفية قضية فساد كبرى تتعلق بطباعة الكتاب المدرسي، وذلك بعد تقصيرهما في توفير الكتب لأكثر من مليوني تلميذ مع انطلاق العام الدراسي.
وأوضحت النيابة أن التحقيقات كشفت عن مخالفات مالية وإدارية في إجراءات التعاقد على طباعة الكتب؛ ما تسبب في تعطيل تنفيذ خطة الوزارة وإخلالها بواجبها في إتاحة الكتب ضمن استراتيجية التعليم للعام الدراسي 2025–2026.
وأكدت استمرار التحقيقات لمساءلة جميع الأطراف المتورطة وضمان عدم تكرار هذه المخالفات داخل المؤسسات التعليمية.
وبحسب مصادر ليبية، فإن القضية تعود إلى قيام الوزير علي العابد بتكليف شركة محلية تُدعى "البشير للطباعة والنشر" بطباعة وتوريد نحو 15 مليون كتاب مدرسي من إيطاليا بقيمة تقارب 90 مليون دينار ليبي، رغم أن الصفقة الأصلية كانت موزعة على تسع شركات محلية بقيمة إجمالية بلغت 127 مليون دينار.
وفي 29 أكتوبر/تشرين أول، ألغى العابد عقود تلك الشركات وأسند المهمة إلى شركة "البشير"، التي تشير المعلومات إلى أنها تأسست حديثًا برأسمال لا يتجاوز 30 ألف دينار، وتم منحها العقد الجديد بقيمة 129 مليون دينار عبر عطاء مباشر وبموافقة من مصرف ليبيا المركزي الذي منحها استثناءات خاصة.
لكن المصرف المركزي عاد لاحقاً ليصدر قراراً بإيقاف جميع معاملات الشركة، فيما وجّه ديوان المحاسبة الليبي كتاباً رسمياً بفرض الرقابة المصاحبة على عمليات طباعة الكتب.
وفي 30 أكتوبر/ تشرين أول، دافع الوزير العابد عن نفسه في مقابلة مصورة، مؤكدًا أن 70% من الكتب المدرسية قد تم إنجازها، وأن التوزيع مستمر خلال الفترة المقبلة، مشيرا إلى أن شركة "البشير" تتمتع بقدرة مالية كافية لتنفيذ العقد مع الشركة الإيطالية. كما أعلن إعفاء مدير مركز المناهج التعليمية من مهامه وتكليف مساعده بإدارة المركز.
ويشغل العابد حاليا ثلاث حقائب وزارية في حكومة الوحدة الوطنية، هي: وزارات التعليم، والعمل، والخدمة المدنية، بعد تنحي وزراء سابقين متهمين بالفساد أيضا.
وتأتي هذه القضية بعد جدل أثارته تصريحات العابد الأخيرة، حين قال في تسجيل مصور إن "بعض المعلمين يتعاطون المخدرات"، مشيرا إلى أنه وجّه بملء استمارات لتوثيق التاريخ المهني لكل معلم.
وقد أثارت تصريحاته غضب نقابة المعلمين التي طالبت باعتذار رسمي، معتبرة أن الوزير أساء إلى المعلمين بدلًا من معالجة أزمة تأخر الكتب المدرسية.