شنت القوات الإسرائيلية حملة "قمع" واسعة ضد أهالي المعتقلين الفلسطينيين الذين أفرج عنهم أمس السبت ضمن المرحلة الخامسة من تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس.
وبحسب وكالة "فرانس برس"، أوضح نادي الأسير الفلسطيني، أن الجيش الإسرائيلي " تعمد" دهم منازل معتقلين متوقع الإفراج عنهم ضمن الصفقة، وقام بـ"الاعتداء على أهاليهم".
وقال رئيس نادي الأسير الفلسطيني، عبد الله الزغاري:"الاحتلال تعمد اقتحام منازل الأسرى المتوقع الإفراج عنهم، والاعتداء على أسرهم وتهديدهم بكلمات نابية لمنعهم من القيام بأي مظاهر للاحتفال".
وأضاف "تم اقتحام منازل مختلف الأسرى المتوقع الإفراج عنهم في مختلف المدن، ومنهم من تلقى اتصالات من الجيش والمخابرات، لكن غالبيتهم تم اقتحام منازلهم والاعتداء على ذوي الأسرى من كبار السن، بشكل يوحي بالكراهية والرغبة في الانتقام".
وأفرجت حركة حماس، السبت، عن 3 رهائن إسرائيليين أمضوا 16 شهرًا محتجزين في قطاع غزة، بينما أفرجت إسرائيل عن 183 معتقلًا فلسطينيًا في خامس عملية تبادل منذ دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ.
وبدأ تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار في 19 يناير/كانون الثاني الماضي، بعد أكثر من 15 شهرًا على اندلاع الحرب المدمّرة في قطاع غزة.
وينص الاتفاق على الإفراج عن رهائن محتجزين في قطاع غزة مقابل معتقلين فلسطينيين في سجون إسرائيل، تزامنًا مع وقف العمليات القتالية.
ويتضمن اتفاق الهدنة ثلاث مراحل، على أن تشمل المرحلة الأولى الممتدة على ستة أسابيع الإفراج عن 33 رهينة محتجزين في قطاع غزة مقابل 1900 معتقل فلسطيني.
وتمت الى الآن أربع عمليات تبادل شملت الإفراج عن 18 رهينة و600 معتقل.
من جانبه، قال الجيش الإسرائيلي إنه "تم تسيير دوريات تحذيرية (في الضفة الغربية المحتلة) لإزالة أعلام حماس و(منع) استعدادات في المنطقة".
وحظرت السلطات الإسرائيلية أي "احتفالات أو مواكب داعمة للإرهاب" بمناسبة عمليات الإفراج هذه.
وفي قرية كوبر شمال رام الله في الضفة الغربية المحتلة، قال رئيس مجلس القرية شوكت البرغوثي، إن "الجيش الإسرائيلي اقتحم القرية بعد منتصف الليل، ودخل منزل الأسير السابق فخري البرغوثي، واعتدى عليه بالضرب ونقل إلى المستشفى".
بدوره، قال فخري البرغوثي البالغ 71 عامًا، في اتصال هاتفي: "دخلوا بعد منتصف الليل وقاموا بتكسير كل شيء وأخذوني إلى غرفة جانبية وانهالوا علي بالضرب قبل أن يخرجوا".
وأضاف "نقلت إلى المستشفى، وتبين أن لدي كسرًا في أحد ضلوعي".
لكن متحدثًا باسم الجيش الإسرائيلي قال: "لسنا على علم بأي حادث من هذا القبيل ينطوي على أعمال عنف خلال الأنشطة الليلية للقوات (الإسرائيلية) في المنطقة".
ومن بين المعتقلين الذين تم الإفراج عنهم السبت ضمن صفقة التبادل، نجله شادي البالغ 47 عامًا، والمعتقل منذ العام 2003 والمحكوم بالسجن 27 عامًا، بتهمة المشاركة في هجمات على أهداف إسرائيلية.
وكان الأب فخري البرغوثي أمضى 33 عامًا في السجون الإسرائيلية، وأطلق سراحه ضمن صفقة التبادل التي أجرتها حركة حماس مع إسرائيل في العام 2011، والتي شملت إطلاق سراح 1027 معتقلًا فلسطينيًا مقابل الجندي الاسرائيلي جلعاد شاليط.
غير أن ما تعرض له فخري لم يمنعه من المشاركة في استقبال نجله شادي، السبت، عند وصول الحافلة التي كانت تقل أكثر من 40 معتقلًا من سجن عوفر إلى رام الله.
ومن بين 183 فلسطينيًا أفرج عنهم السبت، عاد 41 إلى مدينة رام الله بالضفة الغربية، وأُطلق سراح أربعة في القدس الشرقية المحتلة، وأُرسل 131 إلى غزة، وتم ترحيل سبعة إلى مصر.
وفي رام الله، تجمع مئات الأشخاص للقاء المفرج عنهم ولوحوا بالأعلام الفلسطينية وارتدوا الكوفيات، وصفقوا بينما كانت الحافلة التي تقل السجناء تقترب، ثم استقبلوهم بالهتافات.
وأحيط شادي البرغوثي أولًا بطوق من أفراد العائلة وأقاربها قبل أن يحمل على الأكتاف ويتمكن من التحدث إلى الصحفيين.
وقال شادي: "كنا نحلم دائمًا بأن يحصل هذا الامر، وأن يضطر مدير السجن إلى فتح البوابات".
ثم هتف وهو يصافح معارفه "عاشت المقاومة".
وكان أول معتقل نزل من الحافلة جمال الطويل، فتلقفه أحد الأطباء بينما كان آخر يحمل زجاجة الأكسجين الخاصة به، ونقل مباشرة إلى المستشفى.
وأوضح الزغاري أن سبعة من المحررين تم نقلهم إلى المستشفى، مؤكدًا أن "جميع الأسرى الذين تم الإفراج عنهم اليوم يحتاجون إلى الرعاية الطبية والعلاج والفحوصات نتيجة الوحشية التي تعرضوا لها خلال الأشهر الماضية".
ولفت إلى أن "ذلك يشكل جزءًا من سياسة الحكومة الإسرائيلية المتطرفة التي تنتهج القتل البطيء للأسرى داخل السجون".
ووسط الحشد، كان عباس الشرباتي ينتظر مع أقاربه إطلاق سراح ابن عمه ياسر الشرباتي، الذي اعتقل عام 2003.
ياسر البالغ 53 عامًا، كان أبناءه البالغون اليوم رضعًا وقت اعتقاله، وبينهم ابنته المتزوجة البالغة 23 عامًا.
وعلى غرار معظم أسر المعتقلين الفلسطينيين الذين تم الإفراج عنهم، تلقت أسرة ياسر تحذيرًا إسرائيليًا من الاحتفال بعودته.
وقال عباس الشرباتي: "حذرنا الاحتلال من إظهار أي مظاهر احتفالية عند استقبال الأسير، وأبلغنا جميع أفراد عائلتنا وأطفالنا وشبابنا أننا سنتجنب أي احتفالات لضمان سلامة الجميع، ولا نريد أي مشاكل لياسر أو لنا".
وفي وقت سابق، وزع جنود إسرائيليون منشورات في قرى المحررين حذروا فيها باللغة العربية "سنزوركم في كل احتفال بالإفراج عن الأسرى مهما كان، لقد حذرناكم".
وقال والد أحد المعتقلين الذين أفرج عنهم سابقًا، طالبا عدم ذكر اسمه: "وصلت دورية للاحتلال إلى منزلي، وطلبت منا إزالة كافة مظاهر الزينة التي علقناها احتفالًا بتحرير ابني".