تواجه "مؤسسة غزة الإنسانية"، وهي مجموعة تأسست بدعم من الولايات المتّحدة لتوزيع مساعدات إغاثية في قطاع غزة، موجة من الشكوك واتهامات بمساعدة إسرائيل في تحقيق أهدافها العسكرية من خلال الالتفاف على الأمم المتحدة واستبعاد الفلسطينيين من عمليات الإغاثة.
وأثارت مشاهد الفوضى التي رافقت بدء توزيع المساعدات جنوب غزة، الثلاثاء، انتقادات واسعة للآلية التي وضعتها إسرائيل، بعد استبعاد وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (أونروا) كليًّا عن الأراضي الفلسطينية.
و"مؤسسة غزة الإنسانية" شركة أمريكية يقع مقرها الرئيس في جنيف بسويسرا، تأسست في فبراير 2025، وتقول إنها تهدف إلى "تخفيف الجوع في قطاع غزة" عبر إيصال المساعدات مع "ضمان عدم وقوعها بأيدي حركة حماس".
وقالت الأمم المتحدة عن هذه المؤسسة إنها "تشتيت للانتباه عما هو مطلوب، مثل: فتح المعابر"، وأكدت اعتراضها على عملها في توزيع المساعدات، وشككت في التزام المؤسسة "بالمبادئ الراسخة في العمل الإنساني، وهي احترام الإنسانية والنزاهة والاستقلالية والحياد".
ولا تملك مؤسسة غزة الإنسانية مكاتب أو ممثلين معروفين في جنيف التي تستضيف مقار منظمات إنسانية دولية.
وأعلن مديرها التنفيذي جيك وود استقالته الأحد الماضي بعدما أدرك أن المنظمة لا تستطيع إنجاز مهمتها "مع الالتزام بالمبادئ الإنسانية والحياد وعدم التحيز والاستقلالية".
وتعود جذور المشروع إلى بدايات حرب غزة في 2023، عندما تم استدعاء مئات الألوف من الجنود الاحتياطيين الإسرائيليين، وتمكن عدد منهم من الوصول إلى مناصب مؤثرة في الحكومة والجيش.
وتشكلت شبكة غير رسمية من مسؤولين وضباط ورجال أعمال متقاربين في التفكير، رأوا أن الحكومة والجيش الإسرائيليين يفتقران إلى استراتيجية طويلة الأمد للتعامل مع غزة، فبادروا إلى وضع خطة بديلة، بحسب تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية.
وتقف خلف المشروع شخصيات إسرائيلية بارزة، أهمها ليران تانكمان، وهو رجل أعمال وضابط سابق في الوحدة 8200 التابعة للجيش الإسرائيلي، وكان وراء الدفع نحو استخدام أنظمة بيومترية في توزيع المساعدات، وكذلك مايكل آيزنبرغ، وهو مستثمر إسرائيلي أمريكي رأى أن نظام المساعدات الأممي "يقوّي حماس ويتطلب تغييرًا جذريًّا".
والاثنين، أعلنت المؤسسة أنها بدأت توزيع "مواد غذائية في شاحنات" على سكان غزة "في مواقع توزيع آمنة" وفق وصفها.
وأنشأت الشركة 4 مراكز توزيع، كل مركز منها مجهز لخدمة نحو 300 ألف شخص؛ ما يعني أنها خططت لتوفير مساعدات لنحو مليون و200 ألف من سكان غزة.
والثلاثاء اندفع آلاف الفلسطينيين باتجاه مركز لتوزيع المساعدات تابع للمنظمة في جنوب قطاع غزة. وقالت "مؤسسة غزة الإنسانية" في بيان إنه في وقت ما الثلاثاء "بلغ عدد الأشخاص في مركز التوزيع حدًّا دفع فريق المؤسسة إلى التراجع للسماح لعدد قليل من سكان غزة بتلقي المساعدات". وشوهد عدد من الفلسطينيين يحمل صناديق فيها مواد غذائية.
وأظهرت صور نشرتها المؤسسة الاثنين تفريغ بعض الشاحنات في موقع مُحاط بسياج معدني، دون أن تُحدد المكان أو عدد المستفدين المحتملين.
ومن جانبه أكد الجيش الإسرائيلي الثلاثاء "بدء العمل في مركزي توزيع تابعين للمؤسسة في تل السلطان وممر موراج في منطقة رفح".
ونشر الجيش خريطة تُظهر مركزًا ثالثًا في منطقة رفح الواقعة جنوب القطاع ومركزًا رابعًا في البريج (وسط).
ووجهت لمؤسسة غزة الانسانية انتقادات ولا سيما حول اختيارها لـ "مواقع توزيع آمنة"، وهو أمر، بحسب منظمات إنسانية أخرى، ينتهك الأعراف لكونه يجبر السكان على التنقل لتلقي المساعدات الحيوية.
ويتساءل منتقدو "مؤسسة غزة الانسانية" عن الجهة التي تحدد مواقع التوزيع هذه، في ظل خطة "غزو" القطاع التي أعلنتها إسرائيل.
وأشارت منظمات غير حكومية، من بينها "أكشن إيد"، إلى أن "المساعدات المستخدمة للتستر على العنف المستمر ليست مساعدات؛ بل هي غطاء إنساني لإخفاء استراتيجية عسكرية للسيطرة ونزع الملكية".
والأسبوع الماضي، دعت منظمة "ترايل إنترناشونال" السويسرية غير الحكومية، إلى فتح تحقيق لمعرفة ما إذا كانت أنشطة مؤسسة غزة الإنسانية مطابقة للقانونين السويسري والدولي؟.
وانتقدت المنظمة اللجوء إلى شركات أمن خاصة مفترضة، معتبرة أن ذلك قد يؤدي إلى "عسكرة المساعدات".